نبذة عن عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا الاسبق
الشهيد الذي أذن في تركيا هو الرجل الذي وقف أمام طوفان العلمانية التركية، وسبح ضد التيار وتحدى الجميع، وقدم حياته ثمنا زهيدا ليعيد إسلام تركيا، وهو عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا السابق.
حياة عدنان مندريس
علي عدنان ارتكين مندريس ولد في مدينة إيدين بتركيا عام 1899 .
انضم إلى الحياة السياسية وحزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، ليحمل الفكر العلماني الذي حكم تركيا بعد سقوط الخلافة العثمانية .
بقي مندريس في حزب الشعب الجمهوري وترشح في انتخابات الحزب وبقي فيه حتى انفصل عنه هو وثلاثة من رفاقه في عام 1945.
في عام 1946، قام عدنان ورفاقه بتأسيس الحزب الديمقراطي، وبدأ مندريس مرحلة جديدة ومختلفة من نضاله السياسي لإعادة تركيا إلى مسار الدين الإسلامي الذي نسيته.
نضال عدنان مندريس
بعد تأسيس عدنان مندريس ورفاقه الحزب الديمقراطي، بدأوا في المنافسة مع حزب الشعب الجمهوري الذي كان يسيطر على كافة الحياة السياسية في تركيا.
شارك عدنان مندريس وحزبه في الانتخابات التركية لعام 1946 باستخدام برنامج بسيط وغير معقد، ولكنهم حصلوا على 62 مقعدًا فقط .
عاد عدنان مندريس في الانتخابات التركية لعام 1950 وأحدث صدمة كبرى في تركيا بفوز حزبه الديمقراطي بفارق كبير عن حزب الشعب الجمهوري، حيث حصل حزب مندريس على 318 مقعداً مقابل 32 مقعداً لحزب الشعب الجمهوري .
شكل عدنان مندريس أول حكومة ديمقراطية في تركيا وشغل منصب رئيس الوزراء، وبدأ في تنفيذ برنامجه الذي شمل جعل رفع الأذان في المساجد باللغة العربية، وإدخال الدروس الدينية إلى المدارس العامة، وفتح أول معهد ديني بالإضافة إلى مراكز لتعليم القرآن الكريم.
قام بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة والصناعة وبناء الطرق والجسور والكباري والمدارس والجامعات، وتمكنت حكومته من تطوير الاقتصاد وتقليل معدلات البطالة، وتحررت التجارة وسادت الاستقرار السياسي خلال فترة حكمه.
على الرغم من الإنجازات التي حققها مندريس في إعادة الإسلام إلى تركيا، إلا أنه وضع تركيا في موقع مهم في العالم الغربي، إذ انضمت تركيا في فترة حكمه إلى حلف شمال الأطلسي، وتوطدت العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وساندت مخططاتها في المنطقة وخارجها، بما في ذلك إرسال قوات تركية إلى كوريا.
وضع مندريس تركيا في مواجهة حركة القومية العربية الصاعدة بقيادة جمال عبدالناصر، وفاز الحزب الديمقراطي بالأغلبية المطلقة في انتخابات عام 1954 واستمر مندريس في رئاسة الحكومة، ولكنه لم ينجح في إنقاذ الاقتصاد التركي من التدهور، وخسر جزءا من مقاعده في انتخابات عام 1957.
الإنقلاب العسكري على عدنان ورفاقه
– في نهاية الخمسينيات كانت إجراءات مندريس الداخلية استفزت القوى العلمانية، التي تمكنت من حشد بعض العناصر المعارضة لسياسة الحكومة، فوقعت أحداث شغب ومظاهرات كبيرة في شوارع إسطنبول وأنقرة.
نظم طلاب مدرسة القوات البرية مسيرة صامتة إلى مجلس الشعب في أنقرة، احتجاجًا على سياسة عدنان، وفي 27 مايو 1960، نفذ الجيش التركي الانقلاب العسكري الأول في العهد الجمهوري، وسيطر على الحكم 38 ضابطًا برئاسة الجنرال جمال جورسيل.
تم احتجاز مندريس وجلال بايار، رئيس الجمهورية، وعدد من الوزراء، وبعد تحاكمهم بطريقة مُفترضة، تم إدانة رئيس الجمهورية بالسجن مدى الحياة، في حين صدر حكم الإعدامضد مندريس، وفطين رشدي زورلو، وحسن بلاتقان، وهم وزراء الخارجية والمالية على التوالي.
تمت تهمة مندريس وزملاؤه بنية إقامة دولة دينية في قلب النظام العلماني، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في 17 سبتمبر 1960.
إعادة اعتبار مندريس ورفاقه
– ظل احساس الأتراك أن مندريس ورفيقيه قتلا ظلما، واستمر هذا الإحساس حتى عام 1990 عندما قام الرئيس تورغوت أوزال بإتخاذ قرارا جريئا بإعادة الاعتبار لمندريس ورفاقه .
صدر قانون يرد الاعتبار لعدنان مندريس ورفقائه، حيث أصدر البرلمان التركي القانون رقم 3623 الذي يقضي بإعادة الاعتبار لعدنان مندريس وزملائه الذين أعدموا في نفس القضية، وأصدر مرسوم جمهوري بالقانون في 11 أبريل 1990 .
تم نقل الرفات إلى مقبرة خاصة قامت بها بلدية إسطنبول في منطقة توب كابي على أحد أوسع شوارعها في 17 سبتمبر 1990، وذلك في الذكرى الـ29 لإعدامهم. شارك أوزال نفسه مع أركان الدولة وقادة الجيش ورؤساء الأحزاب وجماهير غفيرة من الشعب في مراسم الدفن .
تم تصفية عدنان مندريس ورفاقه في اليوم التالي بصحف الوطن والديمقراطية، وتم تسمية مطار مدينة إزمير بهذا الاسم، بالإضافة إلى العديد من الشوارع والجامعات والمدارس، بما في ذلك جامعة عدنان مندريس، كتقدير لدوره في الحياة المدنية التركية.