موقعة دير الجماجم في العراق
كان الحكام يعتادون إرسال الولاة الأكثر شدة إلى العراق، نظرا لأنها كانت تسبب الاضطرابات بشكل مستمر خلال عهدي بني أمية والعباسيين، ومن بين الولاة الأكثر شهرة الذين حكموا العراق كان الحجاج بن يوسف الثقفي، والذي اشتهر بشدته وقسوته وحكمه الحازم .
أسباب موقعة دير الجماجم
– قام الحجاج بفتح البلاد المجاورة للعراق، بما في ذلك بلاد السند، وشكل جيشا بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث. ونظرا لقوة جيش المسلمين، قام رتبيل بإرسال طلب للجيش للتوصل إلى صلح بينهما. ولكن ابن الأشعث رفض ذلك، وتقدم في البلاد حتى حقق انتصارات هائلة. بعد ذلك، أرسل ابن الأشعث رسولا إلى الحجاج بن يوسف ليطلب منه أن يتوقف عن القتال ويسعى لإصلاح البلاد التي تم فتحها .
– بعد أن أرسل ابن الأشعث هذا الطلب إلى الحجاج ، رد الحجاج بصورة قاسية حيث أنه رفض هذا الرأي بل إنه تطاول عليه و وصفه بالجبن ، و أمره بمواصلة زحفه حتى لا يتم عزله من القيادة ، و بعد ذلك قام ابن الأشعث بجمع الأمراء ليشاورهم في الأمر ثم أخبرهم بما صدر من الحجاج و أنه لن يطيعه وأن الرأي لهم .
ثورة أهالي العراق
ثار الناس بشدة ضد الحجاج بسبب ما أمر به ابن الأشعث، وأرادوا خلعه من الحكم، ومبايعة عبد الرحمن بن الأشعث ليصبح أميرًا على العراق، وظهرت بعض الآراء حول خلع الخليفة ومبايعة ابن الأشعث للخلافة، ولكن هذا الأمر غير صحيح لأنه كان من اليمن، وكان يجب على الخليفة أن يكون من قبيلة قريش .
أحداث المعركة
خرج الثوار من أهل العراق في ظل جيش ضخم أعده ابن الأشعث لمواجهة الحجاج، وذلك في 10 ذي الحجة من سنة 81 للهجرة، ووقع الطرفان في مواجهة مسلحة، وفي البداية كان الانتصار للثوار مما دفع الحجاج أن يتراجع إلى البصرة حتى يعيد ترتيب أوراقه، ولكن ابن الأشعث لحق به وفر الحجاج من البصرة، فتمكن ابن الأشعث من دخولها ومخاطبة الناس كي يحاربوا الظلم، كما دعاهم لقتال عبد الملك بن مروان نفسه .
– أعاد الحجاج ترتيب جيوشه وعاد لمحاربة ابن الأشعث في البصرة في شهر المحرم من سنة 82 هجريًا ، و دخل الطرفان في معركة أخرى ، و حدثت العديد من الاشتباكات الشديدة التي جعلت ابن الأشعث يفر إلى الكوفة فبايعه أهل الكوفة ، و نتيجة لذلك اضطربت أمور الدولة و تربص أعداء الدولة ببلاد ما وراء النهر .
نتائج المعركة
نتيجة تدهور أحوال البلاد قام الخليفة عبد الملك بن مروان بإرسال رسالة إلى ثوار العراق يخبرهم بأنه سيخلع الحجاج ، وأنه سيولي محمد بن مروان مكانه ، على أن يتولى ابن الاشعث إمارة أي بلد آخر ، و لكن الثوار رفضوا هذه الرسالة ، و ذلك ما دفع الخليفة أن يصر على مواصلة المعركة ، و بعد ذلك قام الحجاج بإعداد خطة قوية للقضاء على ابن الأشعث ، و كان له ذلك ، فقد انتصر الحجاج على ابن الأشعث ، و فر ابن الأشعث هاربًا إلى بلاد الملك رتبيل ، و مات على يد الملك رتبيل و أرسل رأسه إلى الحجاج .