موضوع عن محبة الرسول للانصار
الحب يعني الشعور بالتوجه نحو القلب، سواء كان هذا التوجه نحو شخص ما أو شيء من الأشياء. والمؤمن الصادق هو الذي يعرف من يستحق الحب، ومن يجب أن يكون قلبه ميلا إليه، وما هي الأفعال والأشياء التي يجب أن يجدها في هذا الشخص. فالحب له علامات كثيرة وأسباب متعددة تساعد على نموه وزيادته في قلب المحب. ولا يمكن للشخص أن يشعر بالحب إلا عندما تكون هناك أفعال تساعد على تنميته وزيادته في القلب. فمحبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لنا لا تأتي إلا لأننا نعلم عن خلقه الكريم، تواضعه وعدله. كما أن محبته – صلى الله عليه وسلم – لأي شخص من خلق الله لا تأتي إلا إذا كان الشخص يطيع أمر الله – عز وجل – ويتبع سنة النبي ويجتنب نواهيه. فما بالك إذا كان هذا الشخص، أو هؤلاء الأشخاص الذين جاهدوا في سبيل رفع كلمة الله – عز وجل – فمن المؤكد أنهم سينالون محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وهم الأنصار – رضي الله عنهم .
من هم الأنصار
الأنصار هم الذين نصروا النبي – صلى الله عليه وسلم ، وبايعوه على السمع والطاعة ، وكان لهم الكثير من المواقف المشرفة التي أسهمت في نشر الدعوة الإسلامية ونجاحها على أعدائها ، وسموا الأنصار نصرا لأنهم كانوا مستقبلين للنبي عندما هاجر من مكة إلى المدينة ، وقد ورد في القرآن الكريم أن الذين استقبلوا النبي وآمنوا به يحبون المهاجرين إليهم ولا يجدون في قلوبهم حاجة لما أوتوا ويفضلونهم على أنفسهم ولو كانوا محتاجين، ومن يقنع نفسه بالقليل فإنهم هم المفلحون ، ولذلك فقد حظوا بأعظم شرف في هذه الحياة وهو محبة النبي – صلى الله عليه وسلم – وما لها من قيمة ، وكان بعض هؤلاء الأنصار البارزين الذين تميزوا بمواقفهم الرائعة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – هم: سعد بن عبادة، سعد بن معاذ، أسيد بن خضير، البراء بن معرور، معاذ بن جبل، أنس بن مالك، أسعد بن زرارة، أنس بن النضر، جابر بن عبد الله ووالده عبد الله بن حرام، حسان بن ثاب .
أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في محبة الأنصار
إذا أردنا أن نذكر حديثا يدل على محبة الرسول للأنصار، فسنجد الكثير من الأحاديث التي تدل على ذلك، ومن أشهر هذه الأحاديث وأجملها
- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم – : (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار) متفق عليه، جعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – علامة الإيمان في هذا الحديث هو حب الأنصار، ولم يربط الرسول – صلى الله عليه وسلم – الإيمان إلا بمحبة الناس له، وبالله – عز وجل – وهكذا ربطها في هذا الحديث بحب الأنصار وتفضيلهم وهذا يدل على مكانتهم العظيمة في الدين وحب النبي – صلى الله عليه وسلم – الكبير لهم .
- وقال – صلى الله عليه وسلم – : ( الأَنْصَارُ لاَ يُحِبُّهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ ) وراه البخاري ، هذا الحديث الشريف يدل على عظم مكانة الأنصار في دين الله – عز وجل- وعظم ما قدموه لخدمته ، حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – جعل كل من يحبهم مؤمناً صادقاً ، ولا يمكن أن يدخل النفاق إلي قلبه ، وعلى عكس من لا يحبه فأنه يعتبر من المنافقين الذين يتصفون بأقبح الصفات الذميمة التي لا يمكن لأحد من الناس أن يصف بها إلا ويكون في جهنم والعياذ بالله ، فهذا وأن دل فأنما يدل على أن هؤلاء القوم صدقوا الله وسوله فستحقوا هذه المنزلة العالية ، وهذا الشرف الكبير من الله – عز وجل – .
فتخيل أن محبتهم من محبة الله – عز وجل – ومحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – والأنصار هم من أصول الأوس والخزرج ، وقد تعرضوا للكثير من التعذيب ، والخوف ، والذل والمهانة ، وكان لهم الكثير من المواقف التي تدل على عظم شأنهم ولذلك فقد قال الله – عز وجل – عنهم في كتابه الكريم : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ، وهذا الفضل والشرف لم يناله الكثير من الناس في الإسلام ، أن يمدحهم الله – عز وجل – ورسوله الكريم ، ويوجد العديد من الناس الأجانب الذين أرادوا أن ينتسبوا للأنصار ولهم ذات المكانة التي نالها الأنصار لانتسابهم لهذا الأصل الشريف الكريم
أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار
سبب حب النبي للأنصار واضح ولا يخفى على أحد؛ فمن يعرف القصة كاملة يعلمه، ومن أهم هذه الأسباب
- هم كانوا أول من آمن به واتبعوا سنته الشريفة وجاهدوا معه .
- كانوا الأوائل الذين ساعدوا في دعم الدين في مواجهة الكفار .
- يجب التعامل مع كل من ينتمي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بلطف وتواضع .
- يجب تجنب جميع الأمور التي نهى عنها النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولقد كان لديهم العديد من المواقف الشريفة في هذا الشأن
- أخذوا جميع أوامره على أنها ملزمة ولا يمكن التهاون بها بأي شكل من الأشكال .
- كانوا يتحملون جميع الأذى الجسدي والنفسي الذي كان يسببه لهم المشركونون، وكانوا يواجهون أعداء الدين بشجاعة عالية .
دليل محبة النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار
هذا الموقف هو من أهم مظاهر محبة الأنصار للرسول، ومحبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لهم
هو توزيع الغنائم بعد غزوة حنين حينما قسم النبي – صلى الله عليه وسلم – الحصص وأعطى النصيب الأكبر لقبيلة قريش لتلين قلوبهم نحو الإسلام والدين، فحزن الأنصار وجاء عبد سعد بن عبادة يشتكي للنبي، فجمعهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال لهم: (والله لو شئتم لقلتم وصدقتم: جئتمنا بكذب فصدقناكم، وبوحدة فنصرناكم، وبحاجة فأويناكم وبفقر فسعدناكم، هل وجدتم يا أهل الأنصار في أنفسكم معاناة من الدنيا تجمعون بها أناسا ليدخلوا الإسلام، وكلفتمونا بدعم إسلامكم، ألا ترضون يا أهل الأنصار أن يأخذ الناس الغنم والمال وتعودوا برسول الله إلى أماكنكم، ووالله الذي بيده نفس محمد، لولا الهجرة لكنت أحد الأنصار، ولو سلك الناس طريقا وسلك الأنصار طريقا لاتبعتم طريق الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار”، قال: فبكى الناس حتى أغشي عليهم، وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتقسيمه، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا .