بحوث للطلابتعليم

موضوع حول المال يشتري السعادة

المال لا يجلب السعادة

تتمثل أسباب السعادة في أمور روحية بعيدة كل البعد عن الممتلكات المادية، فالأشياء التي تمتلكها تمنحك المتعة التي تختلف عن السعادة، وهناك فرق كبير بينهما. والحقيقة هي أن أحد أسباب الخلط بينهما هو تشوش الإعلانات التي تختلط فيها أساليب التسويق للمنتجات، وتقع الإنسان في فخ السعادة حيث يشعر أنه إذا اشترى كل الأشياء التي يحلم بها سيكون الأسعد على الإطلاق، ولكن هذه أوهام نابعة من الرغبة في امتلاك ما يعرضه الإعلان، وبالتالي يتم زرع فكرة أن السعادة يمكن شراؤها ويقولون: (تمتع بالسعادة واشتر منتجاتنا) ومن الأسباب التي تجعل كلمة السعادة تعني المال هي وسائل التواصل الاجتماعي والطرق المبهرة لعرض الفخامة التي ارتبطت في عقولنا بالسعادة، وعند النظر إلى العديد من المشاهير الأثرياء ترى أن السيارة ذات الملايين لم تحل مشاكلهم الأسرية، وأن غرفة الملابس الكاملة من جميع الماركات العالمية لا تقلل من شأن الشعور بألم الوحدة عليهم.

هل المال يشتري السعادة

بدون وعي، ستشعر بالسعادة عند الحصول على كل ما يعرض في الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي، ولكن الحقيقة أن جميع تلك الممتلكات تعبر عن شعور بالمتعة. هذا الشعور مرتبط بتفاعل كيميائي في عقلك ينشط ويتلاشى بعد فترة. أما السعادة فهي وعي تعيشه طوال الوقت، ولكي تفهم تعريف السعادة، عليك أولا أن تفهم الفرق بين شعور السعادة والمتعة.

ماهو الفرق بين السعادة والمتعة

  • المتعة الحسية والسعادة الروحية: المتعة هي شيء تمتلكه الآن بعد الشعور بالرغبة في الحصول عليه، مثل التذوق الطعام اللذيذ.
  • شعور المتعة قصير المدى والسعادة طويلة المدى: الهاتف الذي تفرح بامتلاكه الآن لن يشعرك بالرضا بعد عام، ولكن الكرم والعطاء الذي تقدمه للفقراء سيجعلك تشعر بالسعادة كلما ترى تأثيره على الهاتف الذي قدمته له، فالسعادة تأتي من خلال رحلتك نحو تحقيق حلمك، أما المتعة فتأتي في اللحظة التي تحقق فيها حلمك، ولكن المتعة لا تدوم لأنك تعتاد على وجود ما حلمت به، بينما يمكن أن يصبح حلمك الذي تحققته سببا للسعادة كلما تجني ثمار وصولك له، وهذا ينطبق على أي شيء تسعى لتحقيقه، مثل الزواج أو الحصول على شقة أو سيارة.
  • السعادة في داخلك:  مشاعرك اليومية التي تعيش بها، مثل هدية مادية تحمل معاني شعور المتعة بالحصول عليها، تظل مؤثرة لفترة محدودة، لكن تأثير معنى الهدية على نفسك يستمر لفترة أطول في داخلك كلما تذكرت الهدية.
  • المتعة في الأخذ والسعادة في العطاء: يمكنك الاستمتاع بوقتك الخاص عندما تحصل على أي شيء تحبه، أو عندما يفعل شخص ما شيئا يجعلك سعيدا. ومع ذلك، لن تشعر بالسعادة بمفردك، فالسعادة هي شعور يحتاج إلى المشاركة ويعتمد على فعل شيء ما لأحدهم. كلما قدمت خدمة لشخص ما أو أحدثت تأثيرا إيجابيا في العالم من حولك، كالعمل على حماية البيئة والحيوانات أو خدمة كبار السن أو رعاية النباتات، كلما شعرت بمزيد من السعادة.
  • المتعة في امتلاك الأشياء والسعادة لا تتحقق بالممتلكات: تذكر كيف كنت تتمنى الحصول على شيء ما، وبمجرد الحصول عليه، تقلص اهتمامك به بمرور الوقت، مثل الهاتف الذي تحمله الآن. فقارن بين شعورك بالسعادة في اليوم الأول من الحصول عليه وشعورك حوله الآن، وستدرك أن الأموال التي أنفقتها لشراء هذا الشيء لم تجعلك سعيدا.
  • اللذة المفرطة تؤدي إلى الإدمان، وأسباب السعادة ليست إدماناً: وفقا للأبحاث، يؤدي تكرار حدوث ما يمنحك شعورا بالمتعة إلى زيادة إفراز الدوبامين في الجسم، وبمرور الوقت، يقلل من قدرة المستقبلات العصبية على استقبال هذا الهرمون بالكمية التي تنتج، وتحتاج الجسم إلى المزيد من الدوبامين تدريجيا للشعور بنفس درجة المتعة التي يشعر بها الشخص في السابق. لذلك، يضطر الجسم إلى زيادة ما يستمتع به أو البحث عن أسباب أقوى للمتعة، ويؤدي ذلك إلى دورة لا نهاية لها من الإدمان على أي شيء، حتى يصل ببعض المدمنين على المخدرات إلى الموت.
  • مثال على أدمان المتعة: انظر إلى عدد الحقائب التي تحملها في نهاية جولتك التسوق، ولا يجوز لك استخدام ما تشتريه إلا مرة واحدة، لأن ذلك يشكل إدمانا. يمكن أن يكون الإدمان على الشوكولاتة أو ممارسة الرياضة لساعات طويلة، وكذلك الإدمان على العلاقات الضارة، على الرغم من اعتراف الأشخاص الذين يستمرون في تلك العلاقات بأنهم لا يشعرون بالسعادة. يحدث ذلك بسبب ضغوط الحياة والاحتياجات النفسية التي لا تتوفر في تلك العلاقة. ومع ذلك، فإنهم يبقون راضين ومستمرون لتلبية احتياجاتهم النفسية عن طريق الاستمتاع بلحظات مؤقتة من الاهتمام البسيط. ببساطة، فهم مدمنون على وجود تلك الشخصية بسبب المشاعر التي تثيرها لهم، ويدل على إدمانهم هذا القول: (لا أستطيع تخيل الحياة بدونه). ويصعب عليهم مرور حياتهم بدون وجود تلك الشخصية.
  • كلما زادت متعتك قلت سعادتك: السبب يكمن في أن هرمون السعادة السيروتونين، الذي يمكن أن يقلل من إفرازه فقط هو الدوبامين، هرمون المتعة. بمعنى آخر، كلما زاد تركيزك على ما يجعلك تشعر بالمتعة، ينخفض الشعور بالسعادة داخلك بمرور الوقت. والحل هو الحفاظ على التوازن.
  • التوازن بين السعادة والمتعة: التمتع هو الشعور الذي يشعر به الأفراد الأصحاء نفسيا، ويصفها التعريف الصحيح نفسيا لمنظمة الصحة العالمية على أنه لا يعني عدم وجود أمراض نفسية أو مشاكل، بل يتعلق بالقدرة على التمتع بنوعية الحياة، والتوازن بين النواحي النفسية والجسدية والروحية والاجتماعية، ويتضمن التمتع مزيجا من المتعة والسعادة، حيث يوجد توازن بين القيام بما يجعلك تشعر بالمتعة وما يجعلك سعيدا.

ماهي السعادة

إذا كنت ما زلت تربط بين المال والسعادة، فابحث عن فوائد وأضرار المال لتفهم الصورة بشكل كامل، واسأل وابحث في كلام المتخصصين عن إجابة سؤال كيف يمكنني أن أصبح سعيدا، واعرف الفرق بين السعادة والسرور وقم بالتوازن بينهما في حياتك، وتأكد من داخل نفسك ما الذي يجعلك سعيدا، وأظهر الامتنان لله ونفسك والآخرين.

وأستشعر الأمتنان دائماً لكل ما تمتلكه حتى تظل قيمته حية في عينيك وقلبك فيزيد شعرك بالرضا عن حياتك وتستشعر السعادة. احرص على العطاء المستمر بالقول والفعل، احرص على الأنشطة التي تفيد الآخرين، فهذه هي الحياة الهادفة التي تمنح السعادة، تملأ نفسك شعور بالرضا عن نفسك وما تقدمه للعالم من حولك مثل العمل الخيري.

حدد أهدافا واشعر بالسعادة في رحلتك نحو كل هدف، لأن اللحظة التي تصل إليها ستكون متعة قصيرة المدى. وإذا كان هدفك هو تلك اللحظة فقط، فسوف تجد نفسك في سباق مع قائمة من الأهداف لتشعر بالمتعة في تلك اللحظة، ومع مرور الوقت، ستجد نفسك محاطا بقائمة إنجازات ولكن لن تكون سعيدا. الأمر يكمن في أنك تسعى للمتعة اللامتناهية دون وعي، وهذا لن يجلب لك السعادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى