موالي الرسول
عند الحديث عن الموالي، يتبادر إلى الذهن العبيد الذين يعملون في منازل الأغنياء وهم أفراد من الطبقة الفقيرة في المجتمع، ويشتهرون عادة بلون بشرتهم الداكنة. يتعرضون في الغالب لمعاملة غير عادلة من قبل الأغنياء وأصحاب المستوى الاجتماعي الأعلى، ويتعرضون للظلم والاضطهاد، ويبدو أن وجودهم في الحياة ينحصر في خدمة الأثرياء وأصحاب المستويات العليا .
مفهوم الموالي في الإسلام
كان كل ذلك يتم قبل وصول سيد الخلق إلى الكون. تغيرت جميع تلك الأفكار لتجعل الأغنياء والفقراء، والولاة والعبيد، متساوين. كان المساواة والعدل بين البشر من أهم القواعد التي وضعها الدين الإسلامي الحنيف. فلم يفرق بين العرب والأعاجم إلا بالتقوى، ولم يفرق بينهم بناء على الأنساب أو الانتماءات. نادى الدين الإسلامي الحنيف بكل ذلك، وقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتطبيقه العملي عند التعامل مع أتباعه بلطف ومحبة. كانت هذه المحبة واضحة جدا في التعامل مع أتباعه، فكان يتعامل معهم بكل سماحة، ويرجع ذلك إلى أخلاقه الكاملة وصلوات الله عليه وسلم .
من الأمثلة على محبته للموالي وكذلك محبتهم إليه، يذكر موقف سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه وأرضاه، الذي بقي بجوار سيد الخلق قبل بعثته، ولكن عندما علم والد سيدنا زيد بوجوده في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب ليأخذه، وكان يريد أن يأخذ سيدنا زيد، فقال صلوات الله عليه وسلامه لسيدنا زيد بن حارثة: “إن شئت فأقم عندي، وإن شئت فانطلق مع أبي
رد سيدنا زيد بن حارثة بدون تفكير في (1969) أنه سيبقى مع سيد الخلق، كيف لا وهو بجوار الخلق الذين هم أرفق وأحن خلق الله، بل ولو تم توزيع الرحمة التي في قلبه لشملت العالم وفاضت. كيف يمكن للشخص أن يتاح له الفرصة للبقاء بجوار أعلم خلق الله وأشرفهم ويختار شيئا غير ذلك، حتى وإن كان الخيار الآخر هم أهلهم أنفسهم؟ كيف يمكن للشخص أن يتاح له الفرصة للبقاء بجوار أعلم خلق الله وأشرفهم ويتركهم؟ فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرار سيدنا زيد بن حارثة كان فرحا عظيما وقرر أن يتبناه حتى أن البعض كان يناديه بـزيد بن محمد، حتى نهى القرآن الكريم عن ذلك .
حظي الكثيرون بشرف خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعاملة الموالي بحسن، وعدم ارتكاب الظلم أو الاضطهاد ضدهم، وأوصى أيضا بحقوقهم في الطعام والشراب والملبس، وأن يعاملوا الموالي بلطف واحترام في المجالس، دون التقليل من قدرهم ومكانتهم، فهم لهم حقوق مستحقة ولهم واجبات .
من الأحاديث التي تتعلق بالموالي هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث وصى المسلمين بالتعامل بلطف مع الموالي، وقال: “إن أخوانكم هؤلاء تحت يديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون.” هذا الحديث رواه الإمام أحمد، ووصى أيضا بالتصدق والأجر والثواب العظيم لمن يتصدق على الموالي، حيث قال: “ومن أطعم خادمه فله صدقة .
وحرصا على حفظ حقوق الموالي، كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي المسلمين بعدم انتهاك حقوق الموالي، بل نصحهم بإعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، وعلى هذا قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه`
موالي الرسول
كان للنبي صلى الله عليه وسلم العديد من الموالي في العديد من الأوقات، حيث استفادت جميعهن من خدمته وكانت تبقى بجانبه الكريم. كان يسبقه في جلب الموالي وتحريرهم من أصحابهم ليحصلوا على حريتهم. على الرغم من أنهم كانوا أحرارا، إلا أنهم كانوا يرغبون بشدة في خدمة سيد الخلق والبقاء بجواره للتبرك والتروي بقربه. فكيف لا وهو الطبيب لكل قلب حزين. ومن بين هؤلاء الموالي الذين نالوا هذا الشرف العظيم هم الآتي
- أهدت السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها سيدنا زيد بن حارثة، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقائه ليصبح حرًا، إلا أنه فضّل البقاء معه ليخدمه .
- أبو رافع كان المولى الذي قدمه سيدنا العباس رضي الله عنه وأرضاه إلى ابن أخيه، ولم يكن لصلوات الله عليه وسلامه أي تأثير سوى تحريره كحرٍ طليقٍ .
- تعرض ثوبان بن مذحج، وهو مولى، للسبي في العصر الجاهلي، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قام بشرائه وإعتاقه. وكان هذا المولى من الموالي الذين كان لهم الحرية في البقاء مع النبي في المدينة أو العودة إلى أهلهم ووطنهم. وقد اختار البقاء مع النبي بسبب حبه الشديد له، ولم يفارقه في أي من الأمور التي تعرض لها
- بن أبي ضمرة كان من الأسرى في الحروب الجاهلية، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بشرائه وإطلاق سراحه .
- أبو مويهبة هو شخص من مواليد مزينة اشتراه النبي وأعتقه أيضًا .
اخرين خدموا النبي
ويوجد بعض الموالي الذين يدعون أنهم موالين للرسول ولكنهم ليسوا كذلك
- كانت قصة سيدنا سلمان الفارسي – رضي الله عنه وأرضاه – واحدة من القصص المختلفة للموالي. يذكر أن سيدنا سلمان الفارسي كان في طريقه إلى المدينة المنورة مع إحدى القوافل التجارية التابعة لقبيلة بني كلب. وتعرض للبيع من قبل رجل يهودي. عندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعلم بقصة سيدنا سلمان، طلب منه أن يكتب له رسالة، وبالفعل قام بذلك. وقد ساعده النبي وأصحابه الكرام في هذه المراسلة
- كان هذا المولى ممن يخدمون أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها، وقامت بإعتاقه على شرط خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد وافق على ذلك ورحب به بكل حرارة، حتى قال لها: `لقد أحسنت ولم تشترطي علي هذا الشرط، ولن أفارق خدمتك أبدا`
- كان أبو بكرة من الموالي الذين ينتمون إلى جماعة من الرقيق في سور الطائف، وذلك في يوم حصارها، وقام رضي الله عنه بإطلاق سراحهم وإعتاقهم، حتى أنهم كانوا يطلقون عليهم اسم عتقاء الله .
وكان الموالي يصلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الشراء من أجل اعتاق رقابهم وتركهم أحرار ولكي يجنبهم ظلم الغير ، فكان الغرض الأول من شراء أولئك الموالي هو الإعتاق ، وإما عن طريق الهدايا من أصحابه الكرام وكانوا أيضا يعتقون في غالب الأحيان مثل الذين يقوم بشرائهم .