مواضع النفع والضر في القرآن
الفائدة والضرر يأتيان من عند العزيز الجليل لعباده، فمن يكن من عباده، فإن الله لا يضره في شيء ويعينه على تحقيق احتياجاته دائما، ويكون عونا له بسبب طاعته لله واتباعه لهديه. أما من يعصي الله ويتبع غير هديه، فإن الله لا يعينه أبدا ويمتحنه في حياته بالابتلاءات، وربما يكون الضرر الذي يصيبه هو بسبب ابتعاده عن طريق الله العزيز الجليل. وهناك الكثير من الآيات في القرآن الكريم تتحدث عن الضرر الذي يلحق بمن يعصي الله ويتبع هواه، وتذكر أيضا النفع والنعم التي يتلقاها من يطيع ويتبع الله .
آيات النفع والضر بالقرآن
- قال تعالى … قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ . سورة الأعراف – الآية 188
الآية تحث الناس على أن الخير والشر والنفع والضر بيد الله وحده، ولا يعلم الإنسان الغيب، وحتى لو علم أحدهم ما ينتظره في المستقبل من الخير والنفع، لا يستطيع التحكم فيما يحدث وهذا من اختبارات الله لعباده .
- قال تعالى: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، لكل أمة أجل، إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.” سورة يونس، الآية 49
تأتي هذه الآية من أحد الأنبياء الذي يخاطب قومه ويقول لهم إنه غير قادر على نفع نفسه أو إيذائها. ويخبرهم أيضا أن الله هو الذي خلق الأمم والكائنات وأن لكل أمة ميعادها المحدد، ولا يعلم هذا الميعاد إلا الله سبحانه وتعالى. فإذا حان موعد هذا الميعاد المحدد من قبل الله، فإنهم لا يستطيعون تأخيره لحظة واحدة أو التقدم له. إنه ميعاد معين يعلمه الله وحده وهو الذي يعلن عنه .
- قال تعالى: `قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا` (سورة الجن – الآية 21)
هذه الآية صدرت عن أحد أنبياء الله عز وجل، حيث نهاهم عن عبادة غير الله وأكدت أن ذلك يعتبر شركا عظيما بالله. وأن لديهم فقط الطرق التي أمرهم الله بها للرشاد والهداية والصلاح، وأن اتخاذهم آلهة غير الله يجعلهم يضلون عن طريق الله والهداية التي أمر بها نبيه الذي عظمت سبحانه وتعالى. وتنوه لهم بأنه لا يملك ولا يوجد لديه طرق أخرى لهدايتهم إلى الله عز وجل غير تلك التي أمر بها ولا غيرها.
- قال تعالى ” قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ” سورة سبأ – 24
تم ذكر هذه الآية في سورة سبأ بوحي من الله عز وجل لأحد أنبيائه لقومه. يقول لهم إن الخير والشر والنفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، ولا يحق لأحد غيره أن يتدخل في هذه الأمور. يشير أيضا إلى أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، قادر على رزق عباده بوفرة وأيضا قادر على منع الرزق عنهم، فالرزق بيد الله وحده سبحانه وتعالى، وليس بيد أي خلق أو إله آخر غير الله عز وجل .
آيات ذكر فيها النفع مقدما على الضر
- قال تعالى” قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ” ( سورة الأنعام ) 71
يوجه أحد الأنبياء كلامه لقومه الذين ضلوا عن سبيل الله واتخذوا إلها غيره، يذكرهم بأن الله هو الوحيد الذي ينفعهم، وأن النفع والضرر بأيديه وحده، وإذا اتخذوا معبودا غير الله، فإن ذلك لن ينفعهم في شيء سوى أنه سيبعدهم عن طريق الله الذي يهديهم، وأن المعبود الذي يتخذونه من دون الله ليس له القدرة على نفعهم أو ضررهم كما يتوقعون .
- قال تعالى ” قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ” ( سورة الأنبياء ) 66
يذكر أحد الأنبياء عليه السلام لعباده أنهم يتصورون أنه إذا اتخذوا إلها غير الله، سيحظون بالفائدة والخير الذي يرغبون فيه، ولكنه يذكرهم بأن الفائدة والضرر بيد الله وحده، وليس لأي من المخلوقات أو الأصنام التي يتخذونها معبودا سواه .
- قال تعالى ” أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ” ( سورة الشعراء ) 73
يقول سيدنا إبراهيم عليه السلام لقومه الذين يعبدون الأصنام ويتخذونها إلها من دون الله ويتقربون إليها بالقرابين لتحقيق آمالهم ومرادهم، فيقول لهم سيدنا إبراهيم سؤالا هل تنفعكم أو تضركم هذه الأصنام بدون الله؟ فإن النفع والضر في يد الله وحده، هو القادر العزيز الذي يمكنه أن ينفع عباده وأن يضرهم، وليست هذه المخلوقات التي تتخذونها إلها مع الله. فإن الله العزيز القادر قادر على أن ينزل عليهم الضر وأن ينزل عليهم العذاب بسبب أفعالهم وتجاوزهم على الله .
- قال تعالى ” وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ۗ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيرًا ” ( سورة الفرقان ) 55
يقول أحد الأنبياء لقومه الذين أشركوا بالله واتخذوا من دونه معبودات لا تضرهم ولا تنفعهم ، ولكنهم هم يعتقدون أن هذه المعبودات خير من الله جل شأنه لأن هذه المعبودات يشاهدونه بأعينهم وبناءا على ذلك فإن تلك المعبودات لها القدرة الكاملة في أن تحميهم أكثر من الله عزو وجل وتحقق لهم ما يريدون من متاع الحياة الدنيا وغيرها .
- يقول تعالى في سورة البقرة، الآية 61: `أَتَسْتَبْدِلُونَ الذِي هُوَ أَدنَى بِالذِي هُوَ خَيْرٌ`
يثول سيدنا ابراهيم لقومه الذين تركوا عبادة الله وحده سبحانه وتعالى واتخذو من الأصنام معبودات تتركون دين الله الذي سوف ينجيكم في الآخرة من عذاب الله ، وتتركون عبادة الله سبحانه وتعالى التي سوف تهديكم إلى سبيل الرشاد وتتخذون من الأصنام التي هي حجارة لا تعقل شيئا وليس لها القدرة في أن تحميك حتى من أنفسكم تتخذونها هي معبود وتتركو الله عز وجل خلف ظهوركم .
آيات ذكر فيها الضر مقدما على النفع
تذكر العديد من الآيات في القرآن لفظ الضر قبل لفظ النفع، وذلك لأن العبد يعبد الله خوفاً من عقابه ثم طمعاً في رحمته .
- قال تعالى ” قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” ( سورة المائدة ) 76
إذا قررتم التعامل مع شخص غير الله الذي لا يملك القدرة على حماية نفسه ولا يستطيع تحقيق النفع والخير، فمن غير الواضح أن هذا الشخص لن يكون قادراً على تحقيق أي نوع من الفائدة أو الخير لكم .
- قال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ” ( سورة البقرة ) 6
فإن الذين تبعوا سبل غير الله عز وجل، واتخذوا إلهًا غير الله عز وجل، ولم يتخذوا الله عز وجل إلهًا، فإنهم كافرون. وإن الله سبحانه وتعالى، إذا أرسل إليهم الأنبياء والمرسلين، ونذرهم وحذرهم من عقاب الله عز وجل، فإنهم لم يتعظوا، لأنهم يعتقدون أنهم ومعبوداتهم سيحميهم من العذاب .
- قال تعالى: `أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين` (سورة البقرة) 16
إن الذين لا يؤمنون بالله عز وجل ولا يعتبرونه إلها ولا يخافون عقابه الذي سينزل بهم، فلن يحظوا بنصيب من خير الدنيا والآخرة .