من هي كوكب الجزيرة وشادية العرب ” ابتسام لطفي” ؟
الزمن الجميل هو ذلك الفن الذي يأخذنا إلى الحنين للذكريات والأيام الجميلة، فالعودة إلى هذا الزمن لن تكون إلا بالاستماع إلى من يذكرنا به، فأصوات عمالقة الفن العربي من الزمن الجميل مازالت أصواتهم تتلألأ وألحانهم تأسر قلوبنا، ومن بين هذه الأصوات العذبة هي أم كلثوم السعودية “ابتسام لطفي” التي حرمها الله من نعمة البصر ولكنها أبصرت بصوتها العذب فكانت الريحانة التي نمت على سفوح جبال الهدا، وكانت المطر الذي تفوح رائحته رائحة الذكريات الجميلة، حتى أسرت بصوتها قلوب مستمعيها واستطاعت أن تصوب كل أنظار عمالقة الغناء العربي إليها ليصبح صوتها منافس يصوت أسمهان وأم كلثوم وجميع سيدات الطرب العربي، فمن هي ابتسام لطفي؟ ولماذا اختفت عن الأضواء ربع قرن؟
من هي ابتسام لطفي؟
أهمية ابتسام لطفي كمطربة في الوطن العربي في فترة الفن الجميل تكمن في أنها لم تهدف يوما إلى الحصول على الثروة والشهرة أو الاندماج في زمن الفساد والسفالة في زماننا الحالي، وإنما ظلت بصوتها الرائع الذي يحبه الناس من كل الأعمار، وعلى الرغم من إعاقتها البصرية بسبب العمى، إلا أنها تمكنت من استمرار مسيرتها الفنية التي اهتمت بها وأبقت على الفكر والعقلية التي كانت تحملها، ونجحت بصوتها في جذب كبار الشعراء للعمل معها، مثل رياض السنباطي وأحمد رامي وإبراهيم ناجي وغيرهم من عمالقة الشعر العربي في ذلك الوقت، حيث كان صوتها الأكثر نضجا والأفضل بين المطربات العربيات، مما جعلها تحتل مكانة بارزة في عالم الموسيقى العربية لفترة طويلة، وتمكنت من الحفاظ على اللهجة الحجازية التي تحبها الجميع، والتي حافظت عليها بصوتها للحفاظ على أصالة جدة وروح المملكة.
فابتسام لطفي تعتبر تاريخا فنيا استطاعت أن تقدم ما عندها من طرب أصيل، على الرغم من معاناتها في التعامل مع الزمن الجديد ولكنها اتخذت طريق البعد والانطواء حتى غابت تماما عن وسائل الإعلام، وعلى الرغم من ذلك إلا أن صدى صوتها سيظل إلى الأبد، وقد استطاعت أن تتواصل مع محبيها في الخليج والعالم العربي، وعلى الرغم من غيابها إعلاميا إلا أن صوتها ظل يحنو عليهم من خلال حفلاتها الإذاعية وغيرها، فهي كوكب الجزيرة، وشادية العرب، وسيدة الغناء الخليجي.
أسباب تعدم الغناء بعد “ابتسام لطفي
بعد ابتعاد ابتسام لطفي عن الساحة الغنائية والوسط الفني في عام 1988، بعد وفاة والدتها التي كانت الداعمة الأولى لها، أثر رحيلها سلبا على حالتها النفسية. لقد هزت حياتها على المستوى الإنساني والفني، وخلف رحيل سيدة الأغنية السعودية فراغا كبيرا في الجانب الإنساني والفني. تعرضت لضغوط أخرى لم تكشف عنها، مما أبعدتها عن الفن، وحتى الآن لم يتمكن أي صوت من ملء مكانتها. كانت تلقب بـ “أم كلثوم الصغيرة” على حد تعبير الشاعر أحمد رامي. ولكنها عادت بعد غياب دام أكثر من 25 عاما لتفاجئ محبيها بعودتها عبر مشاركتها في حفلة استثنائية على إذاعة صوت الخليج في نوفمبر عام 2013، حيث شارك فيها عدد من نجوم الفن الخليجي، بما في ذلك عبادي الجوهر وعلي عبد الكريم وطلال سلام.
أشهر أعمالها
تُعتبر أغنية “وداع” واحدة من أشهر أعمالها، والتي كتبها الشاعر أحمد رامي ولحنها رياض السنباطي
وحشة العزلة في غياب الحبيب؟!
لماذا يهجر لماذا يسافر؟
كيف يمكنني الراحة والسعادة في الحياة وأنت بعيد،
لأن هذه المسافات التي تفصل بيني وبينك أصبحت تجلبني إلى الوحدة
العلاقة التي كانت بيننا والأيام التي عشناها،
ولكن في لحظة ما، أشعر بالوحدة والعزلة،
هو الذي يقطع الليل بوحشته ولا يستريح إلا بطعم الرقادي..
ردك الله سالما لفؤادي
وطوى بيننا بساط البعادي
كيف يهنأ لي المنام وعيني
ملؤها في نواك طيف السوادي
كنت لي مؤنساً وكنت سميراً
فإذا بي في وحشة وانفرادي
اقطع الليل ساهراً وحراما
ان يذوق المحب طعم الرقادي
أيضاً من المحطات المهمة غناؤها من كلمات الشعراء الكبار إبراهيم ناجي، وطاهر زمخشري والأمير عبدالله الفيصل، والأمير بدر بن عبدالمحسن، وعبدالله الجارالله وفائق عبدالجليل وإبراهيم خفاجي وسعد الخريجي، ونخبة من الملحنين مثل فوزي محسون، وطارق عبدالحكيم، وجميل محمود، وعمر كدرس، ومطلق الذيابي، وسراج عمر وعبدالعظيم محمد.
ابتسام لطفي في سطور
اسمها الحقيقي ”خيرية قربان“ من مواليد 1950 وهي مغنية سعودية من منطقة الحجاز، قد أطلق عليها الفنان طلال مداح اسم ابتسام لطفي كتعبير عن ابتسامتها الجميلة، وقد أطلق عليها البعض أيضا ”بسمة“، صوتها يشبه صوت أسمهان، وكانت تغني في الأفراح في مدينة جدة. ثم اشتهرت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وأصبحت واحدة من أشهر المطربات العربيات، ولكنها اعتزلت الغناء في الثمانينيات وعادت مرة أخرى في عام 2013 لتستحضر ذكريات محبيها مرة أخرى بصوتها العذب الذي يلامس القلوب.