من هي سونيا غاندي
تعتبر سونيا غاندى واحدة من بين النساء الأكثر نفوذ على 1.2 مليار نسمة في الهند ، وقد اعتبرتها مجلة فوربس الأمريكية على أنها أقوى شخصية في الهند ؛ نظرا لقدرتها على إدارة أمور البلاد في ظل المشكلات الكثيرة التي تعاني منها الحكومة الهندية الائتلافية المتهمة بالقوة في التعامل مع إحتجاجات كبيرة ضد الفساد .
سيرة سونيا غاندي الذاتية
ولدت سونيا غاندي في تاسع ديسمبر عام 1946، وهي سياسية هندية ورئيسة المؤتمر الوطني الهندي وزعيمة المعارضة حتى العام 2004، وكان من المتوقع أن تصبح رئيسة الوزراء التالية للهند بعد فوز حزبها في الانتخابات عام 2004 .
سونيا غاندي ولدت في أوروبا سانو بالقرب من تورينو في إيطاليا، والتقت راجيف غاندي أثناء دراستها للغات في جامعة كمبريدج البريطانية. تزوج الاثنان في عام 1968 وانتقلت للعيش معه في الهند بعد خمسة عشر عاما من الزواج، وحصلت سونيا على الجنسية الهندية في عام 1983، ويقال أن جنسيتها الإيطالية كانت تمثل عائقا أمام طموحات زوجها راجيف غاندي السياسية .
بعد اغتيال زوجها في 21 مايو 1991 م، واجهت سونيا ضغوطًا كبيرة من حزب المؤتمر لدخولها عالم السياسة. وعلى الرغم من تولي أحد أفراد عائلة نيهرو زعامة الحزب، إلا أن سونيا رفضت هذه القرارات وفضلت الابتعاد وعزل نفسها .
ثم عادت بعد ذلك `سونيا غاندي` مرة أخرى إلى عالم السياسة، حيث تولت زعامة حزب المؤتمر في عام 1998م، وفازت بمقعد في البرلمان الهندي في عام 1999م. نظرا لاستمرار شهرة اسم غاندي في الهند، كان حزب المؤتمر يأمل أن تتمكن `سونيا` من تحويل ذلك إلى أصوات انتخابية، وقد نجحت `سونيا غاندي` في تحقيق ذلك. قبل فوز حزبها في الانتخابات الأخيرة، لم يكن هناك أحد يثق بمستقبلها السياسي .
ظروف نشأة سونيا غاندي
ولدت سونيا غاندي عام 1946م في عائلة إيطالية تنتمي للطبقة الوسطى في مدينة تورينو من طائفة الرومان الكاثوليك. تم قبولها في المدرسة الكاثوليكية، ثم انتقلت إلى إنجلترا لاستكمال دراستها. في تلك الفترة التقت “راجيف غاندي”، حفيد الزعيم الهندي “جواهر لال نهرو”، وكانت “أنديرا غاندي”، ابنة رئيسة وزراء الهند في ذلك الوقت. تزوجت سونيا من راجيف غاندي عام 1969م وانتقلت معه إلى الهند، وأصبحت متأثرة بالتجربة السياسية وحاصلة على درجة عالية من المعرفة السياسية حول الهند، بفضل قربها من والدة زوجها “أنديرا غاندي .
سعت سونيا غاندي وزوجها راجيف من البداية إلى عدم الانخراط في السياسة، حيث كان زوجها طيارًا وكرست هي وقتها لرعاية عائلتها في المنزل، وكانت تكره السياسة بدرجة عالية، حتى أنها كانت ترى أن يصبح أولادها متسولين أفضل لهم من أن يصبحوا سياسيين .
ولكن الوضع اختلف كثيرا بعد عملية اغتيال “أنديرا غاندي” ومن هنا اضطر ابنها راجيف زوج سونيا أن يتولى عنها قيادة حزب المؤتمر الوطني ، ومن هنا بدأت سونيا غاندي أن تدخل في دائرة السياسة وبدأت تقرأ في هذا الوقت العديد من كتب التاريخ والفلسفة لكي تدعم زوجها في مشواره السياسي وفي إدارة شؤون الهند .
رافقت سونيا زوجها في جميع رحلاته، بما في ذلك الأماكن البعيدة والمناطق الفقيرة في الهند. تواصلت مع الفقراء والأشخاص البسطاء في تلك المناطق وشاركتهم معاناتهم وأزماتهم، ففتحوا قلوبهم لها وتحدثوا معها كثيرًا عن آمالهم وتطلعاتهم .
بعد اغتيال زوجها في عام 1991، واجهت سونيا غاندي ضغوطا كبيرة لتولي قيادة الحزب بدلا من زوجها راجيف. رغم جميع المحاولات التي تمت لإقناعها، فقد فشلت جميعها، ولكنها في النهاية وافقت على مطالب حزب المؤتمر وانضمت إليه. وأصبحت “سونيا غاندي” رئيسة الحزب بعد 62 يوما من انضمامها له.
مناصب تولتها سونيا غاندي
سونيا غاندي تولت رئاسة حزب المؤتمر لمدة عشر سنوات متتالية وفازت برئاسة الحزب في عام 2004، وبعد فوز حزب المؤتمر في الانتخابات، رفضت منصب رئاسة الوزراء وأصرت على ذلك، وخاصة أنها واجهت العديد من الانتقادات بسبب جذورها الإيطالية .
وفي هذا الأمر تشير إلى نجاح القوميين المتشددين في حملتهم العنيفة ضدها؛ لأنهم رفضوا أن تتولى “سونيا غاندي” إدارة البلاد بسبب جذورها غير الهندية، وكذلك رفضت الأحزاب الشيوعية المشاركة في الحكم بزعامة “سونيا غاندي” واكتفت بدعم الحكومة في مواجهة المعارضة. هذا أثار العديد من التساؤلات وأثار الشكوك بشأن تأييد “سونيا غاندي”، مما أدى إلى تخوف أسرتها من أن تواجه نفس مصير زوجها .
جميع هذه العوامل كانت السبب الأساسي وراء أكثر القرارات جرأة التي اتخذتها سونيا غاندي، والتي دفعتها للاستقالة من رئاسة الوزراء، وتؤكد أن هذا المنصب لم يكن ضمن أهدافها وطموحاتها .
تنازلت سونيا غاندي عن منصبها كرئيسة للوزراء لتحل محلها “مانموهان سينغ”، الذي أصبح رئيساً للوزراء، وبهذا القرار يتيح لسونيا غاندي الحرية في التحرك خارج حدود القيود الوظيفية المقيدة، مما يخفف الضغط عليها .
يعتبر اختيار “مانموهان سينج” للرئاسة هو أول شخص من طائفة السيخ يتولى هذا المنصب المرموق في دولة تمتلك أغلبية هندوسية .
دور سونيا غاندي السياسي
في عام 2008م، نجحت سونيا غاندي في التوقيع على اتفاقية للتعاون النووي السلمي بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الصفقة تُعتبر هامة جدًا لكلا الطرفين، حيث أنها سوف تساعد الولايات المتحدة الأمريكية على التوافق والحد من قوة الصين النامية بشكل كبير ،
تساعد هذه الصفقة في تحقيق حلم الولايات المتحدة في منع انتشار الأسلحة النووية، ومن ناحية الهند، يمكن أن يحصل على العديد من الامتيازات الاقتصادية والمالية التي ستساعدها في مسيرتها نحو التنمية .
واجهت هذه الاتفاقية انتقادات كثيرة وشديدة، خاصة من اليسار في الهند، لأن من مهامها تعزيز سيطرة الولايات المتحدة، وهذا يمكن أن يحول دون قدرة الهند على التحرك بحرية .
واحدة من أهم إنجازات `سونيا غاندي` في الداخل تتعلق بقضايا المرأة. في العكس التام عن `أنديرا غاندي` التي لم تول اهتماما لقضايا المرأة، حيث لم تكن هذه القضايا ضمن أولوياتها. أنديرا لم تسع لتحسين أوضاع النساء والتصدي للظلم والقهر الذي يعانين منه، لكن `سونيا غاندي` جاءت لتؤكد جهودها في تعزيز حقوق المرأة. تحت رئاسة `سونيا غاندي`، يسعى حزب المؤتمر جاهدا للحصول على موافقة البرلمان على مشروع قانون جديد يفرض عقوبات صارمة على المغتصبين، حيث يصل العقاب إلى السجن لمدة 30 عاما .
شخصية سونيا غاندي
ومن خلال هذه المعلومات ، نستطيع أن ندرك كيف استطاعت “سونيا غاندي” أن تكون خلف مشرف عائلة غاندي ، فقد جاءت من أجل أن تكمل مسيرة القائد العظيم نهرو ومن بعده صاحبة الشخصية الكارزمية “أنديرا غاندي” ثم قامت بإكمال مسيرة زوجها “راجيف غاندي” وعملت أيضا على تمهيد الطريق إلى ابنها لكي يستطيع أن يكمل ما لم تستطع هي عمله .
بالإضافة إلى ذلك، لم تؤثر حياتها السياسية على حياتها كزوجة، ولم تحدث بينها وبين راجيف أي خلافات مثلما حدثت بين أنديرا وفيروز غاندي، وبذلك استطاعت سونيا غاندي، الإيطالية الأصل، أن تكتب اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الهند .