اسلامياتشخصيات اسلامية

من هي المجادلة ؟ ” خولة بنت ثعلب ” وقصتها

من هي المجادلة

 تدور هذه القصة حول خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة، والتي تعرف أيضًا باسم بنت حكيم، حيث تزوجت وأنجبت الأولاد فيما سبق، وسنروي قصتها في الأسطر القادمة.

في ليلة غضب من زوجها، نشب خلاف بين الزوجين وقال لها زوجها: `أنت علي كظهر أمي`، وهذا القول في الجاهلية كان يعد نوعًا من أنواع التحريم أو الطلاق الذي يمارسه الزوج على زوجته. وهذا الأمر من أمور الجاهلية التي لا يزال بعض الأزواج يتورطون فيها حتى الآن.

وانتهى الخلاف، ووجدت خولة رضي الله عنها نفسها محرمة على زوجها، ولا تدري ماذا تفعل ولديها أطفال منه، ويريد زوجها أن يعود لمعاشرتها كالأزواج، وهي تخشى أن يكون ذلك مثل القسم أو اليمين بالطلاق، ففكرت خولة بذكائها الفطري أن الحل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فذهبت إليه

خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها في الغرفة بجوار مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم. وكانت خولة حاجزة، لكنها تقول أنها لم تسمع شيئا من حديثهما لأن صوتها كان منخفضا، وهذا يدل على أن الله سميع عليم، إذ سمع شكواها من السماء، بينما لم تسمعها السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بجوار الشامية

روت السيدة خولة رضي الله عنها للنبي ما حدث بينها وبين زوجها، وأوضحت أنها لديها أولاد، وإذا تركتهم له فسيضيعون، وإذا تركتهم لنفسها فسيجوعون، أو قالت إن ذلك ليس له معنى، وهي القصة التي يستشهد بها حتى الآن في قيمة الأسرة وآثار الطلاق على الأولاد

: قال النبي لها أولا “اتقي الله في زوجك لأنه شيخ كبير”، ثم ذكر النبي لها أنه لم يأت في الإسلام ما يخص شأنهما في هذا الأمر، ويرجح أنه كما كان سابقا يعد طلاقا، فعادت خولة وأعادت تلك الكلمات على النبي، خوفا على أسرتها، ولم يجد النبي إجابة، وفي المرة الثالثة، نزل قول الله سبحانه وتعالى على نبيه، وحملت تلك الآيات جبريل عليه السلام

ومازالت تتلى الآيات حتى اليوم، لتعليم الناس الجاهلية الظاهرة ولتفهمهم من يقع فيها. وتحمل سورة المجادلة في صدرها الأحكام الواجبة على الشخص الذي يظاهر زوجته، بدءا من قول الله سبحانه وتعالى “قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركما. إن الله سميع بصير” [المجادلة 1] حتى نهاية الآيات

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخولة اذهبي وأرسلي لي زوجك، فجاء زوجها إلى النبي صلى الله عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم الظهار كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وَٱلَّذِینَ یُظَـٰهِرُونَ مِن نِّسَاۤىِٕهِمۡ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا۟ فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مِّن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّاۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [المجادلة 3].

فأجاب زوج السيدة خولة بنت ثعلب رضي الله عنها أنه فقير وغير قادر على تحرير أي عبد أو أمة حتى يعود أزواجهم، وهذا هو معنى تحرير الرقبة. ومن ثم جاء الحكم من الله سبحانه وتعالى بالتخفيف لمن لا يملك.

 كان الحكم هو أن من لم يستطع الصيام يجب عليه صوم شهرين متتاليين قبل إتمام الطلاق، وقال الزوج: ولكنني شيخ ولا أستطيع الصيام.

تم تخفيف الحكم على من لم يستطع القيام بما سبق من أحكام، وهو (فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا)، فقال الرجل إني لا أستطيع فعل هذا أيضا، وهل يوجد مساكين أكثر مني وأولادي؟ فضحك النبي وأعفى الرجل من هذا الحكم لشدة فقره

يتبيَّن من ذلك أن من كانت المجادلة هي “خولة بنت ثعلب” رضي الله عنها، وقد تم تفسير قصتها فيالسطور السابقة، وتمت صياغة سورة المجادلة بعد ذلك.

فوائد من قصة المجادلة

سورة المجادلة وقصة السيدة خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها تحمل العديد من الحكم والموعظة والدروس المستفادة في حياتنا العملية والروحية والعبادة. وتحتوي سورة المجادلة على تعاليم هامة بشكل عام ليس فقط عن جزء قصة خولة بنت ثعلبة، ويمكن استخلاص العديد من الفوائد من قصة المجادلة

  • انتقد صفات الجاهلية وأفعالها وابتعد عنها وتجنبها، مثل الظهور.
  • التحكم في الغضب والعصبية وإدارة الغضب والصبر أمر هام حتى لا يتم تدمير الأشياء التي لا يمكن استعادتها مرة أخرى، وهذا ما حدث لزوج خولة.
  • تتعلق أهمية وتماسك الأسرة بقيمها، وبضرورة لقاء الأب والأم مع الأولاد، وبخطورة الطلاق، كما صرحت خولة للنبي: لو تركتهم ضاعوا ولو تركهم جاعوا.
  • يشير رفض خولة رضي الله عنها ممارسة الجماع مع زوجها بعد الظهر إلى الخوف من الله والامتناع عن الأفعال الحرام.
  • تعتبر الحكمة التي طلبت النصيحة من النبي بحثًا عن حل لمشكلتها وهذا واجب لكل شخص عاقل يواجه مشكلة، خاصةً إذا كانت ذات طابع أسري وتترتب عليها مصير آخرين.

صحة قصة خولة مع عمر

تروى قصة عن السيدة خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها والصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي مع أحد الموالين لديه بعد أن أصبح خليفة للمسلمين.

 وأثناء مرورهما توقفهما امرأة وقالت له: `يا عمر، نعرفك كنت صبيًا ترعى الغنم في الأسواق`. وأشارت إلى أن اسمه كان عمير ، وهو تصغير لاسم عمر. ثم عرفوه عندما أصبح شابًا، وتم تسميته أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. ونصحته ووعظته بتقوى الله في رعايته للناس.

وفي أثناء سيره مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال المولى: `كفى يا امرأة في أكثرت على أمير المؤمنين.` فقال عمر له: `اتركها، ألا تعرف من هي؟ إنها التي نزل فيها القرآن.` وكان يقصد خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها.

يروى في قصة أخرى أنها أوقفته وبدأت تعظه، ما أثار استياء الناس. وعندما ذهبوا وسألوه عن السيدة التي وقفت لتسمع لها وتوعظه، ورفضت أن تتركه وتتحرك، قال: `ألا تعرفونها؟ إنها خولة بنت ثعلبة التي نزل فيها القرآن من فوق سبع سماوات. فعمر والله، أنا أحق أن أستمع لها.` وبالنسبة لصحة تلك القصص السابقة، فهي قصص ثابتة وصحيحة، يرويها أهل العلم الموثوق بهم.

سبب نزول سورة المجادلة بالتفصيل

تم تنزيل سورة المجادلة لتوضيح خطأ الظهار وضرورة دفع الكفارة وفقًا لترتيب الأحكام الواردة في الآيات.

تتناول السورة أيضًا بعض الأحكام والأداب الأخرى، بما في ذلك النهي عن النجوى وأداب المجالس، وتتحدث أيضًا عن حكم تولي من غضب الله عليه.

وبهذه الطريقة، تكون السورة ضمنية لقصة السيدة خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، مع تضمين بعض الأحكام الإسلامية الهامة، والأحكام الخاصة بالظهار، وبعض الأخلاق الواجبة، وغيرها من التعاليم الضرورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى