زد معلوماتكمن هو

من هو هارون بن بطاش

كان هارون بن بطاش اليهودي المغربي من أهل فاس صرافا ورجل أعمال يخدم الوزراء، وقد حكم المدينة في عهد السلطان عبد الحق الثاني، وهو آخر سلاطين الدولة المرينية القوية ذات النفوذ والسلطة. عينه الصدر الأعظم أو كبير الوزراء ومستشاره لمساعدته في تثبيت حكمه وهزيمة خصومه. كان هارون بن بطاش واحدا من أبرز تجار اليهود في تلك الفترة، وتم إعدامه بقطع رقبته في ثورة المغرب في عام 1465. سنتعرف على حياة هذا الرجل من خلال هذا المقال، وكيف كان هو السبب وراء ثورة هزت أركان عرش الدولة المرينية وأنهت حكمها الطويل.

جدول المحتويات

نبذة عن هارون بن بطاش

في عهد السلطان عبد الحق آخر سلطان في الدولة المرينية الذي حكم بين 1421-1465م،  كان هناك الكثير من التجار اليهود الأقوياء أصحاب النفوذ أبرزهم هارون بن بطاش وأقربائه ، و يقال انه ولد في أسرة يهودية رفيعة الشأن بفاس، و كان له دور كبير في تسيير شؤون الدولة المرينية آنذاك، وقد التجأ له السلطان لتقوية مكانه وتعزيز سلطانه بسبب الأوضاع الغير المستقرة في المغرب حينها، حيث كانت الدولة في مرحلة من الإفلاس فرغت فيها خزينة الدولة و كثرت فيها ثورات القبائل، فقربه السلطان عبد الحق المريني منه، ومنحه الكثير من التسهيلات و الامتيازات، فوظف في شؤون الدولة بعض أقاربه من اليهود، منهم شاول بن بطاش الذي أصبح يقوم مقامه كلما رافق السلطان في حركاته بنواحي تازة، كما قدم هارون للدولة المرينية الكثير من المساعدات المادية الكبيرة، و قد كان بن بطاش أحد أكبر التجار اليهود في القرن 15 و لديه نفوذ قوي وسط الجالية اليهودية نظرا لماله الوفير الذي كان يشتري به كل شي حتى ضمائر الرجال.

حكم هارون لمدينة فاس المغربية

لم يسمح للطائفة اليهودية في المغرب كأقلية دينية بممارسة السلطة السياسية أو الحصول على الوظائف الإدارية في الدولة، ولكن هذه القاعدة لم تكن مطبقة عامة نظرا للأموال التي كان يوفرها التجار اليهود والتي كانت تغري الحكام والملوك، بالإضافة إلى الضرائب التي كانوا يسددونها للخزانة المالية. وتعتبر فترة الدولة المرينية واحدة من الفترات التي كانت فيها اليهود نشطة وسيطرت على الحكم، وتم تعيينهم سفراء للدول الأخرى، وكانوا نشطاء في المجال الدبلوماسي بشكل ملحوظ، وقاموا بتنشيط الصناعة والتجارة الداخلية والخارجية، وتميزت العلاقة بين الدولة المرينية واليهود عموما بالتفاهم والاستقرار الكبيرين، وحتى في عهد السعديين، كان لليهود نفوذ قوي، وفي بعض الفترات تم إعفاؤهم من دفع الجزية.

بعد وفاة السلطان أبي سعيد عثمان بن أحمد، تمت مبايعة ابنه السلطان المريني عبد الحق الثاني، وفي عهده تراجعت الدولة المرينية، واستولت البرتغال أيضا على طنجة في نفس الوقت بسنة 869، واستمرت بيد البرتغاليين لفترة طويلة جدا، وبعد وفاة الوزير علي بن يوسف الوطاسي تولى الوزارة أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن عمر بن زيان الوطاسي، وأثار غضب السلطان بعد أن قام بتغيير مراسم التتويج الملكية وتقاليد الحكم، واستولى على شؤون الدولة، فقرر التخلص منه على الفور ومن جميع أفراد عائلته، ثم عين هارون بن بطاش وزيرا للدولة بعد مجزرة كبيرة أسفرت عن مقتل العديد من الأشخاص.

يزعم أن هارون بن بطاش حكم مدينة فاس لمدة سبع سنوات، وساد في البلاد تحت حكمه الطغيان والتجبر، حتى قامت العامة بالتمرد عليه وعلى السلطان المريني عبد الحق الثاني. كما يزعم أن هارون بن بطاش كان يخطط للمذبحة التي أدت إلى قتل أقرباء السلطان المريني منافسيه على الحكم عام 1458 م، ولكن محمد الشيخ المهدي نجا من تلك المذبحة وتولى الحكم بعد ذلك عام 1472 م. بعد أن دخل فاس. وهذا الأمر أثار غضب العامة، حيث أصبح هارون بن بطاش هو المسؤول عن البلاد والعباد بعد أن فقد السلطان سلطته. تعاظم نفوذ هارون بن بطاش وتسلق أتباعه المناصب، ولكن هذا الأمر رفضه المغاربة الأحرار حينها. وتناقل الناس في مجالسهم أفعال السلطان عبد الحق السيئة ومجازره في المقربين، فذموه وتحدثوا بالسوء عنه، ولذلك ولى هارون بن بطاش على الناس، بما في ذلك اليهوديين، لتأديبهم، وقام بإذلالهم وترهيبهم. وفي غياب السلطان، كان يصادر أموال الرعية ويقبض الجبايات من عامة الشعب، وقام في إحدى الأزقة بمدينة فاس بضرب امرأة من سلالة الأدارسة يقال إنها ذات نسب شريف، وشتمها وأهانها أمام الناس، وعندما توسلت إليه برسول الله زاد غضبه وبالغ في عقابها، وشدد على الناس وتجبر حتى طفح الكيل، وثار الناس على حكم السلطان المريني وخلعوه.

أبو فارس و الثورة ضد اليهود

سببت هذه الثورة الكبيرة نهاية عهد دولة قوية، حيث أنهت 215 سنة من حكم المرينيين في فاس 1244-1465، بسبب استياء سكان مدينة فاس من سلطة هارون وجبروته، وانضم إليهم العلماء ورجال الدين والأشراف في ثورة شعبية بزعامة الإمام الشجاع خطيب القرويين، المعروف أيضا باسم أبو فارس عبد العزيز ابن موسى الورياغلي. توفي الإمام عام 880 هجرية ودفن بباب الفتوح بحومة الكغادين، حيث كانت وجهة الناس آنذاك وحيث اشتكوا إليه من ظلم السلطان واستبداده وتحكم اليهود في المسلمين. قاد ثورة كبيرة ضد اليهود، وأدت هذه الثورة إلى القبض على السلطان عبد الحق المريني بعد أن نصبوا له كمينا لجلبه إلى فاس. تؤكد بعض المصادر التاريخية هذه الأحداث، على الرغم من نصيحة هارون للسلطان بعدم العودة وعدم الذهاب إلى مدينة مكناس.

بعد أن عاد إلى فاس مباشرة ، قبض الثوار على السلطان عبد الحق الثاني ووضعوه على ظهر بغلة عرجاء وأهانوه بأشد الإهانات أمام الجمهور. قاموا بنزع خاتمه الملكي وفي صبيحة يوم الجمعة الموافق للسابع والعشرين من شهر رمضان لعام ٨٦٠ هـ، قطعوا رقبته ودفنوه في بعض مساجد المدينة الجديدة. ثم قاموا بنقله ودفنه في القلة. انهارت دولة بني مرين إلى الأبد وعينوا أحد الشرفاء الكبار، وهو نقيب الأشراف الأدارسة أبو عبد الله الحفيد محمد بن علي بن عمران الجوطي حاكما لمدينة فاس. ومن هنا ظهر فرع آخر من بني مرين غير سلالة عبد الحق الثاني، وهم الوطاسيون الذين حكموا المغرب لفترة معينة.

وفاة اليهودي هارون بن بطاش

تم إعدام هارون بن بطاش بقطع رقبته خلال ثورة المغرب في عام 1465م – 869هـ، حيث اعتبر الثوار أن اليهودي هارون هو الحاكم الفعلي الذي يدير شؤون البلاد ويقوم بأفعاله الشنيعة، وبعد وفاته تعرض العديد من اليهود للقتل والذبح وتمت مصادرة أملاكهم وأموالهم، بما في ذلك شاول بن بطاش الذي تعرض للاضطهاد في بداية الثورة. تم اضطهاد العديد من رموزهم وإجبارهم على اعتناق الإسلام، ولم يتمكنوا من ممارسة دينهم بشكل طبيعي إلا في عهد محمد الشيخ الوطاس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى