من هو ” مانع المريدي “
ساهمت الأسرة المالكة آل سعود في استمرار تحول الحكم في أطول نظام ملكي مستقر في العالم العربي، وقد أسست هذه الأسرة ثلاث دول، الدولة السعودية الأولى، والدولة السعودية الثانية، وحاليا المملكة العربية السعودية. وينحدر آل سعود من عشيرة المردة من بني حنيفة، من أبي بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة، ابن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
يعتبر مانع المريدي الجد الأعلى للأسرة السعودية المالكة الكريمة، وهو يجمع في شخصه صفات الزعيم والملهم، كما يلتقي فيه أسر أخرى. ونسب هذا الزعيم إلى قبيلة بني حنيفة التي تنتمي إلى بكر بن وائل الربعية العدنانية، والتي كانت عاصمتها الإدارية والاقتصادية حجر اليمامة منذ العصر الجاهلي قبل الإسلام.
بدايات مانع المريدي
مانع المريدي انتقل من حجر اليمامة إلى الهفوف بالقرب من الإحساء في شرق الجزيرة العربية، وبقي هناك لفترة من الزمن، ولم تنقطع المراسلات بينه وبين ابن عمه ابن درع – أمير حجر اليمامة – الأمير عبد المحسن بن سعيد الدرعي الحنفي والشاعر ممدوح اليزيدى الحنفي أمير بلدة الجزعة.
عاد الزعيم مانع المريدي مرة أخرى إلى منطقة حجر اليمامة، وقطعه ابن عمه الأمير ابن درع محلتي المليبيد وغصيبة، وبالتالي فإن هذه المناطق تعود للسكان المجاورين وأبناء عمومة آل يزيد من بني حنيفة، والذين يتبعون مانع المريدي وأبنائه وأحفاده.
تاريخيا، شكلت القريتان المليبيد وغصيبة الأساس التاريخي للدولة التي أسسها آل سعود. بنيت هذه الدولة على أنقاض المليبيد وغصيبة، ويعتقد المؤرخون أن وصول عائلة مانع المريدي يعود إلى عام 1446م، عندما تأسست الدرعية كعاصمة لأول دولة سعودية.
تقع الدرعية التاريخية في الشمال الغربي من الرياض، على بعد 25 كيلومترا على ضفة وادي حنيفة. نتيجة للتوسع العمراني، أصبحت الدرعية متصلة بالرياض. كانت الدرعية تعرف سابقا بأسماء الضيق وغبيراء، وتنطق الدرعية بتشديد الدال وإسكان الراء وكسر العين وفاء مكسورا. تعود تسميتها إلى الدروع، وهي قبيلة استوطنت وادي حنيفة وحكمت حجر اليمامة والجزع.
الدرعية رمزا وطنيا
أصبحت الدرعية رمزا وطنيا بارزا في تاريخ المملكة، إذ لعبت دورا حيويا في ظهور ونشأة الدولة السعودية الأولى، وتم اختيارها عاصمة للدولة الأولى، وكانت محطة تاريخية مهمة في تاريخ الجزيرة العربية، حيث نشأت الأفكار الدينية التي دعا إليها محمد بن عبد الوهاب عام 1744م، وبسبب هذا الظرف التاريخي أصبحت الدرعية مركز الحكم حتى اختار تركي بن عبد الله الرياض مقرا جديدا للحكم عام 1824م.
احتفظت الدرعية بشهرتها كأشهر مدينة في الجزيرة العربية طوال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، حتى بعد تدميرها من قبل جيوش الدولة العثمانية في عام 1818.
وفاة الأمير مانع المريدي
بعد وفاة الأمير والزعيم مانع المريدي، تولى ابنه ربيعة بن مانع الإمارة، وبدأت الأسرة في النمو والتوسع، وتوسعت عمارة بلدة الدرعية وبنيانها، خاصة في عهد حفيد مانع المريدي، موسى بن ربيعة بن مانع. وفي عهد ابنه إبراهيم، الذي كان يقوم بتأمين حجاج بيت الله الحرام وحماية طرقهم، كان له صلات مع الدولة العثمانية قبل عام 981.
تولت عائلة المريدي حكم الدرعية وأصبحت تسيطر على الأمور، وفكر ربيعة في توسيع رقعة الدرعية، ولكنه لم يحقق ما كان يريد، وبعد ذلك، تولى ابنه موسى الأمر ونجح في ضم قريتي النعمية والوصيل.
حكم إبراهيم بن موسى بن ربيعة الدرعية لحق بها من بلدان تم ضمها إلى الدرعية، وهكذا تداولت الإمارة على الدرعية في أسرة مانع المريدي، حيث أصبحت الإمارة في يد مرخان بن إبراهيم، وتأمر بالاشتراك في الإمارة من بعده ابناه ربيعة ومقرن ، وأصبحت الإمارة بعدهما في يد ابناهما وطبان بن ربيعة بن مرخان، ومرخان بن مقرن بن مرخان، ثم ناصر بن محمد بن وطبان، فمحمد بن مقرن، فإبراهيم بن وطبان، فإدريس بن وطبان.
تولى سعود الأول بن محمد بن مقرن، الإمارة خلفا لـ موسى بن ربيعة بن وطبان الذي خلعه أهل الدرعية سنة 1132 هـ ، وبعد وفاة سعود الأول سنة 1137 هـ خلفه أكبر رجال الأسرة سناً، زيد بن مرخان بن وطبان ، ثم تولى بعده محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، والذي أصبح فيما بعد أول أئمة الدولة السعودية الأولى في عام 1157هـ .
يشير التاريخ إلى أن في هذا المكان وفي أحضان هذا الموقع الذي اختاره مؤسس الأسرة المريدية الأولى، مانع المريدي، نشأت دولة قوية ذات جذور ممتدة وراسخة، وهي الدولة السعودية الأولى التي أسسها الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب .
في عام1240هـ، اختار منشئ الدولة السعودية الثانية، الإمام تركي بن عبد الله، عاصمة الدولة لتصبح الرياض بدلاً من الدرعية .