من هو طارق عبدالحكيم وقصة ” يا ريم وادي ثقيف “
امتلكت الأغنية السعودية وسيلة مناسبة للانطلاق في سماء الموسيقى والغناء على مستوى كبير على يد طارق عبدالحكيم، وهو من يستحق لقب الأب الروحي للأغنية السعودية، فهو لم يكن مجرد ملحن موسيقى بل كان ظهوره في فترة ليست هينة حيث حارب من أجل إعطاء الموسيقى والأغنية السعودية مكانتها الاستحقاقية، وعمل على تنظيمها وحمايتها كما ساهم في الحفاظ على التراث الموسيقى والغنائي لشبه الجزيرة العربية، ولذلك فقد استحق اللقب بجدارة.
من هو طارق عبد الحكيم
اسم طارق عبد الحكيم بن عبد الكريم، الملقب بأبو سلطان، ولد في الطائف عام 1918. والده كان من أشراف الحجاز البسطاء وكان يخدم في الجيش، أما أمه فكانت من قبيلة ثقيف. منذ صغره، تحمل طارق المسؤولية بعد هجرة والده إلى العراق، فقد تولى رعاية أمه وإخوته وإدارة أمور أسرته وعملهم، إلى جانب استكمال دراسته. وفي ظروف صعبة، انضم في عام 1939 إلى الخدمة العسكرية، حيث كان يحمل رتبة ملازم، وكان مقر الجيش في الطائف، مسقط رأسه.
أعرب عن رغبته في الانضمام إلى الخدمة العسكرية لعدة أسباب، أولا لتوفير مزيد من المال لإعالة أسرته، ثانيا لتحقيق حلم أمه بأنه يصبح ضابطا في الجيش، وثالثا ليثبت للجميع أنه قادر على تحمل المسؤولية والحياة العسكرية، وعلى الرغم من انشغاله بشغفه ورغبته في دراسة الموسيقى والفنون، قام بتنفيذ كل ذلك.
انتقل بعد بضع سنوات إلى الرياض، وبدأ مشواره الموسيقي بتأليف بعض المارشات العسكرية، وفي عام 1952 قام بتطوير وتوزيع الموسيقى الوطنية السعودية. في عام 1953، سافر إلى القاهرة لدراسة الموسيقى كجزء من جهود الجيش السعودي لإنشاء مدرسة موسيقية للجيش السعودي.
لم تقتصر موسيقى طارق عبد الحكيم على الفنانين السعوديين فحسب، بل كان له مشاركات مع عدد من الفنانين، بمن فيهم نجاة الصغيرة، حيث قام بتلحين أغنية يالي في هواك هيمان، وكذلك مع فايزة أحمد حيث قام بتلحين أغاني أسمر عبر وربيع العمر، وكذلك لحن أغنية لا وعينيك لوديع الصافي، ومحبوب قلبي لفهد بلان، وقد قام أيضا بتلحين أغنية أشقر وشعره ذهب لسميرة توفيق. وبالإضافة إلى المطربين غير السعوديين، لحن أيضا لأبرز المطربين السعوديين مثل طلال مداح في أوبريت أفديك يا وطني وعاش من شافك، وكذلك لمحمد عبده في أغاني سكة التايهين، ولنا الله، ولا تناظرني بعين، رحت يم الطبي.
قام الفنان الراحل طارق عبد الحكيم بترك مكتبة غنائية كبيرة زاخرة بمجموعة من الأعمال الغنائية والموسيقية الخالدة الشهيرة في السعودية ومنها أذكرونا، إلهي سألتك، ابكي على ما جرالي، البارحة يا حبيبي، ماس ورد الخد، يا الله سألتك بحلات العقد، يحي عمر، وواحدة من أشهر أغانية ريم وادي ثقيف.
لم يخل مسيرته الفنية من بعض الجوائز والمناصب، إذ حصل على جائزة اليونسكو للموسيقى في عام 1981، وحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، وفي عام 1983 تم انتخابه رئيسا للمجمع العربي للموسيقى.
توفي الفنان طارق عبد الحكيم عند عمر الواحدة والتسعين في عام 2012 بعد معاناة من مرض السرطان، وكانت وفاته في القاهرة حيث دفن وفقا لوصيته.
أغنية يا ريم وادي ثقيف
لدى الفنان الراحل طارق عبد الحكيم تجارب موسيقية قبل انطلاقه الفني، بعد دراسة الموسيقى، وكانت من تلك التجارب أغنيته “يا ريم وادي ثقيف” التي قام بتلحينها قبل أن يتعلم النوتات الموسيقية، إذ أعجبته كلمات القصيدة، ولكنه لم يكتب اللحن بشكل منسق إلا بعد دراسته للموسيقى في مصر. وتعد تلك الأغنية الأولى في عدة نواحي، حيث أنها أول قصيدة غناها للأمير عبدالله الفيصل، وهي أول أغنية لحنها طارق عبد الحكيم، وهي أول أغنية سعودية غنتها مغنية عربية، حيث غنتها نجاح سلام، وكانت أول أغنية سعودية يتم إذاعتها من الإذاعة المصرية ودخلت إلى استوديو صوت العرب.
تعتبر أغنية يا ريم وادي ثقيف التي أطلقها الفنان طارق عبد الحكيم خارج حدود السعودية هي مفتاح نجاحه وشهرته الكبيرة، ولم يقتصر غنائها على نجاح سلام فحسب، بل قامت بها هيام يونس وطلال مداح أيضًا.
معلومات عن أغنية يا ريم وادي ثقيف
الأغنية من نوع الطقطوقة، ويتكون ذلك من مجموعة من المقاطع المسماة بالأغصان، وبعد كل مقطع جديد يوجد غصن متكرر يسمى المذهب.
تتميز أغنية يا ريم وادي ثقيف بأنها تغنى بمقام الرست الذي يعد المقام الشعبي المعتاد للأغاني الخليجية، ويتميز بالسهولة والوقع المستمر على الأذن، ولذلك فهي واحدة من الأغاني التي تحافظ بشكل قوي على التراث الخليجي وتتمتع بشهرة واسعة على مستوى الوطن العربي.
كان الفنان الراحل طارق عبد الحكيم من المولعين بالموسيقى والغناء منذ الصغر، فقد كان يحضر الحفلات الغنائية التي تقام في حواري الطائف حيث يتم غناء الأغاني الفلكلورية فاعتادت أذنه على سماع ألوان الفلكلور السعودي والخليجي منذ الصغر، كما كان زميلًا للشيخ حسن الذي ساعد في تعرفه على المنشدين المكيين وتأثره بهم وهو ما كون الشخصية الموسيقية المميزة للفنان الراحل.