من هو سيد الخزرج
يتعلق الأمر بقبيلة الخزرج التي تنتمي إلى قبائل الأزد اليمنية، وقد هاجرت مع العديد من القبائل الأخرى من اليمن، وكان سبب هجرتها هو تردي الأوضاع السياسية بسبب الصراع بين الاقيال والغزو الأحباش وسد مأرب الذي انهار نتيجة سيل العرم، وكنتيجة لذلك استحال العيش في اليمن بسبب هلاك الزراعة، واتجهت القبيلة إلى المدينة المنورة مع قبيلة الأوس في أواخر القرن الرابع الميلادي تقريبا، وكان سعد بن عبادة هو سيد قبيلة الخزرج وكبيرها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سعد بن عبادة سيد الخزرج
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج ، وكنيته أبو ثابت وقيل أبا قيس . لقب بسيد الخزرج فهو خزرجي النسب أبًا وأمًا ؛ فأمه عمرة وهي الثالثة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار بن الخزرج .
له من الأولاد سعيد ومحمد وعبد الرحمن، وأمهم غزية بنت سعد بن خليفة بن الأشرف بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة، وله أيضا قيس وأمامة وسدودس، وأمهم فكيهة بنت عبيد بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة. [1]
نشأة سعد بن عبادة
ولد سعد بن عبادة في يثرب ، وهي من المدن المهمة عند ظهور الإسلام ، وتعد ثاني مدن الحجاز بعد مكة من حيث الأهمية ، ونشأ سعد بن عبادة في بيت عريق له نسب شريف في السؤدد ، وكان أجداده وآبائه كلهم سادة ، ومن المشهورين بالجود والكرم ، وكان سعد يعرف الكتابة والرمي والسباحة ، مما جعل قومه من الخزرج يعترفون له بالسيادة عليهم .
إسلام سعد بن عبادة
أسلم سعد بن عبادة مبكرًا وكان أحد النقباء الاثنى عشر ، وشهد العقبة الثانية مع ثلاثة وسبعين رجلًا من الأوس والخزرج الذين أطلق عليهم فيما بعد لقب “الأنصار” ، وبسبب ذلك لم يسلم سعد من أذى قريش ، فبعد أن علموا بمبايعة الأنصار لرسول الله سرًا ، أخذوا يطاردونهم وأسروا منهم سيد الخزرج سعد بن عبادة . [2]
قاموا بربط يديه إلى عنقه بشراك الرحلة، وكان شعره غزيرًا، ثم جذبوه منه وضربوه. وتم إنقاذه من قبل رجلين من قريش كانا يمتلكان فضلًا عليهما في بلاده، وهما سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة، الذين أسلموا وكسروا أصنامبني ساعدة .
حروب سعد بن عبادة
شارك سعد بن عبادة في معظم الغزوات التي قادها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مثل غزوة أحد والخندق وغيرها من المعارك، وكانت قبيلة سعد بن عبادة الخزرجية تمثل الثقل الرئيسي لجيش الرسول في العدد والإقدام، ومثلهم كانت قبيلة الأوس واللتان كانتا تعرفان باسم الأنصار .
وقد أثني عليهم الله سبحانه وتعالى إذ قال في كتابه العزيز في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [3] ، فلولا الأنصار ما قويت شوكة المهاجرين أمام قريش وأعداء الإسلام .
كان سعد بن عبادة هو من حمل راية الأنصار في معظم الحروب، بينما حمل سيدنا علي بن أبي طالب راية المهاجرين. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير برأي سيد الخزرج ويثق به خلال الحروب، حيث استخلفه على المدينة عندما خرج بنفسه في أول غزواته، وهي غزوة ودان التي كانت موجهة ضد قريش .
صفات سعد بن عبادة وشمائله
سعد كان شخصًا جيدًا وكريمًا، ويعود ذلك إلى خلفيته العائلية الجيدة، حيث كان ينتمي لبيت جود. ويحكي عروة قصة عن أبيه، حيث رأى سعد بن عبادة ينادي على أطمة: `من يرغب في الشحم أو اللحم فليذهب إلى سعد بن عبادة`، وبعد ذلك قام ابنه بفعل نفس الشيء.
كان سعد يرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم جفنة تحتوي على ثريد من اللحم أو اللبن أو الخل أو الزيت، وكان اللحم هو الأكثر شيوعًا، وكانت جفنة سعد تدور مع رسولالله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه، وحسب ما رواه محمد بن سيرين، كان سعد بن عبادة يتناول كل ليلة ثمانين وجبة من أهل الصفة .
هذا عن كرمه أما عن غيرته فعرف عنه شدة الغيرة على نسائه وأهل بيته ، وكان شديدًا وحادًا في بعض الأحيان ، فعندما فتح الرسول مكة سنة 8 للهجرة ، كان سعد بن عبادة هو من يحمل راية رسول الله ، وعندما مر بها على أبي سفيان سيد قريش آنذاك ؛ قال : اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة ، فلما سمعه رسول الله أخذ منه الراية ودفعها إلى ابنه قيس .
ربما كان السبب وراء قول سعد هذا واتخاذه موقفاً متعصباً من قريش هو ما فعلوه به عندما اعتقلوه وضربوه وقيدوه. ولذلك، أظهر سعد استياءه من قريش ووعدها بالانتقام، ولكن الرسول اتخذ من ذلك درساً وأخذ اللواء من سعد لكنه أعاده إلى ابنه لكي لا يفقد سعد والأنصار الثقة به .
موقف سعد بن عبادة من بيعة السقيفة
عندما توفي رسول الله في يوم الاثنين الموافق 12 من ربيع الأول سنة 11هـ / 632م ، لم يوصي بخليفة يتولى الحكم من بعده ، لهذا تطلع الأنصار إلى الخلافة ، واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة في نفس اليوم ؛ كي ينصبوا عليهم سيدة الخزرج سعد بن عبادة لخلافة رسول الله صلّ الله عليه وسلم في قيادة الدولة الإسلامية.
وكان سعد يومها مريضًا ضعيف الصوت عندما خطب في قومه ، ولما علم عمر بن الخطاب بأمر اجتمع الأنصار أحضر أبو بكر وجاء على الفور، ووجدوا عبيدة بن الجراح في طريقهم فحضر معهم ؛ لاجتماع السقيفة ، ورجحوا أن يكون الخليفة من المهاجرين لا من الأنصار لأنهم أهل الرسول وأول من أمنوا به.
فتنحى الناس عن اختيار سعد بن عبادة واختاروا أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفةً للمسلمين ، بعد جدال طويل غير أن سعد بن عبادة لم يرض بذلك ، فقد كان يرى أن الأنصار أحق من المهاجرين بهذا الأمر ؛ لأنهم أهل المدينة أنصار الاسلام وهم السند والظهير القوي للمسلمين وأهل العز والثراء ، ولهذا هاجر سيد الخزرج إلى الشام . [4]
وفاة سعد بن عبادة
ذكرت الروايات أن وفاته كانت بحوران في أرض الشام ، بعدما تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة بعد وفاة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، بسنتين ونصف تقريبًا ، وفي رواية أخرى توفي في السنة السادسة عشر للهجرة ، وتعددت الروايات حول مكان موته فقيل بالمنيحة وهي قرية بدمشق وقيل ببصرى.