من هو توماس هارت بنتون
توماس هارت بنتون رسامًا أمريكيًا إقليميًا رائدًا ، عاش ولمع اسمه خلال فترة ثلاثينيات القرن العشرين ، وقاد الحركة المعروفة باسم الإقليمية ، حيث سخر مما عرف باسم الحداثة ، وركز بدلاً من ذلك على بلده الغرب الأوسط والجنوب ، باعتباره موضوعًا أكثر أهمية ، وقد استمد أسلوبه تأثيرًا من عناصر الفن الحديث ، لكن عمله كان فريدًا ويمكن التعرف عليه على الفور. وهذه حياة توماس هارت بنتون ، وتعليمه وأبرز أعماله ووفاته.
حياة توماس هارت بنتون المبكرة وتعليمه
ولد توماس هارت بنتون في جنوب شرق ولاية ميسوري، وكان جزءا من عائلة من السياسيين المعروفين، حيث خدم والده لأربع فترات في مجلس النواب الأمريكي، وكان والده أحد أول اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المنتخبين من ميسوري. يجب الإشارة إلى أن توماس قد التحق بالأكاديمية العسكرية الغربية، متوقعا أن يسلك نهج الأسرة السياسية، ولكن تمرد توماس ضد والده وبتشجيع من والدته، التحق بمدرسة معهد الفنون في شيكاغو في عام 1907. وبعد عامين، سافر توماس إلى باريس في فرنسا للدراسة في أكاديمية جوليان. وخلال فترة دراسته، التقى بنتون بالفنان المكسيكي دييغو ريفيرا والرسام السينمائي ستانتون ماكدونالد رايت، وتأثر بشدة بأفكارهما حيث رأوا جميعا الألوان على أنها تشبه الموسيقى، وكان لهذه الرؤية تأثيرا كبيرا على أسلوب الرسم المتطور لتوماس هارت بنتون.
عاد بنتون في عام 1912 إلى الولايات المتحدة واستقر في مدينة نيويورك، حيث خدم في البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى. وأثناء وجوده في نورفولك بولاية فرجينيا، عمل كمساعد على السفن، وكانت مهمته تطبيق مخططات التمويه باستخدام الطلاء، كما رسم توماس الحياة اليومية في حوض بناء السفن، وذلك في لوحته الشهيرة باسم “The Cliffs” التي رسمها عام 1921، والتي جمعت بين عمل توماس البحري الدقيق والحركة الطبيعية التي ظهرت في لوحاته.
توماس هارت بنتون عدو الحداثة
أعلن توماس هارت بنتون عدائه للحداثة عندما عاد إلى مدينة نيويورك بعد انتهاء الحرب وبدأ في الرسم بأسلوب طبيعي وواقعي، وأصبح مشهورا بلقب “الإقليمي”، وعرضت أولى لوحاته في مسابقة للرسم تحت عنوان “سلسلة أمريكا اليوم”، وكانت عبارة عن مجموعة من الجداريات رسمها لمدرسة البحوث الاجتماعية الجديدة في نيويورك. أظهر توماس في لوحاته العشر مشاهد من الجنوب والغرب الأوسط، وانتقد نقاد الفن سيطرة توماس على فنه، مثل الأستاذ اليوناني إل جريكو في تعبيراته الإنسانية الطويلة في الصور.
بعد انتهاء مسابقة المدرسة الحديثة، حصل توماس على فرصة لرسم جداريات تصور حياة إنديانا لمعرض القرن المقام في شيكاغو عام 1933، وكان هذا الأمر غير معروف على المستوى الوطني، حتى أثار قراره جدلا حول تصوير حياة إنديانا بأكملها. السبب وراء ذلك هو أن جداريات توماس تضمنت أعضاءا من كو كلوكس كلان يرتدون الجلباب والأغطية، وفي تلك الفترة في العشرينات من القرن الماضي، كان حوالي 30٪ من الرجال البالغين في إنديانا أعضاء في الكلان. لا تزال الجداريات التي رسمها توماس معلقة حتى اليوم في ثلاثة مبان مختلفة في الحرم الرئيسي لجامعة إنديان.
في ديسمبر عام 1934، عرضت مجلة تايم صورة بألوان توماس هارت بنتون على غلافها، وناقش العدد أسلوب بنتون وزملائه الرسامين مثل جرانت وود وجون ستيوارت كاري، حيث وصفت المجلة الثلاثة كفنانين أمريكيين بارزين، وأثبتت أن الإقليمية كانت حركة فنية مهمة.
في أواخر عام 1935، كتب بينتون مقالا ينتقد فيه نقاد الفن في نيويورك، أولئك الذين انتقدوا عمله، وكان توماس في ذلك الوقت في ذروة شهرته، ثم غادر نيويورك وعاد إلى ميسوري، وهي ولايته الأصلية، بهدف تولي منصب تدريس في معهد كانساس سيتي للفنون، وتسببت هذه العودة في زيادة إنتاج توماس للأعمال، والتي عدت بعد ذلك من بين أرقى أعمال توماس هارت بنتون، وهي مجموعة من اللوحات الجدارية التي تصور التاريخ الاجتماعي لميسوري، وتم رسمها لتزيين مبنى العاصمة في جيفرسون سيتي، وعلى مدار الثلاثينيات من القرن العشرين، استمر توماس في رسم المزيد من الأعمال التي حققت شهرة واسعة، مثل عمل الإلهة اليونانية الأسطورية العارية بيرسيفون المثيرة للجد.
توماس هارت بنتون مدرسًا للفنون
بالإضافة إلى عمله البارز كرسام ، عمل توماس هارت بنتون كمعلم لفترة طويلة ، حيث قام بالتدريس لرابطة طلاب الفنون في نيويورك ، في الفترة من 1926 إلى 1935 ، وكان أحد طلابه البارزين هو جاكسون بولوك ، الذي أصبح لاحقًا زعيماً للحركة التعبيرية التجريدية ، وقد ادعى بولوك فيما بعد ، أنه تعلم ما يجب التمرد عليه من تعليم توماس ، وعلى الرغم من إعلانه ، كان كل من بولوك وتوماس قريبين لبعضهما لفترة من الوقت ، وقد ظهر بولوك في إحدى لوحات توماس باسمThe Ballad of the Jealous Lover of Lone Green Valley ، كنموذج للاعب هارمونيكا عام 1934.
بعد عودته إلى ميسوري ، قام توماس هارت بنتون بالتدريس في معهد كانساس سيتي للفنون من عام 1935 حتى عام 1941 ، ثم قامت المدرسة بعزله عن منصبه ، بعد أن نقلت مجلة تايم عنه قوله إن المتحف كان عبارة عن مقبرة يديرها صبي جميل مع معصمين دقيقين ، ويتأرجح في مشيته ، وهو أحد الإشارات الساخرة المتعددة ، للتعبير عن تأثير الشذوذ الجنسي في عالم الفن.
أبرز أعمال توماس هارت بنتون
في عام 1942، ابتكر توماس سلسلة من اللوحات التي ساعدت في تعزيز القضية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية. وكانت تحمل عنوان “عام الخطر” وتصور تهديدات الفاشية والنازية. وأحد اللوحات التي رسمها توماس بعنوان “Sowers”، تصور عملاقا يرتدي قبعة عسكرية ويزرع حقلا من جماجم الموت في المشهد. ومع نهاية الحرب، تلاشت شهرة الفن الإقليمي واستحوذ الفن التجريدي التعبيري على اهتمام العالم الفني في نيويورك. ولكن على الرغم من ذلك، استمر توماس هارت بنتون برسم لوحاته بنشاط لمدة 30 عاما.
ومن بين أهم اللوحات الجدارية ، التي رسمها بينتون هي لنكولن لجامعة لينكولن في مدينة جيفرسون بولاية ميسوري ، ورسم لوحة جوبلين في مطلع القرن لمدينة جوبلين ، و لوحات ميسوري والاستقلال وفتح الغرب ، لمكتبة هاري ترومان الرئاسية في فترة الاستقلال لميسوري. ظل توماس يرسم لوحاته حتى وفاته في منتصف الثمانينات من عمره في عام 1975 ، وقد أظهر عمله تقديسًا لرقصات الحظيرة وأغاني الآبالاش ، وتأثير الأميركيين الأفارقة على الموسيقى الريفية ، ولم يتغير نمط الرسم في نهاية حياته ، عن فترة شهرته وتألقه قبل 40 عامًا.
وفاة توماس هارت بنتون وتركته
في 19 يناير 1975، أكمل بنتون جداريته ثم خرج بعد العشاء لتوقيع اللوحة في ليلة كانت شديدة البرودة، وأصيببنوبة قلبية وتوفي في مرسمه في مدينة كانساس سيتي.
كان توماس هارت بنتون واحدًا من أوائل الفنانين الأمريكيين، الذين قاموا على نحو فعال بدمج الأفكار الجمالية من الرسم الحديث مع تقديس الموضوعات الواقعية الإقليمية ، واحتضنت أعماله بلده الغرب الأوسط الأصلي ، وعبرت عنه ورفعت تاريخها وشعبها من خلال رسمه لمجموعة من الجداريات الضخمة ، التي تحيي فنه كل يوم.
على الرغم أن البعض يرفض دور بنتون كمعلم في تطوير الرسم الأمريكي ، إلا أن صدى أعماله وصوتها وزهوتها ، تبرز جيدًا في أعماله وأعمال تلاميذه مثل جاكسون بولوك ، الفنان الأمريكي الأكثر شهرة من بين تلاميذ بنتون. وفي عام 1956 ، انتخبت الأكاديمية الوطنية للتصميم ، وهي منظمة شرفية للفنانين ، توماس هارت بنتون كعضو كامل العضوية ، وكان توماس موضوعًا لفيلم وثائقي بعنوان كين بيرنز لعام 1988 ، بعنوان توماس هارت بنتون منزله ومرسمه ، موقعًا تاريخيًا في ولاية ميسوري.