من هو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه بالقران
من هو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
الصحابي الوحيد المذكور أسمه بالقرآن الكريم هو زيد بن حارثة ‐ رضي الله عنه ‐ هو من أوائل من آمن بالنبي عليه السلّام، وكان أمينًا لسرِه وقائدًا لبعوثه وقائدًأ لسراياه أيضًا، وأحدَ خلفائه على المدينة إذا غادرها، وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلّم وخلطَه بأهله وبنيه، وكان يشتاق إلى زيد كثيرًا إذا غاب عنه، وكان يفرح بقدومه إذا عاد له، ولما شاع هذا الأمر بين الناس، أطلق الناس عليه لقب حب رسول الله، وهذا اللَّقب لم يتشرف به أحد غيره من الصحابة.
عندما كان زيد طفلا صغيرا، تم اختطافه من والدته وبيعه في سوق عكاظ. اشتراه رجل يدعى حكيم بن حزام وأعطاه لعمته السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-. بعد أن تزوجها النبي، هبت له السيدة خديجة الغلام. يروى أن والده وعمه جاءا إلى النبي محمد قبل أن يتبناهما وطالباه بالعودة معهما. ثم دعاه النبي محمد وقال له: `أنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما`. فأجاب زيد قائلا: `أنا لن أختار بينكما، أنتما لي مكان الأب والأم`. فتعجب والده وعمه وقالا: `يا زيد، أتختار العبودية على الحرية وعلى والدك وعمك وأهل بيتك؟!` فرد زيد قائلا: `نعم، لقد رأيت من هذا الرجل ما يجعلني لا أختار بينهما أبدا`. عندما رأى النبي محمد ذلك، أخذ زيد بيده وخرج به إلى الحجر وقال: `يا أيها الحاضرون، اشهدوا أن زيد هو ابني وأنه سيورثني`. فشعر والده وعمه بالطمأنينة وانصرفا، وبدأ زيد يدعى `زيد بن محمد`.
ولقد ورد اسم زيد بن حارثة في القرآن مرة واحدة، في سورة الأحزاب آية 37 كما يأتي: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) آية 37.
سبب نزول الآية التي ذكر فيها اسم زيد بن حارثة
سبب نزول هذه الآية هو أن زيدا اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشأن زوجته زينب بنت جحش بسبب موقعها منه؛ إذ إنه كان مولاه ومتبناه، وعلى الرغم من أن زينب بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن زيدا عرض الطلاق، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بها والصبر عليها، على الرغم من أنه كان يعلم بأن زيدا سيطلقها وستصبح زوجته، وهذا ما كان يخفيه في نفسه ولم يرد أن يأمره بالطلاق، لأنه كان يعلم بأنه سيتزوجها، وخشى أن ينتشر القول بين الناس بأنه تزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه، على الرغم من أنه أمره بالطلاق سابقا، وذلك لأنه كان محظورا في الجاهلية أن يتزوج الرجل امرأة ابنه من التبني، فانتقد ربه لهذا الخوف الزائد من ردة فعل الناس في شيء أباحه له، فقال: “أمسك” مع العلم بأنه سيطلقها.
وأما ما يقوم بعض الناس الجهلة بقوله أن النبي صلى الله عليه وسلّم رأى زينب من وراء الستار، فوقعت في قلبه ففُتن بها وعشقها، ولما علم زيد بن حارثة بذلك كره زوجته وأراد أن يطلقها، وآثر النبي صلى الله عليه وسلّم بها عاى نفسه، فطلقها ليتزوجها بعده، كلّ هذا افتراء وتلفيق لا يصدر عن النبي ولا يقوله إلا مستخفٍ بحرمة النبي صلى الله عليه وسلّم، وجاهل بعصمته عن هذه الأمور، وأن النبي صلى الله عليه وسلّم أعظم شأنًا من هذا التدني، وأعف نفسًا، وأكرم أخلاقًا، وأعلى منزلةً وشرفًا من أن يحصل منه شىء من ذلك، وهو الذي قال الله عز وجل في شأنه (وانَّكَ لَعل خُلُق عظيم).
ومن المعروف من خلال كتب السيرة، كما ورد، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – هو من عنى بأمر زواج زيد من زينب، لأنه كان وليا ومتبنى له. فقد خطبها له نفسه، ولكنها رفضت وقالت: أنا أفضل منه من ناحية النسب. ويروى أن الله أنزل في هذا الأمر الآية التالية: `وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا`. فاستجابت وطاعت الله ورسوله. ولو كانت قلبها معلقا بهذا الأمر، لاستأثرت به من البداية، خاصة أنها رفضت أن تتزوج زيدا ولم ترض به حتى نزلت الآية ورضيت بالأمر.
من هو زيد بن حارثة
هو زيد بن حارثة المتوفى سنة 8 هـ، هو صحابي جليل وقائد عسكري مسلم، ولقد كان مولى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان النبي محمد قد قام بتبنيه قبل البعثة، وهو أول الموالي إسلامًا، ومن السابقين الأولين للإسلام، وهو الوحيد من بين أصحاب النبي محمد الذي قد ذُكر اسمه في القرآن، ولقد شهد زيد العديد من غزوات مع النبي محمد، كما بعثه قائدًا على عدد من السرايا، ولقد استشهد زيد في غزوة مؤتة وهو قائد جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين والغساسنة يفوق المسلمين عددًا.
نشأة زيد وتبني النبي محمد له
ولد زيد بن حارثة بن شراحيل، وقيل شرحبيل بن كعب، قبل هجرة النبوة بسبعة وأربعين عاما في دار قومه من بني كلب أحد أفرع قضاعة. أما والدته فهي سعدى بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن التابعة لطيئ. تعرض زيد للاختطاف وهو طفل صغير من قبل فرسان بني القين بن جسر قبل الإسلام، عندما هاجموا ديار أسرة والدته من بني معن خلال زيارتها لأهلها. تم بيعه في سوق عكاظ، واشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، زوجة النبي محمد. عندما تزوج النبي محمد سيدته خديجة، أهدته الغلام زي.
إسلام زيد بن حارثة
عند نزول الوحي ودعوة النبي محمد لدعوة الإسلام، كان زيد من أوائل المؤمنين، وكان إسلامه بعد خديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب، وقبل أبي بكر الصديق، وكان أول الموالين يسلم، ومنذ إسلام زيد، كان يرافق رسول الله محمد حتى أمره بالهجرة إلى يثرب، فهاجر زيد ونزل ضيفا على كلثوم بن الهدم، وعندما جمع النبي محمد بين أصحابه، جمع بين زيد بن حارثة وحمزة بن عبد المطلب، ويقال أيضا بينه وبين أسيد بن حضي.
وشهد زيد مع النبي عدة غزوات، بما فيها غزوة بدر، وكان هو المبشر بالنصر عندما وصلوا إلى المدينة المنورة. قام أيضا بالمشاركة في غزوة أحد وغزوة الخندق وخيبر، وشهد أيضا صلح الحديبية. تم تعيين زيد كوليد للنبي محمد عندما غادر المدينة إلى المريسيع. كان معروفا أن زيد كان راميا ماهرا، وقد منحه النبي محمد القيادة في سبع معارك، بدءا من القردة وانتهاء بأم قرفة. تم تعيينه أيضا قائدا لمعركة مؤتة، حيث قاد ثلاثة آلاف مقاتل مسلم لمواجهة جيش الروم والغساسنة الذين كانوا أعدادا ومجهزين أكثر. نصح النبي المسلمين بترتيب القادة وقال: `إذا قتل فجعفر بن أبي طالب، فإذا قتل فعبد الله بن رواحة.` تحققت توقعات النبي محمد حيث قتل زيد في المعركة بطعنة بالرمح. وقع ذلك في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، وكان عمره 55 سنة في يوم وفاته.