من هو ؟  الصحابي الذي لقب ابو دسمة وسبب التسمية

الصحابة من غير العرب

دخل الإسلام في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مجموعة من الصحابة الأحباش الذين جاءوا إلى مكة كعبيد. عندما جاء الإسلام ، أسلم بعضهم. ومن بين الأثيوبيين الأكثر شهرة الذين اعتنقوا الإسلام هو “أم أيمن بركة” ، حاضنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم. ورثها رسول الله من أمه آمنة وأطلق سراحها. وهي والدة أسامة بن زيد. وكان بلال بن رباح مؤذن رسول الله ، وهو من أوائل الصحابة. وكان عبدا لأمية بن خلف ، واشتراه أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – وأطلق سراحه. ومن بين الصحابة الأحباش البارزين وحشي بن حرب الملقب بأبودسمة ، وسنتحدث عنه في الأسطر التالية.

تسمية وحشي بن حرب بأبو دسمة

الصحابي الجليل وحشي بن حرب الملقب بأبو دسمة، هو من العبيد الأحباش الذين كانوا في مكة المكرمة، ولقب بأبو دسمة لأنها تعتبر كنية الحبشي عموماً لسواده واللقب ليس خاصًا بوحشي بن حرب وحده، وكان وحشي من عبيد طعيمة بن عدي، وقيل إنَّه كان من عبيد جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي.

قتل وحشي بن حرب لحمزة

انتشر في أوساط المثقفين وطلبة العلم أن الصحابي الجليل وحيشي بن حرب، رضي الله تبارك وتعالى عنه، كان غلاما لدى هند بنت عتبة قبل اعتناقه الإسلام. انتشرت مقولة `وحشي غلام هند بنت عتبة`، ويقال أيضا أن هند بنت عتبة حرضت وحشي بن حرب على قتل حمزة رضي الله عنه. ولكن هذا غير صحيح، فوحيشي بن حرب كان غلاما لجبير بن مطعم، وهو من حرضه على قتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول صلى الله عليه وسلم.

يُعرف عن وحشي بن حرب، أنَّه قاتل عمَّ الرسول  -صلَّى الله عليه وسلَّم- حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وحدث ذلك في غزوة أحد، ولكن أيضًا يُشهد لأبو دسمة أنَّه شارك في حرب الردة “المرتدين عن الإسلام”، وقتل وحشي في هذه الحرب مسيلمة الكذاب، وكان من أشهر أقواله: “قتلتُ خير النَّاس في الجاهلية وشر الناس في الإسلام‏”.

يقول وحشي عن نفسه: كنت خادما لجبير بن مطعم، وقتل عمه طعيمة بن عدي في غزوة بدر. وعندما ذهبت قريش إلى يوم أحد، قال لي جبير: إذا قتلت حمزة عم محمد بن عبد الله فأنت سيد يقول: فخرجت مع الناس عند خروجهم في يوم أحد، وخرجت لأرى حمزة وأتفرج عليه، حتى رأيته كجمل متألق في أمام الناس، يهزم الأعداء بسيفه. فقلت في نفسي: أريد أن أقتله، واختبأت في شجرة أو ربما كانت في حجر، حتى يقترب مني. ورفعت سيفي وهزمته به، وسقط في ثنته حتى خرجت من بين قدميه. وتركته هناك حتى مات. ثم أتيت إليه وأخذت سيفي، وعدت إلى الجيش، ولم يكن لي حاجة لأي شيء آخر. وعندما عدت إلى مكة، تمت تحريري من حالة العبودية.

قصة إسلام وحشي بن حرب

أنعم الله على المسلمين، بفتح مكة سنة 8 من الهجرة، ولما حدث ذلك فرّ وحشي من مكة المكرمة إلى الطائف، ولمَّا تم تسليم الطائف وخرجَ منها الوفد الخاص بالتسليم إلى مكة المكرمة، ضاقت الأرض على “أبو دسمة”، وقال عن ذلك: “بعد خروج وفد الطائف للتسليم ضاقت علىّ الأرضُ بما رحبتْ وقلتُ بالشَّام أو اليمن أو بعض البلاد فولله إنّي لفي ذلك من همي”.

خلال هذه الأحداث، سمع وحشي رجلا يقول إن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم لا يقتل أحد يدخل في الإسلام. فخرج وحشي، المعروف أيضا بـ “أبو دسمة”، من الطائف متوجها إلى المدينة المنورة. ودخل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليعلن دخوله الإسلام. وصرح وحشي قائلا: “لقد قدمت إلى المدينة لأدخل في دين الله تعالى، فدخلت عليه بحذر وتواضع. وتقدمت حتى وصلت ليفوق رأسه، ثم قلت: أشهد أن لا إله إلا الله”. فعندما سمع النبي الشهادتين، رفع رأسه نحوي، وعندما عرفني، أبعد بصره عني وقال: “أيها الوحشي، أنت؟”. فأجبته قائلا: “نعم يا رسول الله”. فقال لي: “اجلس وحدثني عن كيفية قتلك لحمزة”. فأخبرته بالتفاصيل، وعندما انتهيت من حديثي، أعرض عن وجهي وقال: “ويلك يا وحشي، اختف من وجهي، فلا أراك بعد اليوم”. فقال وحشي، المعروف أيضا بـ “أبو دسمة”: “كنت أتنقب حيثما كان رسول الله، إلا أنه لم يرني حتى أخذه الله تعالى.

وفي صحيح البخاري: يقول الوحشي أنه أقام في مكة حتى انتشر فيها الإسلام، ثم غادر إلى الطائف حيث أرسلوا رسولا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل للوحشي: إنه لا يغضب الرسل، فقال الوحشي: فخرجت معهم حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما رآني قال: (أنت الوحشي). قلت: نعم، فقال: (أنت قتلت حمزة). قلت: قد حدثت أمور لم يصلك عنها خبر، فقال: (فهل يمكنك أن تخفي وجهك عني). فقلت: فخرجت.

مشاركة وحشي بحروب الردة وقتله لمسيلمة

أثناء فترة حكم أبي بكر الصديق، قامت بعض قبائل العرب بالانتفاض ضد حكمه، وفي هذا الوقت قاد أبو بكر جيشًا يعرف باسم اليمامة لمحاربة جيش مسيلمة الكذاب، وقام وحشي بن حرب باستغلال هذه الفرصة وانضم إلى الجيش بهدف تكفير ذنبه بقتل عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حمزة بن عبد المطلب.

وقال وحشي بن حرب “أبو دسمة”، فلما بدأت الحرب واشتدت أخذت حربتي لضرب مسيلمة الكذاب، وفي هذا التوقيت تهيأ رجل آخر من الأنصار لضرب مسيلمة، فهززت حربتي ورميتها على مسيلمة فجاءت في عانته، ثم ذهب عليه الرجل الأنصاري فضربه بسيفه، ويقول وحشي بن حرب “أبو دسمة” عن ذلك: “الله أعلم أينا تمكّن من قتله”.

وفاة وحشي بن حرب

عاش وحشي بن حرب، الملقب بـ “أبو دسمة”، حتى تولى عثمان بن عفان الخلافة، ثم انتقل إلى حمص وتوفي ودفن فيها. يوجد قبر وحشي بن حرب في حي باب الدريب بحمص، حيث دُفِن بجوار ثوبين من ملابس الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وحشي في السينما والتلفزيون

ظهرت شخصية الصحابي الجليل وحشي بن حرب، المُلقّب بـ `أبو دسمة`، في العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي سنعرضها لكم فيما يلي:

• قدّم الممثل سالم جدارة دور الصحابي وحشي بن حرب ببراعة في فيلم الرسالة الذي أخرجه مصطفى العقاد وعُرض في عام 1976.
• قام الممثل محمود السمكري بتجسيد دور الصحابي الوحشي بن حرب في فيلم الخوافي والقوادم في نصرة الإسلام، الذي عرض في عام 2009.
• جسّد الممثل سامي بلال دور الصحابي وحشي في مسلسل خالد بن الوليد، والذي يحكي قصة سيف الله المسلول، وتم عرضه في عام 2007.
• قام الممثل التونسي زياد تواتي بتجسيد دور الصحابي وحشي في مسلسل “عمربن الخطاب” الذي يحكي قصة الفاروق، وقد عُرض المسلسل في العام 2012.