من هو ابن الرومي ؟
يحتل الشعراء العرب مكانة عالية جدا عبر العصور، بدءا من العصر الجاهلي وحتى يومنا هذا، إذ كانوا ذوي خبرة كبيرة جدا في جميع جوانب اللغة والأدب والنحو، وخاصة فحول الشعراء في العصر الجاهلي، وخاصة الشعراء المخضرمين الذين عاصروا الجاهلية والإسلام، واستطاعوا تحويل الشعر العربي إلى قالب جديد مع ظهور الإسلام، ومن بين هؤلاء الفحول هو الشاعر الكبير المقام ابن الرومي، فلنتعرف أكثر على حياته .
من هو ابن الرومي؟” يشير إلى شخص يدعى أبو الحسن علي بن العباس بن جريح، والمعروف أيضا باسم جورجيس. ولد في بغداد، وتحديدا في مدينة العقيقة، في العام 221 هـ. وهو من أصل رومي، وأمه من أصل فارسي. اهتم ابن الرومي منذ صغره بكتابة الشعر، حيث تلقى تعليمه من محمد بن حبيب. عاش حياة صعبة ومريرة، وكان شعره يعكس الحياة التي عاشها، حيث كثيرا ما تناول في قصائده المآسي والرثاء لأعز أحبابه، بمن فيهم أمه التي كانت امرأة صالحة وتقية كما رسمها في شعره.
شعره : ابن الرومي هو شاعر من العصر العباسي وتنوعت أشعاره بين المديح والهجاء والرثاء، وكان أحد أهم شعراء عصره، ولديه ديوان شعر مطبوع. وعلى الرغم من مكانته الكبيرة، إلا أنه لم يكن محبوبا من الناس، حيث كان يحسده من حوله، وكان حظه سيئا، فضاعت أعماله وحرقت ضيعته وأكلتها الجراء، وتوفي والده ووالدته وأخوه وخالته، ثم زوجته وأولاده الثلاثة، حيث قال في رثاء ابنه الأوسط:
بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي فجودا فقد أودى نظيركما عندي
بنى الذي أهدته كفأي للثري فيا عزة المهدي ويا حسرة المهدي
توخى حمام الموت في وسط صبيتي فلله كيف اختار وسيلة العق
طاوله الردى عني فأضحى مزاره بعيدا على قرب قريبا على بع
فعلى الرغم من النظرة التشاؤمية التي كان بعين ابن الرومي إلا أن معظم شعره كان بغرض المديح حيث عاصر ثمانية من الخلفاء العباسيين وكان يحاول دائما أن يتقرب منهم بمديحهم إلا أنهم كانوا يرفضون ذلك ويمتنعون عن إعطاءه الهدايا ، ومن الممكن أن يكون السبب هو صدق إحساس ابن الرومي فكان لا يحب المبالغة أو النفاق في المدح حيث ابتعد عن المراءة وعن التلفيق .
تأثر شعره بأغراض مختلفة، حيث مزج بين الفخر والمح، وأدخل الشكوى والأنين في المدح بسبب المصائب التي عاشها، وكان دائما يذكر الموت والفراق. ومن ناحية أخرى، كان شديد القسوة في الهجاء، كما برع في وصف الطبيعة والرثاء بسبب موت أقرب الناس إليه، مما جعله يبحر في كل بحور الشعر المختلفة .
وفاته : توفي ابن الرومي في عام 283 هـ حيث توفي بسم السم بيد وزير الإمام المعتضد بسبب خوفه من هجاءه. قدم الوزير السم في الحلوى وأكله ابن الرومي. وعندما شعر بالسم، أراد أن يغادر المكان. فسأله الوزير: إلى أين تتجه؟ فأجابه ابن الرومي: إلى المكان الذي أرسلتني إليه. فرد عليه الوزير قائلا: اسلم على والديك. فقال ابن الرومي: ليس طريقي النار. وهذا يدل على ذكاء وذكاء ابن الرومي حيث أدرك حتى وهو يموت أن السم جاء من يد هذا الوزير.