من هو ابن الاثير
هو عز الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري الموصلي الشيباني من بني شيبان وهو ملقب بـابن الأثير الجزري ، وهو مؤرخ عربي مشهور شهد ابن الأثير كل ما حدث في دولة صلاح الدين الأيوبي ، وعرف كل أحداثها ويعتبر كتاب الكامل في التاريخ شامل لكل الأحداث التي حدثت في هذه الفترة من التاريخ الإسلامي.
ابن الأثير تعلم الكثير من المعارف الأولية في جزيرة بن عمر، ثم انتقل مع أسرته إلى بلد الموصل، وهناك درس مع أخيه “مجد الدين أبي السعادات” و”عز الدين علي بن الأثير الجزري” وتلقى العلوم والفقه على يد العلماء المشهورين، وحفظ القرآن الكريم والأحاديث في الموصل، وكذلك تعلم اللغة العربية واللغات والشعر حتى أصبح مشهورا في جميع المجالات الأدبية.
السيرة الذاتية لابن الأثير الجزري
عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري وُلد في الرابع من جمادى الآخر عام 555 هـ في الجزيرة المعروفة في المصادر العربية الإسلامية بجزيرة ابن عمر، وهي تابعة لحدود الدولة التركية حاليًا في مقدمة الجزيرة السورية .
تمتاز عائلة الشخص المذكور بالاهتمام بتعليمه، حيث اكتمل حفظه للقرآن الكريم، وتعلم العديد من مبادئ القراءة والكتابة. وعندما عادت عائلته إلى الموصل، ذهب الشخص إلى هناك بعد ذلك، حيث تلقى دروسًا من العلماء الكبار مثل “أبي الفضل عبد الله بن أحمد” و “أبي الفرج يحيى الثقفي.
كان ابن الأثير يستغل فرصة زيارته للحج للسفر إلى بغداد والاستماع إلى الأحاديث من الشيوخ الكبار مثل الشيخ أبي القاسم بن صدقة الفقيه الشافعي وأبي أحمد عبد الوهاب بن علي الصدمي. ثم سافر إلى دمشق وتعلم من شيوخها وعلمائها، واستمع أيضا إلى فقهاء الشام لفترة من الوقت، قبل أن يعود إلى مدينته الموصل ويعيش في بيته بدون انشغال للتأليف.
العلوم التي تلقاها ابن الأثير الجزري
خلال رحلته الطويلة لطلب العلم ولقاء العديد من الشيوخ والعلماء ، درس ابن الأثير العديد من العلوم المختلفة، بما في ذلك الحديث والفقه والأصول والفرائض والمنطق والقراءات؛ حيث التقى بأساتذة مشهورين في هذه المجالات.
لقد اختار ابن الأثير قسمين من العلوم وأجاد الدراسة في هذين العلمين وهما : الحديث والتاريخ ، إلى أن صار إماما في حفظ الحديث ومعرفة كل شئ عن هذه الأحاديث وما يختص بها، لقد حفظ أيضآ جميع التواريخ المتقدمة والمتأخرة ، وأصبح عارفا وحافظا لكل أنساب العرب وأيامهم وأخبارهم ، ليس فقط عالم بالرجال وأنسابهم وأيضا الصحابة.
بدأت شهرة ابن الأثير تنمو في العصر الذي كان فيه مرتبطا بفضل هاتين العلمين، حتى أصبح له صفة المؤرخ الشهير. فقد كانت هناك علاقة وثيقة تربط بين العلمين، التاريخ والحديث. وعندما بدأ ابن الأثير مسيرته العلمية مع المؤرخين والمحدثين الكبار مثل الإمام الطبري، اكتسب هذا الإمام معرفة واسعة في التفسير والفقه والتاريخ. وكذلك كان الإمام الذهبي متمكنا وحافظا وفي نفس الوقت كان مؤرخا عظيما. وكان الحافظ ابن عساكر أيضا يجمع بين هاتين العلمين، وكان ابن الأثير يتعلم منه ومن العديد من العلماء الآخرين.
لقد قال العالم “ابن خلكان” عن ابن الأثير : يتميز هذا الرجل بجمع كل الفضائل والتواضع وكرم الأخلاق، وذلك حين التقى معه في بيته الخاص في الموصل الذي كان مجمعًا للفضلاء، وقيل عنه الكثير من قبل العلماء مثل ابن الدبيثي والقوصي ومجد الدين ابن العديم وأبوه وأبو الفضل بن عساكر وأبو سعيد القضائي .
مناصب ابن الأثير الجزري
تولى ابن الأثير في عام 587 هـ الوزارة للسلطان صلاح الدين ، ثم ذهب بعد ذلك إلى دمشق فسلمها لابنه “الملك الأفضل بن صلاح الدين” ، وبعد فترة قصيرة غادر دمشق، فعمل على خدمة أخيه “الملك الظاهر غازي” المالك مدينة حلب سنة 607 هـ، ولم تدوم إقامته فيها حتي رجع إلى الموصل ، وكتب الإنشاء لصاحبها محمود بن عز الدين مسعود .
صفات ابن الأثير الجزري
ورد في الكتاب الخاص بسير الأعلام الشرفاء للإمام الذهبي: كان “ابن الأثير الجزري” يتميز بالعديد من الصفات المميزة، حيث كان إمامًا وعالمًا وإخباريًا وأديبًا ورئيسًا محترمًا، وكان منزله مركزًا لتعلم العلم، وفي نهاية حياته كان متفانيًا في الحديث .
علماء تدرس على يدهم لابن الأثير الجزري
درس ابن الأثير على يد العديد من العلماء والأساتذة الكبار، مثل
- الخطيب أبي الفضل الطوسي.
- مسلم بن علي السيحي.
- يحيى بن محمود الثقفي.
- يعيش بن صدقة.
- عبد الوهاب بن سكينة.
- أبي القاسم بن صصرى.
- الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن عساكر الدمشقي الشافعي، الملقب بـ `زين الأمناء`، كان بيته مجمعًا للفضلاء والأدباء
مؤلفات ابن الأثير الجزري
كتب “ابن الأثير” أربعة مؤلفات تاريخية بفضل المعرفة التاريخية التي استخدمها في مؤلفاته، حيث تعلمها من حكام مدينة الموصل، ورحلاته التعليمية، والوظائف السياسية التي شغلها عن طريق صاحب المدينة، وكانت رحلاته مع صلاح الدين في غزواته سببا في تعلمه الكثير، مما ساعده على وصف الأحداث والمعارك التي شاهدها، واستفاد من دراسة الكتب واهتمامه بالقراءة والتعلم، وقام بتنظيم هذه المواد والمعلومات التي اكتسبها، وعمل على ترتيب هذه الأحداث حتى كتب في أربعة مؤلفات، وأصبح “ابن الأثير” واحدا من أبرز المؤرخين المسلمين بعد الإمام الطبري، وبذلك فقد كتب في أربعة أنواع من الكتابة التاريخية.
ومن مؤلفات ابن الأثير :
- هو كامل في السجل التاريخي، ويعود إلى العام الجاري.
- التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية.
- أسد الغابة في معرفة رفقائه، وهو في سير الأصحاب.
- اللباب في تهذيب الأنساب.
كتاب الكامل في التاريخ
هذا الكتاب يضم التاريخ العام ومكون من 12 مجلد، من أول الزمان بداية الخلق إلى عصره ، حيث انتهى عند آخر سنة 628 هـ. وفي هذا الكتاب يسرد ابن الأثير تاريخ العالم القديم إلى أن بدأ الإسلام ، وتاريخ العالم الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى عصره، واعتمد في الكتابة على المنهج الحولي في تسجيل وسرد المشاهد والأحداث .
فكان يسجل الأحداث المتعلقة بكل سنة في مجلد خاص ، وجعل التوازن بين أخبار المشرق والمغرب وما يدور بينهما على مدة سبعة قرون وربع قرن ، وهذا الشئ أعطى لكتابه الطابع التاريخي العام أكثر من أي تاريخ عام أخر ، وكان ابن الأثير حريصا على ألا يهمل الحوادث المحلية في كل إقليم ، وكل ما يتعلق بالأخبار الخاصة بالظواهر الجوية والأرضية من حالات الغلاء والرخص، وقحط وأوبئة وزلازل.
كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة
تدور أحداث هذا الكتاب حول ترجمة صحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذين نقلوا رسالة الدعوة، وسيرهم في البلاد، وكيف فتحوا الدول والممالك بخبراتهم وأساليبهم، قبل أن يلجأوا إلى القتال والفتح بالقوة.
استخدم ابن الأثير في هذا الكتاب العديد من المؤلفات، واختار أربعة منها كمصادر له وهي:
- معرفة الصحابة لأبي نعيم.
- والاستيعاب في معرفة الأصدقاء لابن عبد البر.
- ومعرفة الأصحاب لابن منده.
- والذيل على معرفة الأصحاب لابن منده.
احتوى هذا الكتاب على ترجمة تقريبا لـ 7554 سيرة صحابي وصحابية، ويحكي كل شيء عن كل شخص بالتفصيل لتوضيح هويته كصحابي؛ حتى يكون القارئ ملما ومطلعا على كل تفاصيله ويهتم أيضا بالترتيب الأبجدي في السرد. يبدأ الحديث بذكر اسم الصحابي ونسبته وموقفه من الهجرة إذا كان من المهاجرين، والمشاهد التي شهدها مع الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان مشاركا في الغزوات، ويذكر تاريخ ومكان وفاة الصحابي إذا كان معروفا.
وفاة ابن الأثير
بعد رحلاته الطويلة في طلب العلم، بقي ابن الأثير مقيمًا في موطنه الموصل، حيث استمتع بثروته التي جعلته يعيش حياة رفيعة، وأقام ملتقى للطلاب والزائرين في منزله، حتى توفي في شعبان من العام 630هـ، وتقع قبره في الموصل حيث تم هدم المقبرة وبقي قبره وسط الشارع في باب سنجار.