من هم الجهاردية
شهد التاريخ العديد من الأحداث والأمور الشائكة عبر العصور المختلفة، وأظهر صورا للعديد من الحركات التنظيمية المتبعة في البلاد من قبل مجموعات معينة من الأشخاص. ومع ذلك، فإن ما يعرف بتنظيم الجهاردية ليس له وجود تاريخي، ولكن بعض التنظيمات اعتمدت أفكارا معينة تحت اسم هذا التنظيم في العصور المختلفة وحتى الوقت الحاضر.
من هم الجهاردية
هو تنظيم يتمتع بأيديولوجية دينية، ولكنه تطور بشكل كبير ليصبح تنظيما مسلحا يقدم الدعم لدول وإمبراطوريات محددة. وهذا التنظيم ليس مقتصرا على الدين الإسلامي، بل أصبح حركة عامة تشمل بعض غير المسلمين. وظهر التنظيم لأول مرة مع فكرة المهدي الذي سيظهر في آخر الزمان عن طريق المختار الثقفي، صاحب الحركة الكيسانية. وكان الهدف من الثقفي الانتقام من قتلة الإمام الحسين من خلال ثورة دينية مسلحة.
كانت النقطة الناقصة للمختار في هذه الثورة هي الحصول على موافقة أصحاب الدم على هذه الثورة. فصرح بأن محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب هو المهدي، وأصبحت هذه القولة مصدقة لثورة المختار، ولكن لم يقصد بها أنه إمام آخر الزمان. انتهت أحداث الثورة التي قادها المختار بمقتل 100 شخص متورط في مقتل الحسين، وأصبح المختار حاكما على الكوفة. وانتهت حكمه على يد آل الزبير، وقد قتل في الصراع من الجانبين عشرة آلاف شخص، من بينهم ستة آلاف من أسرى جند المختار.
الجهاردية في العصر العباسي
استعادت الدولة العباسية فكرة الإيمان بالإمام المخلص وقامت بالدعوة لبني العباس، وتحالف العلويون معهم للقضاء على الأمويين، وانهارت الدولة الأموية وكان أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين، ثم حدث صدام مع العلويين، حيث كانت فكرة المهدي موجودة في ذهن العباسيين عندما قتلوا حلفاءهم القدامى بما في ذلك آل البيت، ثم أطلقوا لقب المهدي على أحد حلفائهم وهو المهدي والد هارون الرشيد.
تم تجديد فكرة الاعتقاد بالمهدي على النحو الجهاردية في منتصف عهد الدولة العباسية، ولكن ذلك حدث في مجتمع البربر. حيث تسارعت الأفكار وظهرت الدولة الفاطمية بقيادة عبيد الله الذي ألصق لقب المهدي بنفسه مع داعيه عبدالله الشيعي. ثم قام عبيد الله المهدي بقتل الداعية بعد تأسيس الدولة الفاطمية. وبعد تثبيت وجود الدولة الفاطمية في مصر، نشأ تنظيمان مستمدان من فكرة المهدي وهما جماعة إخوان الصفاء وخلان الوفاء. وكانت لهذين التنظيمين إسهامات فلسفية وفكرية بحتة. وعرف التنظيم الثاني باسم الحشاشين، وكان تنظيما دينيا مسلحا يدعم الحاكم. ظهرت أيضا بعض الجماعات الأخرى في بلدان مختلفة تأثرت بفكرة المهدي.
الجهاردية في الدولة العثمانية
كان عهد سليم الأول عهدًا ترويجيًا لفكرة أنه الشبيه للإمام المخلص ، وذلك لأنه هزم المماليك في مرج دابق ، كما أن الطرق الصوفية في مصر كانت داعمة لفكرة المهدي المنتظر ولكن بالشكل الديني لا السياسي ، بينما قام العثمانيون بدعم الطرق الصوفية ذات الأبعاد الشيعية الباطنية ، كما قامت بتسليح بعضهم في بعض الأحيان.
الجهاردية في العصر الحديث
تبنت العصور الحديثة نفس فكرة المهدي؛ حيث ادعى الكثيرون وجود هذه الفكرة واعتمد البعض منهم جانبا عقائديا. وقد حدثت في السودان ثورة مسلحة عرفت باسم الثورة المهدية التي استمرت لمدة 18 عاما والتي كانت بداية انهيار السودان. ولم تسلم بلاد الحرمين الشريفين من هذه الفكرة؛ حيث تم اقتحام الحرم المكي في عام 1979م عندما استخدم جهيمان العتيبي القوة المسلحة للإعلان أن صهره محمد بن عبدالله هو المهدي. وقد قتل 312 شخصا في هذا الحادث، وليأتي تنظيم داعش الإرهابي في وقت لاحق ليتبنى هذه الفكرة.