من حفر آبار قرية لينة الجن أم الإنس ؟
توجد العديد من المعجزات التي قام بها الرسل والأنبياء عليهم السلام، والتي تدل على القوة والعظمة الإلهية. ومن هذه المعجزات، آبار قرية لينة التاريخية التي ذكرت في الكثير من كتب التاريخ. ويقول بعض الناس إن هذه الآبار حفرت بواسطة الجن في عهد سيدنا سليمان عليه السلام، ولكن هناك آراء مختلفة حول هذا الموضوع. فقد ذكر الدكتور عيد اليحيى في برنامجه “على خطى العرب” على قناة “العربية” أن هذه الآبار حفرت بواسطة البشر بدلا من الجن، وقد قدم الأدلة على ذلك. وسوف نتحدث في هذه المقالة عن حقيقة آبار قرية لينة ومن قام بحفرها، هل الجن أم الإنس؟.
آبار قرية لينة حفرت بواسطة البشر
وفقا لموقع سبق، ذكر الدكتور عيد اليحيى أن آبار قرية لينة تم حفرها بواسطة البشر، وأن الجن ليست مخلوقات روحانية قادرة على القيام بهذا العمل الشاق. تم العثور بجانب الآبار على مجس اختباري منحوت في الصخور الصماء ومدفون في الرمال، مما يؤكد أن البشر هم من قاموا بحفر الآبار باستخدام أداة مصنوعة من رؤوس صخور بازلتية قاسية مثبتة في رؤوس الخشب. وتم الحفر باستخدام البري والدوران، مما ينفي قيام جن سيدنا سليمان عليه السلام بحفر الآبار.
تاريخ آبار قرية لينة
تقع هذه الآبار في قرية لينة التابعة لمحافظة رفحاء والتي يبلغ عددها أكثر من 300 بئرا وتنتشر هذه الآبار بشكل كبير داخل حواري وأحياء القرية ويبلغ عمق بعضها حوالي 20 مترا، وقيل أن هذه الآبار تعود إلى عهد سيدنا سليمان عليه السلام، وقد أوردت كتب التاريخ هذه القصة التي تقول بأن الجن هو من حفر تلك الآبار، فحينما كان سيدنا سليمان عليه السلام في هذه المنطقة قادما من القدس ومتوجها إلى اليمن حيث ضاق جيشه ذرعا من شدة العطش، وقد ضحك أحد الجن وعندما سأله سيدنا سليمان عن سبب الضحك قال له أنتم عطشى وتحتكم لجة من البحر فأمر “سليمان” الجن فحفروها وظلت باقية حتى وقتنا هذا.
أكد بعض العلماء والمتخصصون أن تلك الآبار تم حفرها بواسطة الجن، حيث تم حفرها جميعا في وقت واحد. وتتميز بفتحات ضيقة لا تتجاوز قطرها نصف متر، وبالتالي لا يمكن للأشخاص العاديين حفرها أو النزول إليها. بالإضافة إلى صلابة الصخور وتماسك التربة التي تم حفرها فيها الآبار، فمن المستحيل أن يتمكن أي شخص من تحطيم هذه الصخور، إلا بواسطة المعدات الضخمة والآليات التي لم تكن متاحة في ذلك الزمان. وهذه هي الدليل الذي يؤكد ما ورد في كتب التاريخ .
“لينة” في كتب التاريخ
ذُكِرت “لينة” في العديد من كتب التاريخ والمعاجم، حيث سجل المؤرخون تاريخها من خلال هذه الكتب، وتتلخص تلك السجلات فيما يلي:
1- ذكرها ياقوت الحمودي في معجم البلدان فقال: لينة بالكسر ثم السكون وفتح النون، قال المفسرون في قوله تعالى “ما قطعتم من لينة” كل شيء من النخل سوى العجوة واحدتها لينة، وقيل ان بها 300 بئر، ويقال ان شياطين سليمان احتفروها، وذلك لأنه خرج من ارض المقدس يريد اليمن فتغدى بلينة وهي ارض خشنة فعطش الناس وعز عليهم الماء، فضحك شيطان كان واقفاً على رأس سليمان، فقال له سليمان: ما الذي يضحكك؟ فقال: أضحك لعطش الناس وهم على لجة البحر!! فأمر سليمان فضربوا بعصيهم فأنبطوا الماء.
وصف السكوني في معجم لغته القرآنية لينة المنزل الرابع لقاصد مكة من واسط، وهي بئر كثيرة الركّة والقلب تعرف باسم `الآبار`، وتحتوي على ماء طيّب وحوض للسلطان، ويقال إنها تابعة لبني غاضرة وأن بها 300 عين، والمقصود بالعين هنا هو بئر، وليس ينبوعًا.
3- ذكرها صاحب كتاب العرب وقال لينة ماء لبني أسد احتفره سليمان بن داود عليهما السلام، وذلك انه كان في بعض أسفاره فشكا جنده العطش، فنظر إلى سبطر فوجده يضحك فقال: ما أضحكك؟ فقال: اضحكني ان العطش قد اضر بكم والماء تحت أقدامكم، فاحتفر لينة؛ حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي، وقد يقال لها اللينة.
4- قال أبو منصور عنها إنها تقع في مكان نائ في البادية، على يسار المصعد في طريق مكة، ويرتدي حذاء الهبير.
5- ذكره زهير فقال: ماء نقي لا يحتوي على طعم أو رائحة، قال: وفيها ينبوعات عذبة تنبع في صخرة طرية.
6- وذكرها البكري في كتابه معجم ما استعجم: لينة، يُكسر أول حرف فيها، ويُضاف نونٌ على حرف اللين من الكلمة `النخل`، وتعني بئرًا من أعذب الآبار في طريق مكة.
نبذة عن قرية لينة التاريخية
تعتبر قرية لينة التاريخية واحدة من أقدم القرى في الجزيرة العربية، وتقع على بعد 100 كيلومتر جنوب رفحاء في منطقة الحدود الشمالية. إنها تعد إحدى القرى التاريخية الهامة، وتحظى هذه القرية بأهمية استراتيجية نظرا لموقعها على تقاطع الطرق الرئيسية التي تربطها بالرياض والقصيم وحائل عبر الطريق الدولي. إنها جزء من طرق التجارة القديمة التي تربط بين نجد والعراق، وتقع أيضا بالقرب من درب تاريخي مهم وهو درب زبيدة المعروف .
ويعود تاريخ قرية لينة إلى عهد سيدنا سليمان عليه السلام، وأصبحت في العهد الحديث أكثر إشراقا حتى أنها أصبحت مركزا تجاريا مهما يجمع بين تجار العراق والجزيرة العربية وخاصة أهالي نجد والشمال، ويوجد بها مجموعة من المخازن التي يخزن فيها التجار المواد الغذائية والتي لازالت آثارهم موجودة إلى الآن وتعرف باسم ” السيابيط”.