مناظرة بين المكتبة والمدن الترفيهية
من الأمور المثيرة للتعجب كيف يتطور العالم بسرعة هائلة ويأخذنا في لمحة خاطفة من الزمن إلى عالم غريب من فرط التطور، فتلك العصور القديمة التي عرفت الكتب لم تدرك قط أن العالم سيعرف بناء آخر على النقيض تماما من بناء الحضارات يسمى المدن الترفيهية، الوجه الآخر من حياة الإنسان بعيدا عن بوتقة المعرفة والاطلاع وحصار الحياة اليومية بكافة التزاماتها وجديتها، فالآن غالبية الناس قد هجروا المكتبات ويأخذون أبناءهم بأيديهم الذين يمثلون الجيل القادم والأجيال المستقبلية إلى المدن الترفيهية لقضاء أوقات الفراغ والعطلات الرسمية بدلا من السفر في العوالم الخفية بين طيات الكتب، وفيما يلي نتابع مناظرة بين المكتبة والمدن الترفيهية .
مناظرة بين المكتبة والمدن الترفيهية
في إحدى الندوات، التقت المكتبة بالمدن الترفيهة، وعندما كان الحضور قويًا، أرادت المكتبة أن تتحدى المدن الترفيهية، فقالت:
المكتبة: أنا مصدر بناء الحضارات، أنا مدينة العلم بمختلف أشكاله، ويتم قضاء الوقت معي بما يصقل المعرفة والثقافة ولا يضيع وقت بدون قيمة .
انزعجت المدن الترفيهية بشدة بعد سماعها ما قاله المكتب عنها، حيث اعتبرت هذا الأمر إهانة موجهة لها بشكل خاص
المدن الترفيهية : أنا لا أضيع الوقت هباء، بل أستطيع أن أؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية للإنسان. أمنح الشخص بعض الوقت خارج إطار الحياة الثقيلة من العمل والالتزامات، وأمنحه الكثير من الضحك، والذي تؤكد العديد من الأدلة المتوفرة في المكتبات صحته على القلب والأوردة الدموية .
رأت المكتبة أن المدن الترفيهية لديها حجة ما عليها، لذلك استخدمت منطقًا قاسيًا لتبرير موقفها
المكتبة : بالصراحة، ربما كان للمدن الترفيهية فائدة ضئيلة جدا، ولكن أضرارها ترتفع بشكل كبير، مثل هرم الجيزة في مصر. وأما أضراري فأنا أضفي الكثير من المعرفة والثقافة على الإنسان. فكلما قرأ الإنسان كتابا، كان كأنه يسافر في رحلة سياحية إلى أحد الدول، وكلما زاد عدد المعلومات في الكتاب، زادت قدرته على استكشاف العالم واستكشاف الأنهار والمحيطات وهو جالس في مكانه. فالأمم التي تبتعد عن الثقافة والمعرفة، لا تزيد إلا من جهلها وتتعرض للضرر الاقتصادي. فالعلاقة بين الاقتصاد والثقافة والمعرفة هي علاقة طردية وليس لها أي علاقة بالمدن الترفيهية
تسعى المدن الترفيهية بشدة لفهمها أكثر، لذلك تبحث فيها عن رد قاتل يؤثر على المكتبة بعد كل هذا التفاخر، فقالت
المدن الترفيهية : ألم تزخر المكتبات بكتب تتحدث عن أهمية التقدم والتطور ، أنا شكل من أشكال ذلك التطور التكنولوجي فما وجه اعتراض المكتبة ؟ في زمن قديم كان الاهتمام كله وقت الفراغ ينصب في المكتبة ، ولكن الآن مع تزايد معدل التقدم والتطور وضغوط الحياة واختلاف الإنسان في حد ذاته أصبح لوجودي أهمية كبيرة كما هو الحال للآلة الحاسبة التي لم يكن لها وجود قديمًا ولم يعتمد عليها الدارسين والعلماء ، فهل تنكرين أهمية وجودها الآن واعتماد الجميع عليها ! لكل عصر كلمته أيها المكتبة .
على الرغم من أن الفارق الكبير بين المكتبة والمناطق الترفيهية لا يحتاج إلى كل هذا الجهد والعناء لإثباته، إلا أن المكتبة لم تتمكن بعد من فهم جدية المناطق الترفيهية في دفاعها المستميت عن نفسها، لذلك فإنها قامت بإلقاء آخر بورقاتها في هذه المناظرة
المكتبة : استكمالا للمدن الترفيهية التي تحدثت عن الآلة الحاسبة، أقول إنه على الرغم من أنها استخدمت حديثا، إلا أنها لم تتجاوز المعرفة الأولية التي يمكن الحصول عليها من الكتب حول كيفية إجراء العمليات الحسابية. فكل طالب يستخدم الآلة يعرف كيف يقوم بهذه العمليات الحسابية دونها. لا يوجد شيء يضاهي قيمة المكتبة ولا يهدد أهميتها. ومن العدل أن يقسم الإنسان وقته بين المكتبة والمدن الترفيهية بشكل سليم. فالمدن الترفيهية لا تقدم المعرفة والثقافة لك ولأولادك، ولا تساهم في تقدم المجتمعات. بينما تقدم المكتبة كل ذلك. وأيضا، لإرضاء الجميع، أضفت كتبا مضحكة لا ننسى القلب وأوردتها من الفوائد العديدة التي توفرها المكتبة .
نبذة عن المكتبة
المكتبة هي تجميعة متنوعة من مصادر المعرفة المتاحة لجميع أفراد المجتمع للاطلاع والقراءة. تتم تنظيم المكتبات بشكل منظم وفقا لفهرس الكتب. إنها تشبه غرفة كبيرة تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب المتنوعة في مواضيع مختلفة تفيد الأفراد في الدراسة والقراءة وإجراء الأبحاث والدراسات .
أنواع المكتبة
هناك عدة أنواع من المكتبات ، نذكر منها ما يلي :
المكتبة المتخصصة
وهي نوع من المكتبات التي تهدف إلى توفير كتب محددة تناقش موضوعا معينا، وتنشأ في إدارات أو مؤسسات مختصة بمجال محدد، بهدف زيادة ثقافة العاملين فيها وتطويرهم. تهدف هذه المكتبات إلى توفير معلومات كافية في تخصصات تتعلق بمجال المؤسسة، والاطلاع المستمر على أحدث التطورات في تلك المجالات من خلال الأبحاث والدراسات التي يتم إعدادها وتسليمها للعاملين للاطلاع عليها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم هذه المكتبات بالتواصل المستمر مع المكتبات المماثلة في أماكن أخرى وتبادل الدراسات معها ومتابعة أعمالها .
المكتبة الجامعية
تنشئ المكتبات داخل الجامعات لتسهيل عملية الحصول على المعلومات للطلاب، وتقوم هذه المكتبات بالشراء وتقديم خدمات الإعارة والإيداع، وتعمل بها فرق ذات كفاءة في المكتبات. تهدف هذه المكتبات أيضا إلى توفير بيئة هادئة ومناسبة للطلاب للقراءة، كما توفر مجموعة متنوعة من الكتب في مجالات مختلفة وتتعاون أيضا مع المكتبات الأخرى سواء داخل البلد أو خارجه .
المكتبة العامة
هي مكتبة تقدم خدماتها للجميع في المجتمع بمختلف الأعمار وتساعدهم على اختيار الكتب التي يريدونها للقراءة والاطلاع، وذلك بدون أي مقابل مادي. تتميز خدمات المكتبة المقدمة للأطفال بعوامل متعددة تهدف إلى تشجيع الأطفال على زيارة المكتبة .
المكتبات المدرسية
وهي نوع من المكتبات يتم إنشاءه في المدارس الابتدائية والثانوية والمتوسطة ، يقوم بالإشراف عليها أحد المعلمين ويطلق عليه ” أمين المكتبة ” ودورها لا يقتصر فقط على الطلاب ولكن أيضًا المعلمين والإداريين ، وتوفر هذه المكتبات نوعيات الكتب التي تستكمل ما تدور عنه المناهج الدراسية ، وتهدف هذه المكتبات إلى تشجيع الطلاب وزرع روح الطموح بداخلهم وتعزز مبادئ التعاون والالتزام وذلك من خلال جعلهم يقومون بأبحاث جماعية .
المكتبة القومية الوطنية
وهي المكتبات الرسمية التي توفرها الدولة ، وهي مكتبات تهتم بالتأليف والبحث والنشر ، وتقوم بحفظ الكتب التي تختص بالتراث الوطني والفكري ، وتقوم بنشر المؤلفات وتتعهد للمؤلفين بحفظها وتقدم لهم رقم إيداع خاص بها ، وتقسم هذه المكتبات إلى ثلاثة أقسام هم ” الشئون الإدارية ، والخدمات المكتبية ، والإجراءات الفنية ” ، وتقدم هذه المكتبات خدماتها للحكومة والباحثين .