مميزات وعيوب نموذج رذرفورد
على الرغم من أنَّ هذا التصوُّر لم يعد هو التصوُّر الدقيق من أجلالذرَّة، إلا أنَّه في الوقت الذي قام فيه رذرفورد بوضع ذلك التصوُّر، كان ذلك بمثابة قفزةٍ علميةٍ
في العديد من الطرق، كان نموذج رذرفورد للذرة هو النموذج الكلاسيكي، على الرغم من أنه لا يعتبر الآن صحيحا على الإطلاق. نموذج رذرفورد اظهر أن الذرة هي مكان فارغ بمعظمها، حيث تدور الإلكترونات حول النواة الثابتة الموجبة الشحنة في مسارات محددة يمكن التنبؤ بها. هذا النموذج تم تطويره من العالم إرنست روذرفورد، وهو مواطن نيوزيلندي يعمل في جامعة مانشستر في إنجلترا في أوائل القرن العشرين
قضى روذرفورد حياته يبحث عن النشاط الإشعاعي، وفي عام 1908، حصل على جائزة نوبل بفضل اكتشافاته حول النشاط الإشعاعي، وبعد ذلك قام بتطوير نموذجه الخاص للذرة
اكتشاف الذرة
تم اكتشاف الذرة لأول مرة من قبل ديموقريطوس في حوالي 400 قبل الميلاد. فقدت هذه المفاهيم في أوروبا خلال العصور المظلمة حتى عام 1803، عندما تخمن العالم البريطاني جون دالتون وجود جزيئات غير مرئية تسمى الذرات والتي تتألف كل شيء
استمر نموذج دالتون البسيط حتى عام 1897، حيث قام العالم تومسون بالكشف عن وجود جزيئات سالبة الشحنة تسمى الإلكترونات داخل الذرات. ومن بين عامي 1897 و1909، اكتشف العلماء أن الذرات تتألف من إلكترونات تنتشر بشكل موحد في مكان موجب الشحنة
يصور نموذج دالتون للذرة على أنها كرة صلبة صغيرة غير قابلة للتجزئة، بينما يصور نموذج روذرفورد للذرة على أنها تحتوي على إلكترونات موزعة في فضاء مشحون إيجابيا
تجربة رذرفورد
أجرى روذرفورد تجربة عن طريق إطلاق جسيمات ألفا على صفيحة من الذهب، ثم درس مسار هذه الجسيمات بعد تفاعلها مع رقائق الذهب
قام روذرفورد في تجربته بتوجيه تدفقات تحتوي على مستوى عال من الطاقة من جسيمات ألفا إلى صفيحة رقيقة من الذهب (سمكها حوالي 100 نانومتر)، وضع شاشة من كبريتيد الزنك حول الرقاقة الذهبية لدراسة انحراف جسيمات ألفا. وأظهرت تجربته بعض الملاحظات التي تتعارض مع نموذج طومسون الذري وتدحض أفكاره، وبذلك فإنها تظهر الفروق بين نموذج طومسون ونموذج روذرفورد
إرنست روذرفورد كان فيزيائياً من نيوزيلندا كان يدرس في جامعة كامبريدج تحت إشراف طومسون، وكان عمله الأخير في جامعة مانشستر سيمنحه المزيد من الأفكار والمعلومات لاكتشاف النموذج الذري، وقد حصل على جائزة نوبل لاكتشافاته في كيمياء المواد المشعة
اعتمدت تجربة روذرفورد على إطلاق جسيمات موجبة الشحنة على ورقة رقيقة من الذهب، كانت جسيمات ألفا رقيقة جدا بحيث أنها يمكن ان تعبر من خلال الورقة من الذهب، وكان نموذج طومسون يرى أن الشحنة الموجبة تنتشر على كامل مساحة الذرة، ومن خلال تجربة رذرفورد، كان يأمل أن يؤكد نتائج طومسون، ولكن الملاحظات كانت مختلفة عما توقع
خلال هذه التجربة، تمر معظم جسيمات ألفا بانحراف ضئيل جدا أو بدون أي انحراف، ومع ذلك، ينحرف عدد قليل من الجسيمات عن مسارها الأصلي بزوايا كبيرة، وكان ذلك غير متوقعا تماما من قبل روذرفورد. واعتبر الشرح الوحيد لذلك أن الشحنة الموجبة لا تنتشر في جميع أنحاء الذرة، بل تكون مركزة في مساحة صغيرة جدا، وهذا يتعارض مع نظرية طومسون للذرة
وعند اكتشاف روذرفورد ذلك كان يشير إلى أن النموذج الذري كان بحاجة لبعض التعديلات عليه، وقام باقتراح النموذج الذي تدور فيه الإلكترونات السالبة حول النواة الموجبة الشحنة، وعلى الرغم من أن اكتشافه ذلك كان تطويرا لنموذج طومسون، إلا أن هناك العديد من الأمور التي لم يستطع تفسيرها
نموذج بور
ثم جاء نموذج بور الذي قام بتصحيح بعض الأخطاء في نموذج روذرفورد. كان بور فيزيائيا دانمركيا يدرك أن الفيزياء الكلاسيكية لا يمكنها تفسير النتائج والأمور التي تحدث على المستوى الذري. لذلك لجأ بور إلى نظرية الكم لتفسير النتائج وتفسير ترتيب الإلكترونات في النواة. افترض نموذج بور وجود مستويات من الطاقة، وأن الإلكترونات يمكن أن توجد في مستويات الطاقة هذه فقط، حيث تكون طاقتها محددة ولا يمكنها أن تأخذ أي قيمة. ويمكن أن تتحرك الإلكترونات فقط في مستويات الطاقة هذه، ويمكنها التحرك إما بامتصاص أو إطلاق طاقة
حاول بور تفسير ترتيب الإلكترونات في النواة وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، ولكن ليس بالشكل الكامل، لأن ميكانيك الكم هو أمر بالغ التعقيد، وقد وصفها بور بنفسه قائلا، إن لم تصدمك ميكانيك الكم بعمق، فأنت لم تفهمها بعد، ويمكن القول أن ميكانيك الكم تصبح في بعض الأحيان غريبة وتأخذ منحى شديد التعقيد
ممبزات نموذج روذرفورد
الملاحظات التي قام روذرفورد بوضعها بعد تجربته قادت إلى نتائج مهمة
- يمر جزء كبير من جسيمات ألفا عبر الصفيحة الذهبية دون أن تنحرف، مما يدل على أن معظم مساحة الذرة فارغة
- تتحرك بعض جسيمات الألفا بزوايا صغيرة جداً عند اصطدامها بالصفيحة الذهبية، مما يؤدي إلى عدم توزيع الشحنة الموجبة بشكل متساوٍ في الذرة وتركزها في مساحة صغيرة جداً
- تنحرف بعض جسيمات الفا إلى الخلف، ويكون لعدد قليل منها زاوية انحراف تبلغ 180 درجة. يستنتج من ذلك أن الحيز الذي يشغله الجسيمات الموجبة داخل الذرة صغير جدًا بالمقارنة مع الحجم الكلي للذرة
استنادًا إلى هذه الملاحظات والنتائج التي حصل عليها روذرفورد من خلال تجربته، قام بتطوير نموذج الذرة الخاص به
- تتركز الشحنات الموجبة داخل الذرة ومعظم كتلتها في مساحة صغيرة جدًا، ويُطلق على هذه المساحة اسم النواة
- يشير نموذج روذرفورد إلى أن الإلكترونات السالبة تحيط بالنواة في الذرة، وأنها تدور حولها في مسارات دائرية عند ارتفاع شديد جداً، ولهذه المسارات اسم المدارات
- الإلكترونات هي جزيئات تحمل شحنة سالبة، والنواة هي كتلة مركزة تحمل شحنة إيجابية وترتبط ببعضها البعض بفضل القوى الكهروستاتيكية القوية
أسباب فشل نظرية رذرفورد وعيوبها
على الرغم من أن نموذج روذرفورد قائم على تجارب وملاحظات تجريبية، فإنهذا النموذج فشل في تفسير بعض الأمور المهمة
- اعتقد روذرفورد أن الإلكترونات تدور حول النواة في مسارات محددة تسمى المدارات. ووفقا لماكسويل، عندما تتحرك الجسيمات المشحونة يتم إصدار إشعاعات كهرومغناطيسية. وبالتالي، يجب أن يصدر الإلكترون الدائري حول النواة إشعاعات كهرومغناطيسية، والتي تحمل الطاقة المتولدة من حركة الإلكترون وتتسبب في تقلص المدارات. في النهاية، تنهار الإلكترونات في النواة. أظهرت الحسابات أنه وفقا لنموذج رذرفورد، ستنهار الإلكترونات في النواة في أقل من 10^-8 ثانية. وبالتالي، لم يكن نموذج رذرفورد متوافقا مع نظرية ماكسويل ولم يتمكن من تفسير استقرار الذرة.
- يعتبر نموذج رذرفورد ناقصًا لأنه لم يتطرق إلى ترتيب الإلكترونات في الذرة، وبالتالي فإن نظريته لم تكتمل بشكل كامل
- على الرغم من أن نموذج رزرفورد لم يكتمل، إلا أنه كان أحد الأسس الأساسية في تطوير النظريات المستقبلية في ميكانيك الكم