التاريخزد معلوماتك

مملكة ماري العمورية حضارة عريقة اكتشفت بالصدفة

تعتبر مملكة ماري واحدة من أهم وأكبر الحضارات التي ظهرت في بلاد المشرق العربي، خاصة في سوريا، في الألف الثالث قبل الميلاد. وقد شهدت هذه المملكة عصرا من الرخاء والازدهار في جميع المجالات، بما في ذلك تطورا هائلا في مجال العمارة الذي أدى إلى توسعات عمرانية تخدم السكان المحليين والوافدين. وقد شهدت أيضا تطورا في الزراعة والعلاقات الاقتصادية والتجارية، وازدهرت الحياة الفنية وصناعة الفخار ونقش الأختام، وغير ذلك من جوانب التميز في مختلف المجالات.

اكتشاف موقع المملكة

كما هي العادة في اكتشاف المواقع الأثرية بالصدفة، حدث ذلك أيضا مع مملكة ماري عام 1933، عندما كان السكان يقومون بدفن أحد الموتى، فوجدوا حجرا وحاولوا إزالته من الأرض، ولكنه اتضح أنه تمثال بدون رأس. سارعوا إلى إبلاغ الضابط الفرنسي، حيث كانت سوريا تحت السيطرة الفرنسية في ذلك الوقت، وعندما وصل الضابط إلى الموقع، تعجب من ما رأى، وتم اكتشاف معبد عشتار، وبعد ذلك بقليل تم اكتشاف القصر الملكي.

موقع استراتيجي مميز

واحدة من الأسباب الرئيسية لنجاح أي حضارة أو مملكة هي موقعها، ولذلك كان موقع مملكة ماري مميزا استراتيجيا على نهر الفرات، حيث تقع هذه المملكة في شمال شرق سوريا، وكان لذلك تأثير واضح على تقدمهم في الزراعة. تتميز الأرض بالتربة الخصبة التي يجلبها النهر من طمي وتزايد المياه في موسم الفيضان، بالإضافة إلى أن هذا الموقع كان يربط الخليج العربي بالبحر المتوسط، مما أدى إلى ازدهار حركة التجارة بين بلاد الشام وبلاد الرافدين. ونظرا لذلك، تم التخطيط لإنشاء مدينة ماري على شكل دائري بقطر 19 كيلومترا، وتمت حجبها بسور عظيم من جميع الجهات باستثناء جهة النهر، مما سهل مرور السفن وزاد نشاط الحركة التجارية

تطور المدن وظهور الزراعة

كما ذكرنا من قبل أنه كان لموقع المملكة تأثير كبير على تطور العملية الزراعية بالمملكة فقد شمل الموقع على غالبية سوريا وبخاصة شرق سوريا ومن المعروف أنها من الأماكن الأولية لوجود البشر بالاضافة إلى الإتجاه لتربية الحيوانات نبع من وسط الجزيرة السورية، وكلما زاد العمل بالنشاط الزراعي أدى إلى تطور طرق الري فتحولت من الطرق البدائية إلى استخدام السواقي والسدود مما أدى إلي وجود مدينة متكاملة تتطور بشكل سريع

حضارة ماري والتطور الإنساني

لعبت ماري دورا هاما في تطور الإنسان، خاصة في بلاد المشرق العربي. وربما كان التطور الديموغرافي نتيجة لازدهار الزراعة، حيث تم توفير جميع احتياجات الحياة الأساسية، مما أدى إلى الاستقرار. ومع مرور الوقت، زاد عدد القرى وأصبحت منظمة بشكل متزايد، حتى ظهرت أول المدن. ولعبت الزراعة دورا في التطور الصناعي، سواء في صناعة الفخار أو الحرف اليدوية، مما أدى إلى نشاط التجارة وتبادل الثقافات. ونتيجة للخبرات المكتسبة عبر الزمن، تم اكتشاف المعادن مثل النحاس والبرونز والحديد، بالإضافة إلى القصدير ومن ثم الفضة والذهب

الوثائق والمخطوطات الخاصة بماري

تم العثور على عدة وثائق تبرز حجم التقدم والتطور الذي وصلت إليه المملكة، ومن بين تلك الوثائق الهامة، رسالة من ملك المدينة إلى ابنه، والتي حققت شهرة واسعة، حيث تضمنت مقولة للملك أصبحت مثلا شعبيا في سوريا، حيث قال: `الكلبة من عجلتها ولدت جراء عميانا`. وقد ألقت هذه الرسالة الضوء على هذا الموضوع. وتشير الوثائق أيضا إلى وجود معلومات حول الشعب، مثل وجود جمعيات للفقراء، مما يبرز روح الإنسانية والعدالة الاجتماعية في المملكة. وبالإضافة إلى ذلك، تم العثور أيضا على مجموعة متنوعة من الحلي والمجوهرات وأدوات الشرب وأغطية الأسرة، واكتشافات أخرى متنوعة تبرز التطور الحضاري الرائع الذي تم تحقيقه في هذا الاكتشاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى