ملخص قصة سيدنا ادم
تتحدث القصة الأولى من قصص الأنبياء عن سيدنا آدم -عليه السلام- الذي خلقه الله -عز وجل- أول بشر ونفخ فيه روحه، وأمر الملائكة بالسجود له احتراما لمكانته. ولذلك، فإن آدم -عليه السلام- هو أبو البشرية، وعندما عاش في الجنة، لم ينقصه شيء سوى الزوجة التي يألفها، فخلق الله -عز وجل- له زوجته حواء. وتحتوي هذه القصة الرائعة على العديد من التفاصيل والأحداث المشوقة التي تدعو إلى التأمل والتدبر واستخلاص العبر والعظات .
قصة آدم كامله مكتوبه
هناك الكثير من السور في القرآن الكريم التي تحتوي على قصة سيدنا آدم – عليه السلام – وتروي هذه القصة بأساليب مختلفة في كل موضع، حتى يتم استكمال الأحداث عند ربط جميع المواضع مع بعضها، مثلما تم ذلك في سورة البقرة والأعراف والحجر والإسراء والكهف وطه وص. ومع ذلك، يمكن فهم الأحداث بسهولة عند النظر إلى كل موضع على حدة، حيث تكون الآيات سهلة التفهم وتعبر عن معان واضحة، مما يدل على أهمية هذا الحدث الكبير الذي أراد الله – عز وجل – أن يكون أول درس للبشرية بأكملها .
قصة آدم وحواء
الملائكة هم أول المخلوقات التي خلقها الله -عز وجل-، وحتى قبل خلق آدم -عليه السلام-، أخبرهم الله -تعالى- أنه سيخلق بشرا من طين، وليس من نور مثلهم، وسيسويه وينفخ فيه من روحه، وينزل إلى الأرض ليعبد الله -عز وجل- هو وذريته التي ستكون من نسله، وورد ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، ورد الملائكة يوحي بأنهم يعلمون طبيعة البشر، وأنه يمكن أن يخطئوا وأن طبيعتهم تختلف عن طبيعة الملائكة الذين لا يخطئون أبدا، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لذلك قالوا إن البشر سيفسدون في الأرض ويقتلون الأنفس، وهم الذين يفضلون عليهم، لا يكون لهم هذا الشأن العظيم، وجاءهم الرد من الله -عز وجل- وهم في حيرة من أمرهم، بقوله تعالى: (إني أعلم ما لا تعلمون).
وفي موضع آخر من الآيات يقول الله -عز وجل : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * )
وفي هذا الموضع ، يبين الله – عز وجل- أنه سوف يخلق آدم – عليه السلام – من طين ، وأنه سوف يُجمع من تراب الأرض الأحمر ، والأصفر ، والأبيض ، والأسود ، وبعد ذلك يتم خلط التراب بالماء حتى يصبح صلصالاً من حمأ مسنون ، ثم تعفن الطين وانبعثت منه رائحة ، وهذا الأمر جعل إبليس يتعجب من كون أن هذا الطين الذي انبعثت منه الرائحة ، هو الذي سوف يخلق منه هذا المخلوق الجديد ، لذلك سأل الله – عز وجل – عن ذلك فجاءت الإجابة بالتنفيذ عندها سواه الله – عز وجل- بيده ونفخ فيه من روحه ، وهنا أمتثل الملائكة لأمر الله – عز وجل – عندما أمرهم بالسجود تكريماً له ، ولكن إبليس كان من الملائكة ، ولم يسجد لآدم – عليه السلام – وقال الله تعالى له : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) ، ورد على الله – عز وجل – بقول يملأه التكبر ، وقال : (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) ، عندما صدر هذا الموقف من إبليس بالتكبر ، والتعالي على ما خلق الله – عز وجل – بيديه ، أمر الله – عز وجل – أن يخرج إبليس من الجنة فقال – تعالى – : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) ، وعاش آدم – عز وجل – في الجنة ما شاء الله له ، ولكنه كان يشعر بالوحدة فهو البشر الوحيد في هذه الجنة الواسعة فخلق الله – عز وجل- له زوجته حواء حتى تكون سكناً له ويشعران بالنعيم الله عليهما ويتمتعا به سوياً .
قصة سيدنا آدم وإبليس
لكن حكمة الله قضت بالعديد من الأمور، منها خروج سيدنا آدم وزوجته من الجنة وحرمانهما من النعيم الذي كانا يعيشان فيه. وذلك لأن إبليس توعد سيدنا آدم -عليه السلام- بأنه سيخرجه من الجنة ويجعله يعاني عند خروجه منها، حيث قال: “فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك المخلصين”. وهنا أراد الله -عز وجل- أن يعلم سيدنا آدم أنه في نعيم لا يوجد بعده نعيم، وأن الجنة هي الوجود فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقال له أنه لن يجوع في الجنة ولن يشعر بالعري ولن يعاني الظمأ أبدا، وذلك وفقا لقوله تعالى: “وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هٰذه الشجرة فتكونا من الظالمين” و”فقلنا يا آدم إن هٰذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقىٰ .
وبعد ذلك جاء قول الله تعالى: فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى. فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. وعصى آدم ربه فغوى، ويدل هذا على أن الشيطان بدأ يلقي الشكوك في قلب آدم (عليه السلام) بأن هذه الشجرة هي أطيب الثمار في الجنة، وأنه يجب عليه أن يأكل منها ليشعر بطعم ثمارها اللذيذة. وعلى الرغم من التحذير الذي أنذره الله (عز وجل) به، فإن آدم عصى أمر الله (عز وجل) وتركز في الشهوة والغواية. استمع لكلام إبليس اللعين وتمكنه من خداعه. ونتيجة لذلك، طرد آدم وزوجته من الجنة وغضب الله (تعالى) عليه، ولكنه طلب مغفرة من ربه ودعا ليسامحه على ما فعل وأخطأ، وبالتالي غفر الله (عز وجل) له .
ومن أهم الأمور التي يجب أن يتعلمها المسلم من هذه القصة أن الإنسان مخير وليس مسيراً كما يزعم الكثير من الناس ، وأن الله – عز وجل – كتب عنده الأقدار ، ولكن يجب على الإنسان السعي حتى ينال خيرها ، ويطرد عنه شرها بالدعاء ، كما يجب أن يعلم أن إبليس هو العدو الأكبر له في هذه الحياة ، ولا يجب أن يطاوعه في أي أمر من الأمور حتى لا يكون مصيره الخروج من الجنة ، ودخول النيران في الآخرة .