نبذة عن رواية العطر
هي رواية فريدة من نوعها للكاتب الألماني باتريك سوزكيند، حيث تدور حول قصة فتى يتيم يُدعى جرنوي، والذي تم إعدام أمه يوم ولادته بعد أن تم ضبطها وهي تحاول قتله مباشرةً، ومن هنا تبدأ قصة حياته كطفل يتيم يتعرض لجميع أنواع الإهانة والذل والاستعباد.
تعد هذه الرواية قنبلة فكرية تغير مفهومك الوردي عن الطبيعة البشرية، حيث تقدم لك صورة الإنسان البدائي في تفكيره، إذ لم يتعلم بعد كيفية الحب والشعور، بل يعيش فقط ليستجيب لغرائزه التي تحكمها رغباته. ولأن الرواية تروج لأفكار غير مثالية عن البشر، تم منعها في بعض الدول الغربية عند إصدارها في عام 1985.
ملخص رواية العطر قصة قاتل
تبدأ أحداث الرواية بسرد أحداث حياة العطار جان غرينوي الشخصية، منذ ولادته في السوق تحت طاولة بيع السمك وتسببت ولادته في قطع رأس والدته في ميدان عام، ثم ينتقل الكاتب ليستعرض تفاصيل حياة جرنوي الصغير حتى يكبر ويقضي حياته في السفر بين المدن ليكتشف طرق استخراج العطور من البشر والنباتات.
كان يقوم جرنوي بقتل الفتيات من أجل أن يستخرج عطر أجسادهن ويحتفظ به، ليس ليبيعه إنما ليجعله عطره الخاص، بسبب عدم امتلاكه لأي رائحة خاصة منذ صغره، وهذا ما جعله مرفوضًا منذ صغره بين النساء سواء المرضعات أو المربيات، وأول كائن حي استخرج منه عطرًا كان كلب، ونتيجة لذلك حصل على عطر ذو رائحة سيئة تغلب عليها رائحة الخوف والفضلات، فعرف من هنا أنه يجب عليه أن يقوم بقتل الكائن الحي قبل استخراج العطر كي لا تلوث رائحة الخوف رائحة الجسد التي يريدها.
كانت طريقة جرنوي المعتادة في قتل الفتيات هي ضربهن على رأسهن بالعصا ثم حلق شعر رؤوسهن ونزع ملابسهن وتركهن ليلة كاملة داخل مجموعة كبيرة من الشحم، وذلك لإزالة رائحتهن تماما واستبدالها برائحة الفحم. ويعود هذا إلى إيمان جرنوي بأن العطر هو الأساس في كل ما يحدث في العالم، فهو يشكل أساس الكره والحب والشهوة والحقد والرغبة، وهو السبب في انجذاب الناس لبعضهم. ولأن جرنوي لم يكن يمتلك رائحة، فقد أراد أن يعوض ذلك بامتلاك روائح الآخرين.
مقتطفات من رواية العطر
يصف الكاتب باتريك حالة اندهاش وشغف جرنوي تجاه الروائح في حادثة غريبة قائلا: كان على وشك أن يترك هذا الحفل الممل ويعود إلى منزله عبر طريق “اللوڤر”، عندما حملته الريح شيئا صغيرا شبه غير ملحوظ، شذرة، ذرة من الرائحة الجميلة، لا، بل أقل من ذلك: كان شيئا أقرب إلى الشعور الداخلي بالجمال منه إلى الجمال الحقيقي – وكان في نفس الوقت إحساسا قويا بشيء لم يشمه من قبل
تراجع باتجاه الجدار مجددا، أغلق عينيه وفتح منخريه، كانت الرائحة الطيبة لطيفة ورقيقة لدرجة أنه لم يستطع الإمساك بها، كانت تتجلى، لتضيع ثانية وقد غشاها دخان بارود المفرقعات، أو لتحجبها تعرقات الحشد البشري، ولتجزئها وتسحقها آلاف الروائح الأخرى المنبعثة من المدينة، إلا أنها عادت فجأة، كطيف، وللحظة فقط، لتشم كلمحة رائعة ثم اختفت، كان غرنوي يعاني آلاما مريعة، وللمرة الأولى لم يكن الألم ناتجا عن تعرض شخصه الجشع للمهانة، بل كان قلبه فعلا هو الذي يتعذب، خامره إحساس غريب بأن هذه الرائحة الطيبة هي المفتاح لعالم الروائح الطيبة الأخرى كلها، وبأنه ليس بمستطاع الإنسان أن يفهم الروائح الطيبة، إن لم يفهم هذه بالذات، وأدرك غرنوي أن حياته ستضيع هباء، إن لم ينجح في امتلاك هذه الرائحة بعينها، كان لا بد له من أن يمتلكها، لا بهدف الامتلاك فحسب، بل من أجل راحة قلبه.
لفترة من الزمن، كان غرنوي في حالة شديدة من الاضطراب، حيث لم يشهد في حياته شيئا يقارب جمال هذه الفتاة، على الرغم من أنه لم ير إلا ظلها من الخلف في ضوء الشمعة. في الواقع، لم يسبق له أن استنشق رائحة أجمل من هذه الرائحة. ونظرا لأنه كان يعرف روائح البشر بمختلفهم، بما في ذلك روائح الرجال والنساء والأطفال، لم يصدق أن الجسم البشري يمكنه أن ينبعث منه رائحة فاخرة ومميزة كهذه. فعادة، تكون رائحة الجسم البشري إما بلا طعم أو مقززة وكريهة. رائحة الأطفال عادة غير محددة، وروائح الرجال تكون مزيجا من رائحة البول القوية والتعرق الحارق والجبن، أما النساء فينبعث منهن رائحة رديئة وكريهة كروائح الأسماك الفاسدة. عموما، كانت روائح البشر مملة ومنبعثة للنفور. وهذه هي المرة الأولى في حياة غرنوي التي لم يثق فيها بحاسة الشم، لذا اضطر للوثوق ببصره ليؤكد ما استشعره بالشم.
اقتباسات من رواية العطر
تدور قصة هذه الرواية حول شخص غريب الأطوار يدعى جرنوي، وتستكشف عالما مختلفا من الروائح من خلال سلسلة جرائم غامضة ومخيفة، حيث يقوم الجاني بقتل الفتيات الجميلات ويؤدي ذلك إلى وفاة 25 فتاة، وبطريقة مخيفة تستطيع الرواية إنشاء عالما خياليا وواقعيا في نفس الوقت، ويمكن للقارئ أن يتعرف أكثر على أسلوب الكاتب باتريك سوزكند من خلال بعض الاقتباسات الموجودة في الرواية
- لم يكن شكلها يهمه بأي شيء، حيث أنها لم تعد موجودة بالنسبة له كجسد، وإنما كعبقٍ بلا جسد، وهو ما حمله تحت ذراعه وأخذه معه.
- عبق البشر كان له قيمة كبيرة بالنسبة له، حيث كان يمكنه تقليده ببدائل مختلفة وبنجاح. أما ما كان يشتهيه فهو عبق بشر بعينهم، وهم الأشخاص النادرين الذين يلهمون الحب، وكانوا ضحاياه.
- كان قلبه بمثابة قصر أرجواني في صحراء من الصخور.
- الموهبة وحدها ليست كافية، حيث يأتي الخبرة المكتسبة بالتواضع والجهد في المقام الأول.
- إنّ بوسع البشر أن يغمضوا عيونهم أمام ما هو عظيم، أو مروّع أو جميل، وأن يغلقوا آذانهم أمام الألحان والكلام المعسول، ولكن ليس بوسعهم الهروب من العبق؛ لأنه شقيق الشهيق معه يدخل إلى ذواتهم.
- فجأة، أدرك أن الحب لا يمُشبع وأن الكراهية هي التي تُشبع.
- لعبق الرائحة الطيبة قدرة على الإقنااع أقوى من الكلمات، وتضفي نورًا على العين والشعور والإرادة.
- ما أجمل أن يكون هذا العالم موجوداً، حتى لو كان كمهرب فحسب.
- العطر يعيش مع مرور الوقت، فله مراحل شبابه ونضجه وشيخوخته، وفقط عندما يتجاوز مراحل العمر المختلفة ويحافظ على عبيره بنفس القوة، يعتبر عطرا ناجحا
- يستطيع البشر أن يغلقوا عيونهم أمام الأشياء العظيمة أو المروعة أو الجميلة، وأن يسدوا آذانهم أمام الألحان والكلام الجميل، ولكنهم لا يستطيعون الهروب من عبق الذكريات، لأنه يشبه الشهيق ويدخل في أعماقهم.
- لم يكن الخوف الذي انتابه بسبب ذلك الحلم خوف الاختناق بالذات البشع كان الخوف من عدم تيقنه من معرفة نفسه الذي يعارض الخوف الآخر هذا الخوف الذي لا فرار منه بل عليه أن يقبله علي علاته.
- لم يكن هذا العطر مشابها للعطور التي عرفها الإنسان حتى الآن، إذ لا يشبه الروائح المستخدمة لتعطير الجو أو الملابس أو المستحضرات التجميلية، بل هو شيء جديد تماما، وهو عالم خاص به، عالم سحري غني يجعل المرء يشعر بالثراء والراحة والانفتاح والسعادة، وينسيه كل الأشياء السيئة المحيطة به