مكتشف الأمواج الراديويّة ..هاينريش هيرتز
نسبه ونشأته: هو العالم الفيزيائي الألماني هاينريش رودولف هيرتس، ولد في مدينة هامبورغ بألمانيا في ٢٢ فبراير ١٨٥٧. درس هاينريش في جامعة هامبورغ، وتعلم اللغة العربية والسنسكريتية. كانت والدته فيزيائية ووالده عضوا في مجلس الشيوخ. وكان الاثنان ينتميان للمذهب اللوثري وعلما ابنهما المذهب نفسه. تزوج هاينريش عندما بلغ الـ ٢٩ من عمره من ابنة أحد الرياضيين وأنجب منها بنتين
دراسته ونبوغه العلميّ: كانت والدته مهتمة بتعليمه، وسعت فيه لإثارة شغفه بالإبداع والرسم، وقامت بإيصاله إلى مدرسة التصميم في الكلية التقنية وهو في الحادية عشرة من عمره
درس في مدرسة فيتشار لانغ في هامبورغ، وكانت مدرسة تعزّز في الطّلاب الحسّ التنافسي بعيدًا عن المناخ الدّيني فنشأ شغوفًا بالتعلّم مقبلًا عليه. ترك المدرسة في سنّ الخامسة عشر ليكمل تعليمه في المنزل ويذهب للجامعة لتأدية الاختبارات فقط. وكان يأخذ دروسًا في اللّغات والرياضيّات والعلوم على يد مدرّسين خصوصيّين. وكان أساتذته معجبين بنباهته وذكائه الفذّ.
كان هاينريش يطمح في أن يصبح مهندسا معماريا، ولذلك انتقل إلى مدينة فرانكفورت حيث كان يعمل في مكتب هندسي في النهار ويدرس الفيزياء في المساء. ولم يكن يخطط لترك الهندسة والانتقال إلى الفيزياء، ولكن وجد أنه يميل للفيزياء والعلوم أكثر من الهندسة، ولذلك قرر تغيير تخصصه ودراسة الفيزياء. وفي عام 1877، التحق بجامعة ميونيخ حيث درس الفيزياء والرياضيات والميكانيكا، وبعد تفوقه في هذه الجامعة، انتقل إلى جامعة برلين لأنها كانت لديها معامل أفضل.
نظرا لتفوقه الدراسي والمهارات العلمية، انتقل إلى مجال البحث العلمي في عام 1878. كان أستاذه هيلمهولتز يعمل معه كمساعد في جامعة برلين وحثه على دراسة الالكتروديناميكا وتوسيع المعرفة فيها. أنجز مشروعا بحثيا حول الحث المغناطيسي وقدمه كأطروحة لنيل درجة الدكتوراه في عام 1880، وحصل على تقدير ممتاز وهو في سن 23 عاما فقط
ونشر أكثر من 15 ورقة بحثيّة بحلول 1886م أي وهو في سنّ السادسة والعشرين. ثم صار محاضرًا للفيزياء في جامعة كيل، وبروفسورًا في جامعة كارلسروه عام 1885 م.
تم استدعاؤه إلى بون ليتولى مهام المركز الذي كان يشغله العالم رودولف كلاوزيوس، وقد انشغل بدراسة تفريغ الشحنات الكهربائية في الغازات المتخلخلة، ولكنه لم يتمكن من إكماليه بسبب مرضه المبكر الذي أصابه وتوفي وهو في عمر السابعة والثلاثين أو السادسة والثلاثين في مدينة بون
لديه مؤلفات علمية كتبها في التسعينيات من القرن التاسع عشر، وهي الأمواج الكهربية والبحوث المتفرقة ومبادئ الميكانيكا.
إكتشافه الأمواج الراديوية:
أدى البحث الذي نشره العالم ماكسويل عام 1865م الذي أُطلِق عليه اسم الإلكتروديناميكس إلى ظهور نتيجتين مهمتين
تقوم الدوائر المهتزة بنشر حقول كهربائية مغناطيسية من حولها فيما يعرف بالحقول الكهرومغناطيسية الموجية الشكل، وتشمل أمواج الضوء ضمنها، أي أن الضوء عبارة عن أمواج كهرومغناطيسية.
النتيجة الثّانية هو ثبات سرعة إنتقال هذه الأمواج، فهي ثابتة لا تتغيّر بتردّد سرعة المراقب. ولم يكن قد تمّ إظهار هذه الأمواج من قبل، لذا قرّر هرتز أن يقوم بهذه المهمّة.
استخدم هرتز في تجربته آلة كهربائية معملية تُستخدم لإحداث الشرارة، ووضعها على مسافة من سوار نحاسي غير مغلق بحيث يترك فتحة صغيرة بين أطراف السوار، ووضعه على ساق عازلة. ثم أغلق الأضواء وترك الآلة تُحدث الشرارات وراقب فتحة السوار.
لوحظ وجود شرر ينبعث من كلا جانبي السوار، واستنتج أنها تشير إلى وجود أمواج كهرومغناطيسية. وللتأكد من ذلك، تم إجراء جميع التجارب الممكنة للتحقق من انعكاس وانحراف وتداخل تلك الأمواج.
أجرى قياسًا لأطوالها، وأضاف أنه كلما ضاقت الفتحة، ازداد لمعان الشرر. وتم تفسير هذا فيما بعد بواسطة آينشتاين، معتمدًا على نظرية الكم.
هيرتز أثبت وجود الأمواج الراديوية وأنها تمتلك خصائص مشابهة للأمواج الضوئية، وتم استخدام هذه النتيجة في اختراع الهواتف والمذياع والتلفاز وغيرها من الأجهزة الحديثة، وذلك بفضل تجاربه في ابتكار التلغراف اللاسلكي.
وفاته:
أُصيب بمرض شديد وكان يعاني من صداع شديد، وحاول الأطباء علاجه لكنه توفي بعدها بعام واحد ودُفِن في هامبورغ مسقط رأسه. لم تتزوج زوجته بعد وفاته، وكذلك لم يتزوج بناته أبدًا .
تم تكريم هذا العالم بتسمية وحدة الاهتزاز باسم `هرتز` وتسمية الأمواج الكهرومغناطيسية باسم `الأمواج الهرتزية`. وتم تسمية فوهة على سطح القمر باسمه تكريمًا له.