مكتبة الحرم المكي عراقة وتاريخ
القراءة هي طعام العقل والروح للإنسان، وهي أساسية لنقل المعرفة والعلم وما ينشأ عن العقل البشري من فنون وإنجازات واختراعات، ولها دور هام في الإسلام. فكانت أول كلمة أوحاها الله لرسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، عن طريق الملك الكريم جبريل: `اقرأ باسم ربك الذي خلق` في الآية الأولى من سورة العلق. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من أسرى المشركين أن يتعلموا القراءة والكتابة، وهذا يعد دليلا كبيرا على قيمة القراءة في الإسلام. وسنسلط اليوم الضوء على إحدى أقدم وأعرق المكتبات في العالم الإسلامي، وهي مكتبة الحرم المكي.
مكتبة الحرم المكي :
تأسست في القرن الثاني الهجري على يد الخليفة العباسي المهدي، بالتحديد في عام 160 هـ، ومنذ ذلك الحين تضمت مجموعة من أقدم وأندر المخطوطات، ووصلت مجموع مقتنياتها إلى أكثر من نصف مليون كتاب. وقد لاقت اهتماما وعناية فائقة بسبب وجودها في قلب العاصمة المقدسة للمملكة العربية السعودية. فقد أمر الملك عبد العزيز بتشكيل لجنة من العلماء لدراسة أوضاعها في عام 1375 هـ، وهو الذي أطلق عليها هذا الاسم. وكانت تابعة في البداية لوزارة الحج، ثم انضمت في عام 1385 هـ إلى الرئاسة العامة للإشراف الديني بالمسجد الحرام وأصبحت مكتبة عامة تقدم خدماتها لطلاب وطالبات العلم.
موقع المكتبة :
لم تستقر المكتبة منذ نشأتها في مكان واحد، فكانت في البداية تقع في الحرم المكي، وتم نقلها إلى مكان مستأجر بحي جرول أثناء عملية التوسعة للحرم، ثم عادت مرة أخرى واتخذت من أحد المباني الموجودة أمام باب الملك عبد العزيز مقرًا لها، قبل أن تؤدي عمليات التوسعة لإزالة هذا المبني فعادت إلى جرول، ومنه إلى شارع منصور، ثم إلى مبنى ضخم في منطقة العزيزية بمكة، ثم عادت مرة أخرى إلى جوار المسجد الحرام، ضمن التوسعة التاريخية للحرم.
محتويات المكتبة :
وصل عدد الكتب في المكتبة إلى نصف مليون كتاب كما ذكرنا، وتحتوي المكتبة أيضًا على ثلاثة آلاف مجلة، وثمانية آلاف مخطوطة أصلية مصورة، ونحو 4 آلاف فيلم للمخطوطات.
أقسام المكتبة :
تحتوي مكتبة الحرم المكي الشريف على مجموعة من الأقسام التي تقدم خدمات متنوعة للزوار. تشمل هذه الأقسام قسم الخدمة المكتبية الذي يستقبل القراء ويقدم لهم المساعدة اللازمة، وقسم المخطوطات الذي يخدم الباحثين ويضم حوالي 6847 مخطوطة أصلية، بالإضافة إلى مجموعة من الرسائل العلمية. كما يحتوي على قسم الدوريات الذي يتضمن الصحف والمجلات المحلية والعربية وبعض الدوريات العلمية الحديثة، وقسم المكتبة الصوتية الذي يحتوي على أكثر من 80 ألف تسجيل للخطب والدروس والمواعظ التي تم إلقاؤها في الحرم المكي. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي على قسم الميكروفيلم الذي يحتوي على أفلام خاصة بالمخطوطات والصحف القديمة وتتوفر أجهزة القراءة للاستفادة منها، وقسم التزويد الذي يهتم بزيادة مقتنيات المكتبة. يقوم قسم الفهرسة والتصنيف بعمليات وصف وتحليل الكتب، ويوجد أيضا قسم الإهداء والتبادل الذي يتيح لزوار المكتبة الاستفادة من النسخ المكررة. ويتولى قسم التعقيم والترميم العناية بالمخطوطات القديمة. بالإضافة إلى ذلك، تتوفر أقسام للتجليد والعلاقات العامة والمكتبة المرئية وقسم خاص للنساء. وأخيرا، يحتوي جناح الحرمين الشريفين على معروضات تاريخية وحديثة للحرمين.
المكتبات الموقوفة لها :
أوصى عدد من أصحاب المكتبات الخاصة بإيقاف مكتباتهم على خدمة مكتبة الحرم المكي الشريف، بعد وفاتهم ومن هؤلاء أصحاب: مكتبة عبدالستار الدهلوي، ومكتبة الكيلاني، ومكتبة الحسن بن علي الإدريسي، ومكتبة عبد الغني زمزمي، ومكتبة إسماعيل حريري، ومكتبة عبد الرحيم بن عبد الله بن صديق، ومكتبة الشنقيطي، ومكتبة سليمان بن عبيد، ومكتبة علي الهندي، ومكتبة محمد صالح ألطف، ومكتبة عبد الوهاب الدهلوي، ومكتبة عبدالرحمن المعلمي، ومكتبة عبدالمحسن بن عبدالعزيز.