يعتبر الصراع بين الذات والآخر واحدا من أقدم الصراعات التي عرفها الإنسان منذ بداية وجوده على الأرض، حيث يعتبر الفرد دائما أنه على حق وأن رأيه هو الصحيح، بينما ينظر إلى رأي الآخر على أنه الأسوأ والمائل إلى الخطأ. هذا الصراع موجود في مختلف مجالات الحياة السياسية والفكرية وغيرها، وقد تناول بعض الكتاب هذه الفكرة في العديد من الروايات، بما في ذلك رواية “ملك النور” للكاتب “ميشيل زيفاكو”، الذي كتبها بأسلوب أدبي مبدع ومشوق .
قصة رواية ملك النور و أبرز مقتطفاتها :
رواية ملك النور هي واحدة من أشهر الروايات التي كتبها ” ميشيل زيفاكو ” و قد قام ” طانيوس عبده ” بترجمتها إلى اللغة العربية ، و تدور أحداثها في مدينة ” كلكوتا ” عاصمة الهند عام 1757م ، و بطلها هو الشاب السير ” روبرت ويلدن ” حيث تبدأ الرواية بأنه يسير على جواده في وقت الفجر ، و كان شريد الذهن و يحدث نفسه .
كان ” روبرت ويلدن ” يقول لنفسه : ” إن الشريف لا يحنث بما وعد و قد وعدت تلك المنكودة ، و قد أتى هذا الأحدب الشقي أمس إلى كلكوتا يحمل نيأ موت ليونيل الصغير ابن اللورد الحاكم ، غير أن اللادي كتبت إلىّ أيضاً في اليوم نفسه ، و ها أنا الآن على أتم التأهب ” ، و أستمر ” روبرت ” في طريقه ثم تفاجأ برؤية رجلين أحدهما يحمل طفلة على كتفيه .
حاول `روبرت` تقديم المساعدة للرجلين خاصة بعد أن قال أحدهما: `لقد تعبت من حمل توسي وحبذا لو كان هذا الفارس يضعها أمامه على جواده إلى أن نبلغ كلكوتا`، إلا أن رفيقه عاب عليه بجبنه وتكاسله وحمل الطفل عنه وقال له: `هات طفلتك فأنا أحملها ولا نحتاج إلى هذا الرجل`، فتعجب `روبرت` وقال له: `أراك شديد الكبرياء أيها الفتى` .
بعد ذلك يتبين أن هذا الرجل الذي يحدثه ” روبرت ” ينتمي إلى طائفة النور ، مما دفع ” روبرت ليقول : ” أرى أنك من طائفة النور الرحّل و أنك لم تقل لي هذا القول إلا لحقدكم علينا و لكني لست ضابطاً في الجيش و لا عضواً في مجلس اللوردية ، أي أني لست من الذين طردوكم من لندرا ، و ما زال رفيقك قد تعب من حمل بنته فلماذا لا أحملها على جوادي …. ” .
تتابع أحداث الرواية لتحكي عن “طائفة النور” المنبوذة والمهمشة في أوروبا، والتي يسعى قائدها من أجل تخليصها من قيود الذل والاستعباد التي كانوا يعيشون بها، مما دفعه إلى السفر إلى بلاد الهند لكي ينفذ حيلة ما تساعده في بسط نفوذه في أوروبا، ويواجه أثناء رحلته العديد من الصعوبات ويبقى القارئ متشوقا لمعرفة ما إذا كان سينجح في خطته أم لا .
نبذة عن الكاتب ميشيل زيفاكو :
ولد ميشيل زيفاكو في فرنسا عام 1860م و قد درس في مدرسة داخلية ، ثم بعد ذلك التحق بأحد الجامعات و تمكن من الحصول على درجة البكالوريوس عام 1878م ، و قد تم تعيينه كمدرس و أستمر في هذه المهنة لمدة قصيرة ، إلا أنه عندما بلغ العشرين عاماً التحق بالجيش و قضى به أربع سنوات حتى استقال ، و قرر أن يؤسس مجلة جيوكس الأسبوعية .
كان ” ميشيل ” معروفاً بميوله الثورية الراديكالية حيث كان يعمل صحفياً و أمضى حياته يكتب العديد من المقالات التي تنادي بالثورة ضد الدين ، و قد كان ينشرها في مختلف الصحف الثورية خلال أواخر القرن التاسع عشر ، و نتيجة لذلك تم إلقاءه في الحبس لحوالي ستة أشهر عام 1892م ، و قد كان هذا الأمر نقطة تحوّل في حياته .
عندما خرج ” ميشيل ” من السجن قرر الابتعاد تماماً عن الحياة السياسية ، و وجّه اهتمامه إلى الأعمال الأدبية ، حيث بدأ كتابة مجموعة من الروايات التي تعبر عن آرائه و أفكاره ، و استطاع تحقيق نجاح كبير من خلالها حيث أقبل الناس على قراءتها و تم ترجمتها إلى العديد من اللغات المختلفة ، و من أشهر رواياته : ” الفارس الخالد ” ، ” ملك النور ” ، ” المؤامرة الكبرى ” .