مفهوم فن الطفل
في السابق، كانت معظم فنون الرسم وغيرها من الفنون مجرد وسيلة لقضاء وقت ممتع فقط، وكان تطوير مهارات الرسم يجعل البعض يمارسه كمهنة ويحصل عليها كسب المال، ولكن مع التقدم والتطور في علم النفس، أصبح هناك اهتمام كبير بتحليل شخصية الطفل والكشف عن أي اضطراب عن طريق الرسومات واللوحات التي يرسمها، وهذا ما يسمى بـ (فن الطفل)
فن الطفل
المقصود بفن الطفل (وبالإنجليزية : فن الطفل يشير إلى جميع الرسومات واللوحات والأعمال الفنية التي يقوم بها الأطفال، وتشمل التعبير والرسم. وقد يعرف أيضا بفن الأطفال أو فن الطفولة. وهو مفهوم يتعلق بعلم النفس والتنمية البشرية، حيث يوفر معلومات وافية حول تطور عقل الطفل ويشرح العديد من القضايا النفسية المرتبطة به والتي لم يتم اكتشافها بواسطة وسائل العلاج الأخرى .
تاريخ ظهور فن الطفل
يذكر أن مصطلح فن الطفل ليس مصطلحا جديدا؛ بل تم اكتشافه منذ أكثر من قرن من الزمان عن طريق الخبير في علم النفس فرانس سيزيك في عام 1890م، حيث لوحظ أن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات واضطرابات نفسية متفاوتة يظهر ذلك في الرسومات واللوحات المختلفة التي يطلب منهم رسمها بناء على طلب المعلم أو ولي الأمر أو حتى عندما يقومون برسمها بأنفسهم .
أصبح هناك الآن عدد كبير من اختبارات القدرات العقلية والاختبارات النفسية المختلفة للأطفال، مثل اختبار رسم الشخصيات وغيرها من أنواع التحليل النفسي التي تساعد في التوصل إلى حالة الطفل المختبر بنسبة كبيرة أو الاضطراب الذي يعاني منه .
أنواع فن الطفل
يشير الخبراء إلى أكثر من نوع من فن الطفل، بما في ذلك:
-فن رسومات الأطفال : يشير هذا إلى الأعمال الفنية التي يقوم بها الطفل بنفسه، مثل اللوحات الفنية والرسومات، وغيرها، حيث يكشف عن جوانب مختلفة من شخصيته بسهولة، ويساعد ذلك في اختيار العلاج المناسب .
-فن رسم الأطفال : أما فن رسم الأطفال، فهو يشير إلى معنىً مختلفٍ كثيرًا عن النوع السابق؛ حيث يشير إلى مجموعةٍ من الفنانين والفنانات الكبار الذين يهتمون برسم الأطفال في أعمالهم الفنية أو في رسم الأغراض والأنشطة الأخرى المتعلقة بالأطفال أيضًا ولذلك يُطلق عليهم اسم فناني رسم الأطفال .
أهمية فن الطفل
قد أشار البعض الآخر أيضًا إلى وجود عدد كبير من النقاط الإيجابية المتعلقة بالعلاج باستخدام مفهوم فن الأطفال، مثل:
يخاطب الجانب الحسي للطفل
من أبرز مزايا استخدام فن الأطفال هو أنه لا يعتمد على التواصل اللفظي مع الطفل ، وإنما يعتمد على التواصل بشكل غير مُباشر مع كينونة الطفل الحسية المعتمدة على ما يسمعه ويراه ويشهده ويُحلله في ذهنه ؛ ثم يقوم بناءً عى ذلك بترجمته في صورة رسمة واحدة أو أكثر ، ومن ثم التعرف على أهم انطباعات الطفل تجاه الأحداث والمؤثرات المختلفة من حوله .
متابعة التطور الذهني
يُساعد الرسم على متابعة تطور دماغ الطفل بشكل كبير ، حيث يُطلب من الطفل أن يقوم برسم أي شكل أو شخص أو غيرهم ، ثم متابعة مدى قدرة الطفل على تحديد الأجزاء الأساسية في هذه الرسمة ، وعلى سبيل المثال ؛ إذا قام برسم رجل ، يتم ملاحظة تقسيم الجسم ومدى قربه إلى الشكل الطبيعي مثل وجود اليدين والأقدام والرأس وغيرهم ، وبعد أن ينتهي من رسمته ؛ يتم مقارنة الرسمة مع طبيعة ما يجب أن يتمكن الطفل من رسمه الطفل في المرحلة السنية خاصته .
التنظيم الذاتي للعقل
التنظيم الذاتي للطفل هو القدرة على معالجة الأحداث المختلفة التي يشهدها في مراحل نموه الذهني وتنظيمها في عقله، وبالتالي يكون قادرا على التعبير عنها عبر الرسم، ويعد تحقيق هذه المهارة من أهم الأسباب التي تساعد على تنمية قدراته الذهنية بشكل سريع وتخطي الاضطرابات العقلية، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين تعرضوا لصدمات قوية في حياتهم أو يعانون من إعاقة عقلية شديدة
تفريغ الطاقة المكبوتة
قد يؤدي الأسلوب المعتمد في تربية الطفل الذي يحرمه من التعبير عن آرائه ورغباته الخاصة إلى استمرار تلك الآراء والرغبات في دواخله دون أن يعبر عنها، مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية في كثير من الأحيان. على النقيض، يعد التعبير عن أفكار الطفل وما يجول في خاطره من خلال الرسم أفضل وسيلة لتفريغ الطاقة والتعبير عن الذات، ومن ثم التخلص من العديد من المشكلات التي تنشأ نتيجة عدم الكشف عن تلك الأفكار .
تحليل نفسية الطفل بعمق
في الكثير من الأحيان قد لا يؤدي العلاج باستخدام الاختبارات اللفظية والشفهية إلى الوصول إلى أعماق الطفل النفسية ، وخصوصًا إذا لم يكن الطفل قادر على التعبير عن ذاته بشكل صحيح ، ولذلك ؛ فإن العلاج بالاعتماد على فن الطفل هنا يُعد هو العلاج الأفضل والأمثل ؛ لأن الطفل سوف يكون من خلال الرسم بالتعبير عن أعماق تفكيره ونفسيته ، وعلى سبيل المثال ؛ فإن الطفل الذي يميل إلى استخدام الألوان الداكنة يُعاني بنسبة كبيرة من اضطراب نفسي ، في حين أن الطفل الذي يميل إلى البهجة والسعادة في رسوماته إلى أنه قد نشأ نشأة سوية وسليمة ، وهكذا .
لا يمثل عبء نفسي على الطفل
جميع الاختبارات الأخرى والأسئلة التي يتم توجيهها إلى الأطفال تؤدي إلى الضغط النفسي والعصبي على الطفل وربما تجعله ينفر من متابعة هذا النوع من الاختبارات ؛ أما في حالة فن الطفل ؛ فإن الأمر مختلف ، لأن العلاج هنا وتحليل الشخصية والقدرات قائم على اللعب وممارسة نشاط يحبه الطفل ويفضله دون أي نوع من أنواع الضغط العصبي .
سلبيات فن الطفل
ليست هناك سلبيات كبيرة لاستخدام فن الطفل، ولكن يرى بعض الخبراء أن هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها عند استخدام فن الطفل والرسم في العلاج، مثل:
– بعض الطلاب لديهم موهبة في الرسم، والبعض الآخر لا يمتلكها، وهذا يمكن أن يجعل هذه النظرية والطريقة العلاجية أكثر فائدة لمجموعة من الأطفال الماهرين في الرسم دون غيرهم .
تتطلب هذه النظرية من المعالج النفسي أن يكون لديه معرفة شاملة بطريقة تحليل الرسومات التي يقوم بها الأطفال، وأن يكون ماهرًا أيضًا في مقارنة كل رسمة مع ما يُطلب من الطفل في كل مرحلة عمرية، وهذا الأمر قد يفشل فيه العديد من المعالجين .
قد يعتبر بعض الأشخاص اللجوء إلى طرق علاجية أخرى الأقل إيجابية ولكن أقل وقتًا بديلاً لهذه الطريقة العلاجية الباهظة الثمن والتي تتطلب وقتًا طويلاً .