مفهوم التعليم التفاعلي
إن أفضل استثمار على وجه الأرض هو استثمار في الإنسان وتنميته واستدامته هو استثمار في عقل الإنسان. في الفيلم الوثائقي في انتظار سوبرمان، أهم عامل لنجاح منظومة التعليم هو المعلم، وأن الطالب بين يدي معلم قوي يستطيع أن يحصل على ثلاثة أضعاف المعرفة مقارنة بمعلم ضعيف. بمعنى آخر، أن تحصيل سنة واحدة مع معلم قوي يعتبر أفضل من تحصيل ثلاث سنوات مع معلم ضعيف .
هؤلاء المدرسون قاموا بالانتقال من المنهج التقليدي التلقيني إلى ما يسمى بالتعليم التفاعلي النشط في طريقة تدريسهم. فما هو التعليم التفاعلي؟ إنه تصميم النظام التعليمي ووسائل التعليم بحيث تتناسب مع طريقة انتقال المعلومات في الدماغ خلال عملية التعلم، وهذه الطريقة تعرف بـ `دائرة التعلم` وتتألف من أربع مراحل
المرحلة الأولى:هي استقبال المعلومات من العالم الخارجي باستخدام الحواس الخمس وتجميعها في جزء من قشرة الدماغ، ثم تأتي المرحلة الثانية .
المرحلة الثانية :- – تمثل مرحلة التأمل والتفكر في المعلومات المستقبلة المتعلقة بمنطقة الفص الصدغي في الدماغ عملية شخصية وذاتية جدا تتم بين الإنسان وذاته، وتحتاج إلى وقت مخصص للتفكير والتأمل في المعلومة بطريقة غامضة، وفجأة يأتي الفهم العميق الراسخ من أعماق الإنسان، مما يجعل المعلومات تشبه البصيرة النافذة التي تستحسن التجديد والإبداع والاختراع. وبدون هذه المرحلة، تصبح المعلومات سطحية ومبتورة ومؤقتة تماما كحفظها قبل الاختبارات من أجل كتابة الإجابة الصحيحة .
المرحلة الثالثة :ينتقل الطالب من دور استقبال المعلومات إلى دور تشكيل المعلومات والمعرفة في قشرة المخ تسمى prefrontal lobe، حيث يتم إعادة تشكيل المعلومات لربطها بالمعلومات السابقة بشكل منطقي في دماغ الشخص، وكل شخص لديه طريقته الخاصة .
المرحلة الرابعة:- فهي تقوم بتفعيل هذه المفاهيم والأفكار في الدماغ من النظرية لتصبح تطبيقات عملية، ومثال على ذلك القدرة على شرح المفاهيم الخاصة بالآخرين أو المشاركة في حوار أو نقاش أو تقديم المحاضرات، وتشير الدراسات إلى أن هذه المرحلة هي أحد أهم المراحل لتعزيز المعرفة وتعميق الفهم .
أظهرت الدراسات العديدة أن هذه الخطوات الأربع لا تحدث في التعليم التقليدي غير التفاعلي، وبالتالي الطلاب يستمعون للمعلم ولكن لا يتعلمون شيئا. بدون التفاعل، لا يوجد تعلم، وأظهرت دراسة حديثة أنه عندما يتحول المعلم من النهج التقليدي لتعليم مادة الفيزياء إلى النهج التفاعلي، يتحسن استيعاب الطلاب للمواد بنسبة تزيد عن 50%. هذا يتوافق مع ما يشاهد في تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي، حيث يتم مراقبة تدفق الدم في الدماغ أثناء عملية التعلم، وتبين وجود فرق كبير في النشاط الدماغي بين التعليم التفاعلي والتعليم غير التفاعلي في منطقة الهيبوكامبوس وغيرها من المناطق الدماغية المسؤولة عن تكوين الذاكرة والتحكم فيها ووظائف أخرى أساسية للتعلم والفهم، وبما أن هذه المنطقة هي المسؤولة عن العواطف والمشاعر، فإن حبنا وشغفنا ومتعتنا في التعلم تؤثر على سهولة تحصيلنا للمعرفة وعمق فهمنا لها ..