مفهوم التدخل المهني
الهدف من أداء الأنشطة اليومية المكلف بها أي شخص، سواء كانت تعليمية أو مهنية أو غيرها، هو الوصول إلى أعلى مستوى من المهنية والجودة. وقد أظهرت الدراسات العلمية أن المهارة وحدها لا تكفي، بل يجب أيضا توفر بعض العوامل النفسية التي تؤثر سلبا على جودة واتقان أداء تلك المهام. ومن هنا يأتي مصطلح التدخل المهني .
تعريف التدخل المهني
قام البعض بتعريق التدخل المهني على أنه التنفيذ الفعلي لمفهوم حل المشكلات ، حيث أنه يُشير إلى الانتقال من مرحلة التفكير في المشكلة وتحليلها إلى مرحلة حل هذه المشكلة ، عبر تناولها جيدًا من كافة الجوانب ومعرفة كيف يُمكن مواجهة العراقيل الموجودة بها ودراسة أهم الحلول الممكنة واختيار أفضلها .
الأخصائي الاجتماعي هو الشخص المسؤول عن تنفيذ عملية التدخل المهني في أي مكان، ويعتمد على المعرفة والخبرة والنظريات التي يملكها لفهم طبيعة المشكلة التي يواجهها، سواء كانت تتعلق بفرد أو جماعة، والهدف هو تغيير هذا الوضع إلى الأفضل من خلال إيجاد حلول مناسبة ومخرج لأي مشكلة
أبعاد التدخل المهني
يتضمن مفهوم التدخل المهني مجموعة من الأبعاد والجوانب والإجراءات الهامة، مثل:
تشمل هذه المجموعة من العمليات والأنشطات المهنية الترتيب والتنظيم الذي يتم بشكل منطقي ومدروس، ويعتمد عليها الأخصائي الاجتماعي .
يتم العمل على تنفيذ هذه العمليات والأنشطة بشكل مباشر مع العينة المعنية، باستخدام مفهوم التدخل المهني، سواء كان ذلك للطلاب أو الموظفين أو مؤسسات العمل أو المجتمعات عمومًا .
: يشير السطر إلى أن الهدف الأساسي للتدخل المهني هو تخفيف الآثار المتعددة التي تحدث على الصعيد النفسي أو العملي أو التعليمي أو الاجتماعي أو غيره، وذلك للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في هذه الجوانب .
من بين الأهداف الرئيسية للتدخل المهني هو تطبيق الخطط التي يتم استخدامها للوصول إلى حلول مثالية للمشكلات بأقصى قدر ممكن، ويعتمد ذلك بشكل أساسي على استخدام نظرية المدخل الانتقائي .
نظريات التدخل المهني
يتم الاعتماد على أكثر من نوع من النظريات عند تطبيق مفهوم التدخل المهني، وتتضمن هذه النظريات الأهم ما يلي:
نظريات أساسية
وهي النظريات الأساسية التي يتم من خلالها تحديد تحديد شكل الإطار النظري للممارسة العامة التي تُمهد التدخل المهني الصحيح ؛ حيث أنه في ضوء تلك النظريات يتم التعرف على جوانب المشكلة ومناطق الخلل والقصور التي قد أدت إليها ، وعند تطبيقها مع العملاء ؛ فهي قد تكشف عن جوانب الاهتمام وما يتعرضون له من مشكلات ولكن لا يُمكن من خلال تلك النظريات الوصول إلى حلول مناسبة وإيجابية لتلك المشكلات ، ومن أهم هذه الفئة من النظريات كل من ( نظرية النسقي الأيكولوجي ، نظرية الاتساق ، وغيرهم ) .
نظريات عملية
أما النظريات العلمية في التدخل المهني ؛ فهي تُشير إلى الاستراتيجيات والأساليب التي يتم الاعتماد عليها من أجل الوصول إلى حلول مناسبة ومُساعدة للعملاء أو أي أفراد أو جماعات تواجه بعض المشكلات ، وتعد تلك النظريات هي الأهم فيما يخص مفهوم التدخل المهني بما فيها استراتيجية حل المشكلات والتدخل الانتقائي وغيرهم .
أهمية التدخل المهني
التدخل المهني ليس مفهومًا حديثًا، بل ظهر منذ فترة طويلة، ونظرًا لأهميته الكبيرة، فإنه لا يزال يجذب اهتمام الأفراد والمؤسسات والمجتمعات أيضًا. ولهذا، قام بعض الباحثين والخبراء بتلخيص أهمية التدخل المهني في عدة نقاط
بناء علاقات إيجابية في أي مجتمع مهني مهم جداً، ويجب التعاون بين مقدم الخدمة وهو الأخصائي الاجتماعي والفئة المستهدفة لتحقيق نجاح التدخل المهني .
يُنمِّي التَّدخُلُ المَهنيُّ الصحيحُ دافعيَّةَ التَّغييرِ نحو الإيجابيةٍ لدى العُملاءِ أو أفرادِ العملِ أو غيرهم، ولا سيما أنَّ مُساعدة الفردِ على حلِّ مشكلاتِهِ وتذليلِ أسبابِهِ قدرَ الإمكانِ تعدُّ أحدَ أهمِّ الأسبابِ التي تُحفِّز على الانتقالِ إلى التَّغييرِ الإيجابيِّ الذي يعودُ بالنَّفعِ العامِّ على الجميع .
لا يتم تطبيق التدخل المهني عشوائيا. بل يتم اختيار المدخل المهني المناسب لكل حالة بدقة أكبر. يركز الأخصائي الاجتماعي بشكل كبير على التفاعل والتجاوب مع الفرد والاستماع بعناية إلى المشكلات التي يواجهها. ثم يقوم بتحليلها واستخدام النظريات المختلفة للوصول إلى أفضل طريقة للتدخل المهني وحل المشكلة .
لا يغفل المتدخل المهني عن أي مشاعر سلبية يشعر بها الفرد أو العميل، بل يأخذها بعين الاعتبار جيدًا، خاصة وأن التخلص من تلك المشاعر واستبدالها بمشاعر إيجابية أخرى يعد السبيل الوحيد لتحقيق التغيير الإيجابي المرغوب في أي مكان .
في بعض الأحيان، تكون المشكلات التي يواجهها الفرد معقدة وصعبة للغاية، وعندئذ لا ينبغي أبدا للاستسلام أن يدخل على الاختصاصي الاجتماعي، لأن اليأس قد ينتقل إلى الفرد ويزيد من مشاعره السلبية. يجب على الاختصاصي الاجتماعي أن يدرك ويفهم المشكلة جيدا وأن يستعين بأفضل الخبراء من أجل تحقيق نتيجة إيجابية في النهاية .
نماذج التدخل المهني
يوجد أيضاً بعض نماذج التدخل المهني التي يمكن تطبيقها في الممارسة العامة، مثل:
النموذج السلوكي
هو النموذج المعني بدراسة سلوك الفرد الخارجي ومحاولة مقاومة السلوك الغير المرغوب فيه واستبداله بسلوك جيد، ويتم تنفيذ هذا النموذج من خلال الخطوات التالية:
- تحديد السلوك المراد تقييمه واستبداله بآخر إيجابي .
- يتم تحديد البيئة والظروف المحيطة بالفرد ومدى تأثيرها على حدوث هذا السلوك .
- تحديد أي عوامل أخرى قد تلعب دورًا في هذا السلوك .
- تحديد طبيعة الظروف والعوامل القابلة للتغيير .
- يتم تحديد خطة عمل في شكل جدول زمني يتم اتباعه خلال رحلة تغيير السلوك .
- والخطوة الأخيرة في هذا النموذج هي تحقيق النجاح في تغيير هذا السلوك .
النموذج الإدراكي
بينما النموذج الإدراكي لا يعتمد على السلوك الظاهري للفرد ؛ وإنما هو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يجول في ذهن الفرد ولا يظهر عليه في صورة سلوك خارجي وإنما يؤثر عليه تأثيرًا داخليًا فقط ينعكس في بعض تعاملاته ، وهو يتطلب قدر أكبر من الفهم والوعي من أجل تنفيذه بشكل صحيح عبر الخطوات التالية :
يتعين التعرف على طبيعة حياة الفرد والأحداث التي تعرض لها، وتقييم تأثير تلك الأحداث على حياته من جميع الجوانب .
– وفهم طبيعة المشكلة التي يعاني منها بدقة وتحليلها، ومساعدته على التخلص منها قدر الإمكان بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب .
تنتهي خطواتهذا النموذج عند تحقيق الهدف المطلوب، وهو التخلص من اضطراب الصحة النفسية الداخلية غير المرئية التي يعاني منها الفرد .
يجب تطبيق نظريات التدخل المهني بشكل صحيح في أي مكان، والاعتماد على أخصائيين اجتماعيين متمكنين من عملهم والقادرين على فهم المشكلات الرئيسية. فهذا سيساعد بشككل كبير على تحسين أداء الأفراد والمنظمات، وتنمية المجتمعات عموماً .