اقتصاد العالممال واعمال

مفهوم اقتصاد السوق

اقتصاد السوق هو نظام اقتصادي يتمتع فيه الأفراد والشركات بحرية المبادرة وحرية تبادل السلع والخدمات وتنقلها دون عوائق.ويتم تخصيص الموارد في ظل هذا النظام عبر مؤسسة السوق وآلية الأسعار التي تسهرعلى معادلة العرض (الإنتاج) والطلب (الاستهلاك)، دون الحاجة إلى تدخل مركزي من الدولة لكي تنظم عملية تنسيق الإنتاج.

تلعب الأسعار دورًا إضافيًا من خلال الإشارات والمعلومات التي توفرها، حيث توجه العارضين إلى إنتاج السلع والخدمات المطلوبة من المستهلكين، وبالتالي تدفع السوق إلى حالة توازن مثالي (يتم فيه إشباع أكبر قدر من احتياجات المستهلكين باستخدام الموارد المتاحة).

الاقتصاد المخطط أو الاقتصاد المركزي (مثل الاقتصاد السوفياتي) هو عكس الاقتصاد السوقي، حيث تتولى الدولة توزيع الموارد وتحديد السلع والخدمات المنتجة وكمياتها، وتحدد أيضا الأسعار التي تباع بها. وهناك نظام اقتصادي مختلط يجمع بين الاعتماد على السوق والدولة معا، وهو النظام الاقتصادي الذي يتبعه معظم البلدان في العالم.

يختلف مدى تدخل الدولة في إطار النظام الاقتصادي المختلط والأشكال التي يتخذها هذا التدخل (مثل التنظيم والتقنين وتحديد بعض الأسعار والمساهمة في الإنتاج) من بلد لآخر، وذلك حسب خصوصيات كل بلد ودرجة نضج مؤسساته وعمق أسواقه ومدى انتشار ثقافة المبادرة الحرة بين سكانه.

السوق والرأسمالية
اعتاد البعض (حتى داخل أوساط الاقتصاديين) على الخلط بين اقتصاد السوق و الرأسمالية باعتبارهما الشيء ذاته، لكن الأولى هو التمييز بينهما دون الفصل، لأن العلاقة بين النظامين وثيقة للغاية.

الاقتصاد السوقي هو جزء من نظام الرأسمالية، ولكن الرأسمالية أوسع وأشمل من الاقتصاد السوقي، فهي تعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، في المقابل، الاشتراكية تعتمد على ملكية الدولة (أو المجتمع) لوسائل الإنتاج، ولا تقتصر على تنظيم إنتاج المنتجين وتنسيق قرارات المستهلكين والعرض.

يمكن نظريًا للاقتصاد الذي يعتمد على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج اللجوء إلى السوق بدلاً من التخطيط المركزي لتنظيم الإنتاج، ويطلق على هذا النظام في الاقتصاد اسم الاشتراكية السوقية.

تُعد الصين نموذجًا عمليًا للاشتراكية السوقية حيث إن جزءًا كبيرًا من الشركات المنتجة لا تزال تحت ملكية الدولة، ومع ذلك، يتم وصفها بأنها اقتصاد مختلط، بحيث يمتلك الأفراد، بما في ذلك الأجانب، شركاتهم الخاصة، وتعيش القطاعين الخاص والعام جنبًا إلى جنب.

الحوافز والفعالية
يعتقد مؤيدو الاقتصاد السوقي أن الربح المادي هو الحافز الأكثر فعالية وقدرة على تحفيز الأفراد على العمل والإنتاج والمخاطرة والاستثمار، وأن سعي كل فرد لتحقيق مصالحه الشخصية يضمن تحقيق المصلحة العامة للمجتمع.

يرون هؤلاء أن السوق هو أفضل وسيلة للتنسيق بين المنتجين والمستهلكين، وضمان التوازن بين الإنتاج والطلب، بخلاف الاقتصاد المخطط الذي يعاني من عدم التوازن بين الإنتاج والاستهلاك والإنتاج الزائد والنقص في الإنتاج.

ومع ذلك، يشهد واقع التجربة البشرية أن اقتصاد السوق لم يكن أفضل حالا من الاقتصاد المخطط بكثير. فالبلدان التي اعتمدت نظام اقتصاد السوق تواجه أزمات دورية أصبحت جزءا من المشهد الاقتصادي، ولا يبعد عنا الأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.

ولذلك، يتطلب اقتصاد السوق تدخلاً محدوداً من الدولة في الحياة الاقتصادية من خلال آليات التنظيم والتوجيه والرقابة لتحقيق الكفاءة وأفضل النتائج في الأسواق، وضمان التنافسية وحمايتها من التدخلات الخاطئة لبعض الأطراف المتدخلة.

ويكون تدخل الدولة أيضا من خلال إنجاز المشاريع الكبرى المهيكلة (البنيات التحتية، والصناعات الثقيلة، والبحث العلمي…) التي يعجز القطاع الخاص عن تنفيذها والتي تشمل آثارها الإيجابية كل الاقتصاد.وهذا الذي يفسر حضور الدولة (بتفاوت) في اقتصاد العديد من البلدان في العالم بما في ذلك بعض البلدان المتقدمة مثل ألمانيا وفرنسا واليابان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى