مغارات شعيب في منطقة تبوك
ما هي مدائن شعيب
يوجد مدائن شعيب في مدينة تبوك بالتحديد في الشمال الغربي منها، وهو مكان به عبقرية متناهية، فهو مكان يفوح منه روائح العراقة والتاريخ ويسمى هذا المكان بـ “مغاير شعيب” أو “مدائن شعيب” ويطلق عليه أيضا “مدين”. وهي المدينة التي ذكرت في القرآن الكريم، حيث قال تعالى في سورة هود بعد سورة قصة قوم لوط: “وإلىٰ مدين أخاهم شعيبا ۚ قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلٰه غيره ۖ ولا تنقصوا المكيال والميزان ۚ إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط”، فيجب على الإنسان التأمل في حقبة الأجداد التي تتراكم فيها السنوات، وتشكل الجبال المنحوتة معجزة فريدة من نوعها، وتشبه إلى حد كبير واجهات القصور في الأنباط في الحجر وهي “مدائن صالح”، ولكن “مغاير شعيب” أو “مدائن شعيب” لها خصوصية من نوع آخر.
تقع مغارات شعيب في إحدى مناطق تبوك، بالتحديد في محافظة البدع وتبعد حوالي 225 كم إلى الشمال الغربي منها. كانت مغارات شعيب من المستوطنات الزراعية التي تأسست عام 100 ق.م وحتى عام 550 ميلادية، وأجبر الجفاف الأنباط على الانتقال شمالًا لأن الجفاف استمر لمدة عشرين عامًا.
التعرف على مغارات شعيب في منطقة تبوك
واحدة من المعالم الأثرية الهامة في منطقة تبوك هي مغارات شعيب، حيث تحتوي على حوالي 16 مقبرة. إنها واحة قديمة جدا محفورة في صخور الجبال، تعود إلى العصر النبطي. تحتوي على أضرحة وكهوف منحوتة داخل الصخور، بتقنية مشابهة لتقنية حفر مدائن صالح. تتميز مغارات شعيب بوحدات معمارية مصنوعة من الأحجار وتحتوي أيضا على بئر كبيرة. إنها واحدة من أبرز المعالم الأثرية والنبطية في هذه المغارات، وتحمل نقوشا نبطية على جدرانها.
مغارات شعيب تحتوي على وحدات معمارية مصنوعة من الأحجار وتضم أيضا بئرا كبيرا؛ وهي تعد من أهم المعالم الأثرية وأبرزها. كانت هناك واجهات نبطية في هذه المغارات، وتم نقش اللحيانية النبطية على تلك الواجهات من الداخل. تشكل هذه الوحدات المعمارية دليلا واضحا على وجود عدة شعوب وأمم عاشت في هذه الواحات على مر الزمن. قال يعرب بن حسن العلي، مدير مكتب الآثار والباحث في منطقة غارات شعيب بتبوك: `منطقة شمال غرب المملكة بدأت بحضارات ما قبل التاريخ، ثم جاءت حضارة عاد وثمود في الألف الثالث قبل الميلاد، ومن ثم حضارة مدين ولحيان والأنباط والرومان والفترات الإسلامية المبكرة والمتأخرة`.
يعتبر مغارات شعيب من أهم المعالم الأثرية في منطقة البدع، حيث تتكون من مقابر جماعية منحوتة في تكوين جبلي من الصخر الرملي، تشبه واجهات المقابر النبطية في مدائن صالح والبتراء في الأردن. وتزال هذه المقابر موجودة حتى الآن. وفيما يتعلق بالبحث في السيرة النبوية، فقد ذكر الدكتور والباحث الإسلامي تنيضب الفايدي أنه يمكن وجود عدة جثث في نفس الضريح، مع فواصل بينها تحتوي على أجزاء منحوتة بأبعاد مختلفة، ويتم نحت هذه الأضرحة في أرضية التجويف وعلى جوانبها بشكل طولي، ويمكن أن تكون بعض هذه الأضرحة للأطفال والبعض الآخر كبيرة الحجم، ومن الممكن استخدام بعضها كبيوت. وتوجد تشابهات كبيرة بين هذه الأحافير في منطقة البدع ومدائن نبي الله صالح في مدينة العلا، سواء في الواجهات أو المنحوتات الداخلية، على الرغم من اختلاف الأحافير في البدع عنها في الخريبة والحجر في العلا، حيث تتميز الواجهات في جبال العلا بالدقة والمهارة. كما تحتوي منطقة البدع على العديد من الآثار المميزة، بما في ذلك الأضرحة المنحوتة في الجبال التي تعود إلى العصر النبطي، والآثار الإسلامية المبكرة
من هم قوم شعيب
ذكر في القرآن الكريم عدد من القصص العظيمة، ودائما هناك عبرة ودروس نستفيدها من هذه القصص، ومن أعظم القصص المذكورة في القرآن الكريم قصة سيدنا شعيب عليه السلام مع قومه، وهم أهل مدين، وهم قبيلة عربية سكنت في أرض معان التي تقع حاليا في الأردن، وكان أهل هذه الأرض صالحين ومؤمنين.
وبعد سنوات من الزمن، قد تغيرت الأوضاع وظهر الفساد بين أهل هذه البلدة. انتشرت الشرك بالله في الجبال وبين القبائل. أصبح الناس ينجسون أنفسهم بالمعاصي وأصبحت قلوبهم سوداء ومظلمة. وبما أن الشر أصبح كبيرا ومنتشرا، أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا شعيب عليه السلام وسانده بالآيات البينات والمعجزات. وكان أول ما دعا إليه سيدنا شعيب هو تحقيق توحيد الله والتمسك بالعقيدة والعبادة لله وحده، دون شريك. ثم حذرهم من الذنوب ونهاهم عن الفاسقات والكبائر. وذكرهم بنعم الله عليهم. وانتقل سيدنا شعيب لنشر الدعوة بينهم بلطف ونصيحة حسنة وكلمات طيبة.
وقال الله تعالى قال الله تعالى: قال يا قوم، اعبدوا الله وحده، ليس لكم إله سواه. قد جاءتكم بينة واضحة من ربكم، فأدوا الحقوق والمساويات، ولا تنقصوا حقوق الناس في ممتلكاتهم، ولا تفسدوا الأرض بعد إصلاحها. فإن ذلك هو الخير بالنسبة لكم إذا كنتم مؤمنين. ولا تعترضوا على سبيل الله وتعرضوا عن الإيمان به وتسعوا لإفساده. وتذكروا كيف كنتم قلة في الأول، ثم زادكم الله في العدد. وانظروا كيف كانت نهاية المفسدين.” والطريقة الوحيدة لهم للنجاة من العذاب والتدمير هي أن يعاقبهم الله عز وجل.
كيف هلك قوم شعيب
وكان عذاب قوم مدين عذاب شديد لأنهم قد انتهكوا حقوق قوم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام بكفرهم وضلالهم، وأيضا استمروا في تجاهلهم وتكذيبهم للنبي شعيب عليه السلام وتجاهل الدعوة التي بعث الله عز وجل بها النبي، واستهانوا بالعقاب الأليم الذي وعدهم الله به، وقالوا له: “قالوا إنما أنت من المشعوذين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأنزل علينا كارثة من السماء إن كنت من الصادقين” وقال المشركون من قومه لو اتبعتم شعيبا فإنكم لخاسرون” وعندما رأى النبي شعيب عليه السلام عزم قومه على تكذيبهم وعنادهم وعدم اعترافهم بالدعوة، دعا سيدنا شعيب ربه وقال: “ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين”، فاستجاب الله عز وجل لدعاء النبي وكان العذاب أليما وشديدا على قوم سيدنا شعيب، وجعله الله عز وجل عبرة، كما قال تعالى:
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين” تعني أنهم تأثروا بزلزال شديد وأصبحوا جاثمين في منازلهم، وهذا جاء بإرادة وقدرة الله، حيث أرسل عليهم هزة أرضية عنيفة، وأجسادهم سقطت على الأرض بدون حركة أو حياة. وبالفعل، أنزل الله عز وجل عقوبات ومصائب على قوم شعيب، سكان مدين، بأنواعها المختلفة. وقال الله عز وجل: “فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم.” إن الله عاقبهم بأول عذاب، وهو الحرارة الشديدة جدا، ولم يكن هناك هواء يمكنهم التنفس به، ولم يكن لديهم أي ملاذ في الظل ولا في المأوى. استمر الحرارة والجفاف لمدة سبعة أيام، ولم تكن المياه أو الظلال مفيدة لهم، ولم يكن لهم مأوى في الأسراب أو البيوت. فقاموا وهربوا من بيوتهم إلى البرية، واكتشفوا أنها باردة جدا، فنادى بعضهم بعضا وتجمعوا تحتها للحماية من الحرارة. ثم أرسل الله عليهم شهبا وجمرات تلتهمهم، وارتجفت الأرض تحتهم، وصدحت صيحة عالية من السماء تنزل عليهم وتزيل أرواحهم. يقول الله تعالى: “وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد.