معنى الصبا والدَّبُور
القول في معاني الصبا والدبور
الصبا والدبور هما نوعان من أنواع الرياح التي تتكون من عدة أنواع والصبا والدبور إثنان منها وتحمل أسمائها جهة الهبوب لتلك الرياح سواء من الشمال، أو من الجنوب، وفي التالي توضيح للمعاني في المعجم العربي، والقاموس
تعد كلمتي الصبا والدبور لهما عدة معان في قواميس المعاني. في المعجم الجامع، يعتبر الدبور اسما، أما الدبور فهو الفاعل من الكلمة “دبر”، ودبور في الجمع، ودبائر ودبر. الدبور أيضا يشير إلى الريح العاصفة التي تهب من المغرب. أما في قاموس المعم الوسيط، فإنها تشير إلى الريح القادمة من الغرب. أما معنى كلمة الصبا، فهي الريح التي تهب من مشرق الشمس عندما يتساوى الليل والنهار
من المعروف من المعلومات السابقة أن الصبا والدبور يعتبران نوعين مختلفين من الرياح، حيث تأتي واحدة من الشرق والأخرى من الغرب. وقد ذكرت هذه الكلمات في العصور القديمة لدى العرب، وتم ذكرها بشكل خاص في أحد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تمت الإشارة إليهما في بعض أبيات الشعر كما يلي
العرب توقفوا لفترة طويلة عند ريح الصبا، وقد استمتعوا بها في الشعر والنثر وأظهروا اهتماما كبيرا بها. قبل أن نتعمق في الموضوع، نود أن نشير إلى أن الرياح ذكرت في القرآن الكريم في العديد من المواضع، وفي الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها، قالت: `كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا عصفت الريح، كان يقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به`. رواه مسلم .
أما ما يُعرف عند العرب بـ `أمهات الريح` فهي أربعة
- ريح الشمال تعرف بالانتعاش للروح وبها النسمات العليلة .
- ريح الجنوب وهي الأمطار والأنواء .
- ريح الصبا هي التي تلقّح الأشجار والسحب ببعضها البعض .
- الدبور وهي ريح العذاب والدمار .
أما ريح الصبا، فهي الريح التي وصفها العرب بأنها تستقبل القبلة وتحمل الحنين لقبلة الكعبة، وكأنها تتوق إليها. ومن هنا سميت بريح الصبا. تأتي هذه الريح من اتجاه مطلع الثريا وتتجه مباشرة نحو قبور الأموات، وتعرف بأنها الريح الطيبة في نسيمها. يقال أيضا بأن لهذه الريح دعوة ميمونة، حيث تنبت الحصاد والأرض ببركة هذه الريح. ويقال أيضا عن ريح الصبا أنها ريح تجلب الراحة والاطمئنان عندما تلامس نفس المهموم وتكشف همومه.
أصبح اسم رياح الصبا المعروف في بلاد العرب باسم (صبا نجد)، وفي الجاهلية والإسلام، قالوا عنها رياح أبي عقيل، وذلك نسبة إلى الشاعر العربي لبيد بن ربيعة العامري، وهو واحد من أصحاب المعلقات السبع، ويقال أيضًا عنها:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه
إذا هبت رياح أبي عقيل
أشم الأنف أصيد عامري
طويل الباع كالسيف الصقيل
إذا هبت رياح أبي عقيل
دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشميا
أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا
عليها من بني حسام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا
نحرناها وأطعمنا الوفودا
فعد إن الكريم له معاد
وظني بابن أروى أن يعودا
حديث الصبا والدبور
يأتي هذا الحديث في رواية قال فيها أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا غندر عن شعبة، ثم ح وحدثني محمد بن المثنى وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، ثم حدثنا شعبة عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.
في بعض الكتب التي تناولت التفسير، يتم الإشارة إلى وجود ما يسمى بريح الصبا، وتعتبر هذه الريح التي سخرها الله لرسوله سليمان بن داود عليهما السلام، ويقال أنها تستمر لشهر في الصباح وشهر في المساء، وهي أيضا الرياح التي نصر بها الله رسوله صلى الله عليه وسلم في الغزوات التي خاضها، وذكر في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور).
تفسير الصبا والدَّبُور
يرسل الله سبحانه وتعالى دعمه الإلهي للرسل، ويدعم عباده بما يشاء وكيفما يشاء، ولذلك احتفظ الله ببعض المعجزات لبعض رسله، لتكون تلك المعجزات دليلا لأممهم وتأكيدا للنبوة ونشر الرسالة، وهذا يعتبر من أعجازات الحديث التي يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن الله نصره بالصبر.
أراد الله سبحانه وتعالى أن تأتي الريح من الشرق، ولذلك حدثت حادثة محددة عندما أرسل الله سبحانه وتعالى ريحا باردة في يوم غزوة الخندق. أرسل الله تلك الريح في إحدى الليالي على الأحزاب، حيث كان الأعداء المسلمين مجتمعين ويرغبون في حربهم. جاءت تلك الريح ودمرت خيامهم وأطفأت النار وأفسدت ما لديهم، فهزموا وانسحبوا بسبب تأثير تلك الريح.
تعد المعجزة الريح من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وهي إحدى فضائل الله على عباده المسلمين، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه على أن الريح من أسلحة الله، التي تساعد في هزيمة الأحزاب والكفار.
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم عن الدبور انها الريح التي بها هلكت عاد، خيث ارسل الله عليهم ريح من الغرب، وعلى قوم هود أرسلت كما اتى ذكرها في القرآن الكريم وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ٦ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوم، فترى القوم فيها صرعىٰ كأنهم أعجاز نخل خاوية ٧ فهل ترى لهم من باقية ٨﴾ سورة الحاقة من ٦ إلى ٨
في تفسير الصبا، يقال إنها الريح التي تأتي من الخلف عندما يتجه الإنسان نحو القبلة، والدبور هو الريح التي تأتي من الجهة المقابلة عندما يستقبل الإنسان القبلة بوجهه. وهذا يوضح أن الريح من عند الله هي سلاح يمكن أن يحمل عذابا أو رحمة للناس من ربهم، لكي يتعظ الناس ويتقبلوا الطاعة ولا يتأثروا بهذه المعجزات والظواهر الكونية إلا بالتعليم والوعي.
شعر في الصبا
قال لبيد بن ربيعة العامري
سلام به بعثت من أهوى
وان هي باتت بليل السليم
على يد ريح الصبا روح سرت
إلى مقلتي رشا بالصريم
ناشدتك الله نسيم الصبا
أين استقرت بعدنا زينب
لم تسر إلا بشذا عطرها
وإلا فماذا النفس الطيب
تهدي الصبا منها أريجا مثلما
يهدي المحب إلى الحبيب سلاما
فكأنها نفس الحبيب تضوعا
وكأن نفس المحب سقاما
وريح الصبا رقيقة ندية لطيفة
من لم يكن طبعه رقيقا
لم يدر ما لذة الصبا
وقال شاعر آخر في صباه، وهو البحتري
بَينَ أُفقِ الصَبا وَأُفقِ الدَبورِ
حَسَدٌ أَو تَنافُسٌ في الوَزيرِ
كُلَّما يُسِّرَ الرِكابُ لِأَرضٍ
أوثِرَت دونَ غَيرِها بِالحُبورِ
هِبرِزِيٌّ يُنافِسُ الشَرقَ وَالغَر
بَ سَنا ضَوءٍ وَجهِهِ المُستَنيرِ
وَنَدى كَفِّهِ الَّتي نُسِبَ الجو
دُ إِلَيها تَعاقُبَ اِبنَي سَميرِ
يا أبا الصقر، لا تحرمني من نعمتك
ئِكَ يَضفو وَزَندُ عودِكَ يوري
لَم تَزَل مُعوِزَ الشَبيهِ وَفي النا
سِ بَقايا فَضلٍ قَليلِ النَظيرِ
أَنتَ غَيثُ الغُيوثِ يَحيا بِهِ القَو
مُ إِذا أَمحَلوا وَبَحرُ البُحورِ
لا تُضامُنَّ حاجَتي وَأَبو طَلحَةَ مَن
صورُكَ الشَريفُ نَصيري
قَد تَبَرَّعتَ لي بِمالِكَ فَاِشفَعهُ
بِمالي المَوقوفِ عِندَ بَشيرِ
جُملَةً أَو صُبابَةً يَرتَضيها
سائِرٌ أُهبَةً لِهَذا المَسيرِ
وَقَليلُ النَوالُ يَنفَعُ إِن لَم
تَرَني اليَومَ مَوضِعاً لِلكَثيرِ