معنى السرائر في سورة الطارق
معنى السرائر
تختبر سرائر القلوب، ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه بعض الكلمات، التي صنفها العلماء تحت مصطلح غريب القرآن ، اعتنى فيه العلماء بتوضيح الكلمات التي تحتاج التفسير فلم يعتنوا بتفسير الكلمات الواضحة، مثل الأرض والسماء والماء وغيرها بل ركزوا على دلالة الألفاظ ، ومن الكلمات التي تعرضوا لها في التفسير كلمة السرائر، والتي لن يجدها قارئ القرآن الكريم إلا مرة واحدة في المصحف كله كما هي بشكلها السرائر ، في سورة الطارق في الآية التاسعة منها حيث قال سبحانه وتعالى (یَوۡمَ تُبۡلَى ٱلسَّرَاۤىِٕرُ) وفيما يلي تفسير كلمة السرائر في كتب التفسير الشهيرة.
تفسير السرائر في سورة الطارق
هناك عدة تفسيرات لكلمة السرائر ومن ضمنها:
معنى السرائر عند ابن كثير
في يوم القيامة، ستكشف الأسرار ويفسر معنى يوم تبلى السرائر، أي أن كل شيء سيظهر ويكون واضحا، وتصبح الأمور السرية معروفة والمخفية مدفونة في نفوس أصحابها. وفي الحديث النبوي، قيل عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كل غادر سيتم رفع له لواء عند استدعائه، وسيقال: `هذه غدرة فلان بن فلان`، أي سترفع راية تشير إلى الشخص الذي تعرض للغدر. فالغدر يكون سرا مخفيا، قد لا يعلم المتعرض للغدر به حتى يموت، ثم يأتي الله بالشخص الذي غدر به ويفضحه أمام الناس، وتظل له راية فوق رأسه تعرف به المغدورة التي تعرض للغدر في الدنيا. ومن هنا يصبح الأسرار، أي ما يخفيه الصدور، علانية
معنى السرائر في تفسير البغوي
أي ما تخفي الصدور وتظهر هنا الخفايا قال عطاء بن أبي رَبَاحٍ أن السرائِر هي فرائض الْأَعمال، منها مثلا الصوم والصلاة و ما تقتضيه الصلاة من الْوضوء والاغتسال على أثر الْجنابة، فإِنّها سريرة بين اللَّه تعَالى وبين عباده، فلو قال عبد في الدنيا أو حتى في يوم العرض على الرحمن أنه صلى وهو أمر قد لا يطلع عليه الناس حتى يعلموا صدقه من كذبه، فهو بذلك أمر مخفي .
الغرض من كلمة السرائر هو أنها تبقى سرا بين العبد وربه، وإذا قال العبد أنه صلى أو صام أو توضأ ولم يفعل ذلك فعلا، فسيظهر ذلك يوم القيامة سواء كان صحيحا أو كاذبا، وستصبح الأسرار علانية، وابن عمر يعني بقوله إن بيدي الله جميع الأسرار في يوم القيامة، ولذلك ستكون الأسرار إما زينة في وجوه الناس أو شينا في وجوههم، ومن أدى السرائر كان وجهه مشرقا في يوم القيامة، ومن ضيعها كان وجهه أغبر، والسرائر عند البغوي هي بعض العبادات التي تبقى سرا بين العبد وربه، وبدأ الله سبحانه وتعالى السورة بالقسم، سواء بالسماء أو النجم الثاقب
معنى السرائر عند الشوكاني
في تفسير الشوكاني، تعني السرائر ما يختبر ويعرف من قبل المولى، لا من قبل الخلق، وذكر الشوكاني قول الشاعر في تفسير السرائر: “كنت قبل اليوم تزدريني، فاليوم أبلوك وتبتليني”، كما استشهد بهذا الشاعر.
يعني ذلك أنني كنت أختبرك وتختبريني، وأمتحنك وتمتحنني. والسرائر هي ما يكتنز في قلوبنا من العقائد والنوايا وأمور أخرى لا يعلمها إلا رب العباد. والمقصود هنا بالسرائر هو تقديم أعمالنا لخالق الكون وكذلك نشرها. وعندئذ سيظهر الحسن والقبيح في أعمال الناس وسيظهر الجيد والسيء.
معنى السرائر عند ابن عثيمين
ويقصد بالسرائر هنا القلوب، ففي يوم القيامة سيكون الحساب بناء على حالة هذه القلوب، أما الحساب في الدنيا فيكون بناء على أفعال الأعضاء. ولذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع المنافقين كما يتعامل مع المسلمين، وكان يستأذن في قتلهم، ولكنه كان يقول للصحابة `لا يجوز للناس أن يقولوا إن محمدا يقتل أصحابه`، أي أن الناس يعتقدون أنهم من أصحاب النبي ولكنهم في الحقيقة من المنافقين. فلم يكن يقتلهم وهو يعلم أنهم منافقون. ولكن في الدنيا، يتم العمل وفقا لما يظهر، أما في يوم القيامة، فإن الحساب سيكون على الحقيقة الداخلية أو الأفعال الخفية.
والسرائر تختبر، وفي هذا مثلا قوله: أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور” في سورة [العاديات ٩]، وبناء على ذلك ينبغي على كل مسلم أن يهتم بعمل قلبه أكثر من اهتمامه بأعمال جسده، وذلك لأن أعمال الجسد تظهر بوضوح ويمكن رؤيتها، ولكن عمل القلب هو العمل الذي يتحكم فيه كل شيء، ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يحذر من الخوارج وينبه أصحابه قائلا: “يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم”، أي أن هؤلاء الخوارج يبذلون جهودا في الأعمال الظاهرة، ولكن قلوبهم فارغة، ولا يتجاوز إسلامهم حناجرهم “يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحسن البصري رحمه الله: `والله ما سبقهم أبو بكر بالصلاة والصوم، بل سبقهم بما وقر في قلبه من الإيمان`. هذا يشير بشكل كبير إلى أهمية الأفكار الخفية وإصلاح القلوب. عندما يتجلى الإيمان في القلب، ينعكس ذلك على أفعال الإنسان. ومع ذلك، العكس ليس صحيحا، فالأعمال الظاهرة قد لا تدفع الإنسان لإصلاح ما في قلبه، وتظل مظاهر فقط.
معنى السرائر عند ابن الجوزي
السرائر هي تلك التي تكون بين العبد وربه، حتى يتضح خيرها وشرها، ويظهر العمل الصالح من العمل السيئ، وفي الدنيا يمكن أن يكون الإنسان مستورا في السرائر حتى لا يدري أحد إذا صلى أو توضأ، ولكن في يوم القيامة يظهر الله كل سر، فيصبح السر زينة في الوجوه أو فضيحة ومهانة ومذلة، وقال ابن قتيبة عن السرائر يوم تتضح أنها تختبر سرائر القلوب.
معنى السرائر عند ابن القيم
– تعني السرائر سريرة الله التي تكون بينه وبين عباده خالصة لله في ظاهرها وباطنها، والإيمان وشرائع الله من السرائر التي سيتم اختبارها في يوم القيامة، حتى يظهر الخير والشر منها ويظهر من أداها ومن ضيعها، وكل ما كان خالصًا لله سيظهر كذلك.
وما يعني السرائر في سورة الطارق هو أنها تتجسد من خلال إظهارها، وتعبر عن نتائجها المتعلقة بالثواب والعقاب والحمد والذم. وعند التعبير عن الأعمال بالسر، تظهر رؤية جميلة حيث تكون الأعمال نتيجة لتلك السرائر الباطنة. فإذا كانت سريرة الإنسان خالصة لله وصالحة، فإن عمله يكون صالحا ومكافئا لتلك السريرة، وتظهر سريرته على وجهه نورا من الله وإشراقا وحياء ظاهرا. وإذا كانت سريرته فاسدة، فإن عمله يكون كذلك ومتبعا لهذه السريرة، وليس هنا مكان لصورته، فتظهر سريرته على وجهه سوادا وظلما.
وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو العمل لا السريرة فيوم القيامة تبدو عليه السريرة وما أخفت ويكون الحكم والظهور لها وفي ذلك قال الشاعر، فان لها في مضمر القلب والحشا ∗ سريرة حب يوم تبلى السرائر.
معنى السرائر عند جلال الدين السيوطي
قال السيوطي عن السرائر: `التي تخفيها من الناس وهن لله بوادٍ، داووهن بدوائهن. قيل: وما دواؤهن؟ قال: أن تتوب ثم لا تعود.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَطاءَ في قَوْلِهِ: يشير الآية “السرائر” إلى الصيام والصلاة وغسل الجنابة، وذلك حسب قول يحيى بن أبي كثير كما نقل ابن المنذر.