معلومات عن نصوص ايبلا
تعد تلك النصوص من أهم الاكتشافات في مدينة إيبلا، التي تم اكتشاف أنقاضها في شمال سوريا في الربع الأخير من القرن العشرين وفي هذه المدينة تم العثور على العديد من الألواح الحجرية المكتوبة بلغتين وهما لغة إيبلا ” اللغة الآمورية السورية القديمة”، واللغة السومرية، لم تكن الألواح الحجرية وحدها المكتشفة بل تم أيضا العثور على أول قاموس مزدوج اللغة في التاريخ، بالإضافة إلى أن معني إيبلا هو المدينة المقدسة لأن جذر “أب” تعني الأب وحرف “ل” تعني الله فيكون المعنى ” المدينة السماوية”، أو “حاضرة الله”، ومن الصدف أن هذا الاسم أطلق فيما بعد وفي العهد المسيحي على أورشليم.
نصوص إيبلا
تتكون من العديد من الألواح الطينية، حيث تم العثور على 1800 لوح طيني كامل و4700 لوح مكسور وعدة آلاف من الشظايا الأصغر في أرشيف قصر داخل مدينة إيبلا القديمة في سوريا، ويرجع ذلك إلى العلماء الأثريين الذين كشفوا عن هذه الألواح الطينية.
دائما العلماء لهم دور في الاكتشافات الثمينة والهائلة فكان هذا الحدث تم نسبه إلى الأثري الإيطالي باولو ماتييه وفريقه في عام 1974، الذين قاموا بإثارة شغف المحيطين لأنهم أشعلوا الاهتمام بحفرياتهم في تل مرديخ، وهذا التل هو موقع المدينة القديمة، بعد عشر سنوات من العمل الذي لم يلاحظه سوى أقرانهم.
على رفوف مهدمة، في الموقع الأصلي الذي تم اكتشاف الألواح فيه، تحتفظ هذه الألواح بالعديد من العلامات الطميية التي يعود تاريخ كتابتها إلى زمن فهرستها، والأمر المدهش أنها استمرت في حالتها لفترات زمنية طويلة، وتعود جميع الألواح إلى الفترة بين عام 2500 ق.م. وتدمير المدينة في عام 2250 ق.م.، وهي أكبر وأقدم مجموعة من الألواح التي تم اكتشافها حتى الآن في منطقة الشرق الأدنى القديم، وتحتفظ هذه الألواح في المتاحف السورية في حلب ودمشق وإدل.
حروف مملكة ايبلا
أحرق الملك الأكادي “نارام سين” مكتبة القصر الملكي عندما غزا المدينة، مما أدى إلى دمارها وتشويه الأرقام الطينية الأثرية التي كانت تساعد في معرفة الحقبة الزمنية التي تمتد بين عامي ٢٤٠٠ و ٢٢٥٠ قبل الميلاد، وكانت الأرقام المكتوبة بالأحرف المسمارية لغة جديدة خاصة بمملكة إيبلا وليست سومرية أو أكادية أو أي لغة معروفة، وبعد الدراسة والمقارنة تم التوصل إلى هذا الاكتشاف .
مكتبة القصر الملكي
الشيء المعروف هو وجود كتب متنوعة ونادرة في المكتبات، ويميز كل مكتبة عن الأخرى. وتتفاخر الشعوب بما تمتلكه من كتب نادرة وأمهات الكتب. ولكن مكتبة القصر الملكي تتميز بأنها تحتوي على أرشيف منظم ومنسق بشكل جيد. ويبلغ عدد الكتب فيها حوالي سبعة عشر ألفا وخمسمائة كتاب وكسرة طينية مكتوبة باللغة الإيبلائية. وتم تخصيص كل رف داخل هذه المكتبة لموضوع معين، وتتراوح أحجام الألواح ومساحتها وشكلها، من حجم إلى آخر .
مواصفات أرفف ايبلا
لم يكن من السهل التمييز بين الكتب أو الألواح الأثرية ومعرفة ما تحتويه إلا من خلال شكل الأرفف المميزة فعلي سبيل الذكر ، شكل اللوح يوحي بمضمونه، فالصلوات والأدعية كانت على ألواح مستديرة صغيرة، والأساطير على ألواح مستطيلة، والوثائق التاريخية على ألواح متوسطة ومستديرة أو مربعة مع زوايا مستديرة.
وجد الباحثون أن سجلات المكتبة تحتوي على مواضيع سياسية وثقافية واقتصادية وقانونية وفنية وعلمية ودينية ونصوص إدارية. تحتوي أيضا على تقارير عن تصدير كميات من الأثاث والمعادن والنسج واللازورد، وقوائم بأسماء أشخاص أفرضت عليهم ضرائب. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي على نصوص لغوية ومعلومات عن الطيور والأسماك وأسماء المدن والشخصيات والنصوص التشريعية والتاريخية والأوامر الملكية والمراسيم والكتب الرسمية والوثائق الزواج.
بالإضافة لفهارس لتعليم اللغة السومرية الأكادية ونصوص قواعد لغوية تشبه المعاجم، وبذلك يكون أقدم قاموس لأكثر من لغتين عثر عليه في إيبلا. وتعتبر قوانين حمورابي أقدم القوانين إلا أن قوانين إيبلا المشابهة لها وضعت قبلها، كما اكتشف في إيبلا قصيدة تعود إلى عام 2400 ق.م. وهي أقدم من قصيدة بلاد الرافدين التي تعود إلى عام 2200 ق.م.
أهمية نصوص ايبلا
لم تنظر الشعوب إلى آثارها فقط لمجرد المكسب من ورائها بل تنظر لها كتحديد أقدميتها بين الشعوب، فتعتبر الألواح ثروة معلوماتية عن سوريا وكنعان في العصر البرونزي المبكر، الذي لم يكن يعرفه الناس بدون تلك الأحجار التراثية وتشمل أول مصادر معروفة عن “الكنعانيين، “أوغاريت”، و”لبنان”، ويظهر محتوى الألواح أن إيبلا كانت مركزاً تجارياً هاماً، وكانت تركز بصفة رئيسة على السجلات الاقتصادية.
تسجل العلاقات التجارية والسياسية لإيبلا مع مدن الشام الأخرى، وتسجل أهمية المدينة وأنشطتها التصديرية. على سبيل المثال، يظهر من الألواح أن إيبلا كانت تنتج مجموعة متنوعة من الجعة، بما في ذلك واحدة تحمل اسم “إيبلا.” كما كانت إيبلا مسؤولة عن تطوير منظومة شبكة التجارة المتطورة بين المدن والدويلات في شمال سوريا، وتجمع هذه المنظمة الإقليم في مجتمع تجاري، وهذا واضح في النص.
مضمون نصوص ايبلا
هنا يعرف الجميع مقدار حجم دولته فتلك النصوص تتضمن قوائم ملوك لمدينة إيبلا، المراسم الملكية، الأوامر الملكية، والمعاهدات، تضم تلك الحفريات فهارس جغرافية بقوائم أسماء الأماكن، وتشمل نسخة لقائمة اسم المكان الموحد التي عُثر عليها أيضاً في أبو صلابيخ ” قد تكون إريش القديمة”، حيث يرجع تاريخها إلى حوالي 2600 ق.م .
والنصوص الأدبية تشمل الأناشيد والصلوات والملاحم والأمثال، بالإضافة إلى أنها تحتوي على العديد من الألواح التي تحمل النقوش السومرية والإبلاوية، مع نسخ لقوائم الكلمات ثنائية اللغة التي تعرض الكلمة ومقابلتها في اللغة الأخرى. وقد سمح هذا التركيب للباحثين المعاصرين بتوضيح فهمهم للغة السومرية في الوقت الذي كانت فيه لا تزال حية، حيث لم يكن هناك قواميس ثنائية اللغة تحتوي على اللغة السومرية ولغات أخرى قبل اكتشاف الألواح، وبالتالي، كان النطق والجوانب الصوتية الأخرى غير واضحة.
الألواح الوحيدة في إيبلا التي كتبت باللغة السومرية فقط هي القوائم المعجمية، ومن المحتمل أن تكون قد استخدمت لتدريب الكتابة. تحتوي الأرشيفات أيضا على آلاف الكتب المستنسخة، وقوائم لتعليم المصطلحات المناسبة، وألواح نقش للطلاب، مما يدل على أن إيبلا كانت مركزا تعليميا هاما متخصصا في تدريب الكتابة. بالإضافة إلى القواميس الموضوعة على أرفف منفصلة، كان هناك نظم للكتابة المقطعية للكلمات السومرية ونطقها بالإيبلاوي.
أزمة نصوص إيبلا
تسبب اكتشاف `نصوص إيبلا` في جدل واسع في هذه الحقبة. تشير هذه النصوص إلى وجود إبراهيم وداود وسدوم وعمورة بين المراجع التوراتية الأخرى. قدم جوفاني پتيناتو ادعاءات مثيرة، وتأخر نشر النصوص الكاملة، مما أدى إلى أزمة أكاديمية غير مسبوقة. زاد السياق السياسي للنزاع الإسرائيلي العربي المعاصر من حدة الجدل، وجعله جدلا حول `دليل دحض أو إثبات` المزاعم الصهيونية في فلسطين.
بينما قدمت وسائل الإعلام الأولية تقارير مشوقة حول الروابط المزعومة بين الكتاب المقدس وإبليس، استنادا إلى تخمينات وتكهنات أولية من بعض الباحثين، إلا أنها الآن مرفوضة على نطاق واسع. فقد تبين أنها مجرد “مزاعم استثنائية بلا أساس” وتضمنت كميات كبيرة من التضليل التي تم تسربها للجمهور. والرأي الحالي يتفق على أن دور إبليس في علم الآثار التوراتي محدود بالفعل.
ألواح القصر الملكي
في عام 1974، تم العثور على 42 لوحا وقطعة باللغة المسمارية في الجناح الشمالي الشرقي من القصر الملكي. وتبين من دراسة هذه اللوحات أنها تتعلق بالإدارة والمالية، وتحتوي على معلومات تاريخية واقتصادية قيمة. وتذكر إحدى اللوحات، على سبيل المثال، تسلم منسوجات من شخص ما، وكان تاريخها “سنة الحملة على گارمو.” وتحتوي هذه اللوحات على معلومات عن صناعة النسيج والحملات العسكرية، وتكرر ذكر مدن كيش وتوتول وماري فيها.
تم اكتشاف ألف لوح أثري في عام 1975 من قبل البعثة الإيطالية، وعثر على حوالي أربعة عشر ألف لوح في الجزء الغربي من القصر الملكي، بالإضافة إلى بعض القطع الأثرية في غرفة أخرى في القصر الملكي. وبذلك، تجاوز عدد الألواح والكسرات التي عثر عليها في عام 1975 الخمسة عشر ألفا، ومعظمها كانت وثائق إدارية واقتصادية تروي أحداث الدولة في ذلك الوقت .
ومن بينها قوائم بأسماء الموظفين وقوائم بالمخصصات اليومية والشهرية للأسرة المالكة ولموظفين في الدولة ولمواطنين إيبلاويين، وأيضا تم العثور على كميات من الخبز والعجة والخمر والزيت ولحم الغنم ، أيضا هناك الكثير من النصوص التي تتحدث عن الزراعة وتربية الحيوان وحفظه لفترة زمنية طويلة بدون خطورة علي سلامته وايضا نصوص تخص الصناعة والتجارة.
وتحتل النصوص التاريخية شرح وتفسيرات الأوامر والمراسيم الملكية المتبعة منذ قديم الأزل والرسائل والتقارير الحربية والمعاهدات، وأهمها المعاهدة التجارية بين إبلا وآشور، ومعاهدة السلام بين إبلا وأبرسال، التي هي أقدم معاهدة سلام في التاريخ، كما تشمل النصوص الحقوقية مجموعات قانونية وعقود ميراث وبيع وشراء وكيفية التعامل في الموروثات والحفاظ على الحقوق للغير.
بالنسبة للنصوص المعجمية، فإنها لها قيمة أثرية كبيرة، حيث تعكس المكانة الثقافية والحضارية المميزة لإيبلا وتعزز قيمتها الثقافية لدى شعبها. ومن بين تلك النصوص المعجمية توجد قوائم الرموز المسمارية ونصوص القواعد والمعاجم ذات اللغتين السومرية والإبلوية، وهي أول معاجم ثنائية اللغة المعروفة في التاريخ. كما تحتل النصوص الأدبية المركز الرابع في هذه المحفوظات، وتتضمن عشرين أسطورة، وبعضها بعدة نسخ، وتحتوي أيضا على ترانيم وابتهالات للآلهة التي تلقي ضوءا جديدا على المعتقدات الدينية في المشرق خلال الألف الثالث قبل الميلاد.
تم اكتشاف نحو 1600 لوحة أثرية في عام 1976، ويزيد العدد الإجمالي للوحات العثور عليها عن سبعة عشر ألف لوحة. تتميز هذه اللوحات بأشكال مختلفة، ولا يزال طريقة كتابتها ونقش حروفها غير معروفة حتى الآن. ربما تم كتابتها بأداة خاصة من نوع مجهول لم يتم التعرف عليه بعد، وربما كانت مصنوعة من عظام حيوانات تمتلك قرون من العاج.
حسبما ذكرت إحدى عالمات الآثار، يقدر عدد النصوص باثنتا عشرة ألف نص، وكانت تكتب اللوحات وتجفف تحت أشعة الشمس، في وقت محدد أي ساعة زمنية محددة. ومع ذلك، تعرضت الألواح الطينية المحفوظة في القصر الملكي للهلاك بسبب الحريق الكبير الذي نشب بعد هجوم نارام سين على إيبلا. وتعتبر محفوظات إيبلا أكبر المحفوظات التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويمكن مقارنتها بالمكتبات والمحفوظات الأخرى التي تعود للألفين الثاني والأول قبل الميلاد، مثل محفوظات ماري وأغاريت ومكتبات نينوى وآشو.
قيمة مخطوطات إيبلا
تعود المخطوطات التي تحمل اسم إيبلا إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويمكن مقارنتها بالمحفوظات والمكتبات الأخرى التي تعود إلى الألفين الأول والثاني قبل الميلاد لمعرفة الاختلافات بينهما، مثل محفوظات ماري وأوغاريت ومكتبات نينوى وآشور.