معلومات عن مومياء السيدة داي
سمعنا كثيرًا عن طرق التحنيط القديمة، وكيف برع فيها المصريون القدماء، وكذلك العديد من الحضارات القديمة التي أبدعت فيها، وحافظوا من خلالها على الكثير من مومياواتهم الخاصة بالملوك والملكات وأبناء الطبقات الأرستقراطية كذلك، منذ العديد من العصور القديمة وحتى الآن، وعلى الرغم من جودة طرق التحنيط المتبعة في أكثر من حضارة.
على الرغم من أننا لم نشهد مومياء تحتفظ بكل التفاصيل مثل مومياء السيدة داي، الأكثر شهرة في العالم الآن، إلا أنها تمتلك بشرة ناعمة الملمس ويمكن ثني أطرافها بسهولة، وتحتفظ بدمائها داخل الشرايين حتى الآن، وهذه أهم المعلومات عن مومياء السيدة داي أو Xin Zhui.
كيفية اكتشاف مومياء السيدة داي
عثر على قبر مومياء السيدة داي من قِبَل مجموعة من علماء ومستكشفي الآثار خلال رحلتهم الاستكشافية إلى إحدى المواقع الأثرية العتيقة في منطقة ماوانجدوي المجاورة لمدينة تشانجشا الصينية، في عام 1971.
تم الاحتفاظ بالمومياء في تابوت حريري وتم تغليفها بعشرين طبقة خارجية لحمايتها. تم دفن المومياء في أربعة توابيت مختلفة الأحجام ومحكمة الإغلاق لمنع تسرب الهواء أو الماء والتأثير على المومياء المحنطة بالداخل. تم نثر الفحم على زوايا المقبرة، وتم إغلاق فتحة النزول إلى المقبرة باستخدام الطين لمنع نمو البكتيريا في الداخل.
لم تكن تلك هي الاحتياطات الوحيدة التي اتخذت للحفاظ على المومياء، وإنما أضيف الزئبق السام إلى التابوت، في مبادرة أخرى لمنع نمو البكتيريا داخلها، وغُمر الجسد في سائل ذو حمضية قليلة لم يستطع فريق البحث التعرف عليه، وتم تفسير وجوده بأنه مادة للحفظ، وهذا ما دفع البعض لترجيح كونه ماءً من الجسد نفسه.
عقب العثور على تلك المومياء المثيرة للدهشة، قرر فريق الاستكشاف أن يتعرفوا على الحقبة الزمنية التي عاشت بها تلك السيدة، ومن أية طبقة كانت تنتمي، وكيف عاشت أيضًا، من خلال تجميع عددًا من المعلومات بشأن شكل المقبرة، والأطعمة المدفونة إلى جوار المومياء، إلا أن المومياء منحت للعلم والتاريخ ما هو أفضل من مجرد توقعات، بهذا الجسد الذي احتفظ بكل تفاصيله تقريبًا.
أكد العلماء أن جسد المرأة التي توفيت في عام 163 قبل الميلاد ويبلغ عمرها 2000 عام كان في حالة تشابه مع حالة شخص متوفي حديثًا، وقد حصلوا على عينات من شعرها ودمها وبقايا طعام من أمعائها، وكشف العلماء تفاصيل رائعة عنها.
السيدة داي وحياة الترف
كشف فحص المومياء عن هُوية تلك السيدة، والتي حملت اسم شين تشوي المترجم عن Xin Zhui، وهي سيدة ثرية من الطبقة الأرستقراطية القديمة، تنتمي إلى سلالة الهان الصينية، وكانت السيدة داي زوجة لي تسانج أو كما عُرف بالماركيز داي، مسؤول هان الرفيع المستوى، وبفحص مقبرتها تبين أن داي، قد عاشت تلك السيدة حياة غاية في الرفاهية.
حيث طُرزت ملابسها من أفخم وأغلى أنواع الحرير، إلى جانب ما امتلكته من اكسسوارات غاية في الثراء والروعة، مثل القفازات الحريرية المنقوشة والمطرزة، والتنورات ومستحضرات التجميل الفاخرة آنذاك، إلى جانب صناديق العطور والتوابل والزهور النادرة، التي كانت تأتي للأثرياء فقط من قبل.
بجانب الأدوات الموسيقية التي كانت تمتلكها أبناء الطبقة الثرية، حوت المقبرة عددًا من التماثيل النادرة لأشهر موسيقيي العصر الذي عاشوا فيه، و162 قطعة منحوتة من الخشب تمثل شخصيات موظفيها من الخدم.
أسباب وفاة السيدة داي
ساهمت جثة سيدة داي المحنطة السليمة في الحصول على معلومات مهمة حول هذه السيدة، والتي يرجح أنها توفيت في العقد الخامس من عمرها، وتبين أن فصيلة دمها هي A، وكشفت الجلطات الموجودة في شرايينها عن سبب وفاتها، وهو نوبة قلبية، كما كانت السيدة داي تعاني من بعض الأمراض الأخرى مثل ارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم وبعض أمراض الكبد وحصى المرار.
وأثناء تشريح جثة السيدة داي، عُثر في معدتها على 138 بذرة بطيخ، والتي رجح العلماء أنها كانت آخر ما تناولته قبل الإصابة بأزمة قلبية بعد دقائق قليلة. وفسروا ذلك بأن تلك البذور تستغرق ساعة للهضم، وإذا وجدت في المعدة فهذا يعني أنها لم تكن قد هضمت بعد وقوع الوفاة
يُعَد اكتشاف مومياء السيدة داي من أهم وأغرب ما حدث في المجال الأثري على مستوى العالم خلال القرن العشرين بأكمله.