معلومات عن جوهرة التاج البريطاني
أثارت جوهرة التاج البريطاني المعروفة باسم “الكوه نور”، الكثير من الجدل، حيث تطالب الهند بامتلاكها، ويعتقدون أنها كانت ملكا لهم قبل أن تستولى عليها شركة الهند الشرقية وتهديها إلى الملكة فيكتوريا لتصبح جزءا من التاج البريطاني .
تاريخ جوهرة كوه نور في الهند
كانت الهند لقرون طويلة المصدر الوحيد للماس في العالم، وذلك حتى عام 1725 عندما تم اكتشاف مناجم الماس في البرازيل، وكانت معظم الأحجار الكريمة خضراء، وبإمكانها فرزها من رمال الأنهار، وكان حكام شبه القارة الهندية يعدون أول خبراء في الألماس .
في عام 1526، غزا المغول الهند وأسسوا سلالة المغول الإسلامية، وبدأت فترة جديدة من الافتتان بالأحجار الكريمة. استولى المغول على شمال الهند لمدة 330 عاما وامتدت أراضيهم عبر الهند وباكستان وبنغلاديش وشرق أفغانستان، واستمتعوا بجبال الأحجار الكريمة التي ورثوها ونهبوها .
رغم أنه من المستحيل معرفة مصدر الكوهينور بالتحديد، فإن الأقوال تشير إلى أنه تم إنشاء عرش رائع لحاكم المغول بعنوان “عرش الطاووس” في عام 1628، وكان مزينا بالأحجار الكريمة، واستغرق بناؤه سبع سنوات. وكان هناك العديد من الأحجار الكريمة التي زينت العرش، ولكن كان هناك نوعان من الأحجار الكريمة الهائلة التي أصبحت أكثر قيمة مع مرور الزمن، وهما: تيمور روبي التي كانت الأكثر قيمة عند المغول لأنهم يحبون الأحجار الملونة، وماس الكوه نور الذي وضع في الجزء العلوي من العرش .
لمدة مائة عام بعد إنشاء عرش الطاووس، حافظت الإمبراطورية المغولية على سيطرتها في الهند وخارجها، وكانت أغنى دولة في آسيا، وكانت العاصمة دلهي موطنا لمليوني شخص، أكثر من لندن وباريس مجتمعتين، ولكن هذا الازدهار جذب انتباه حكام آسيا الوسطى الآخرين، بما في ذلك الحاكم الفارسي نادر شاه .
خلال غزو نادر شاه لولاية دلهي في عام 1739، وقعت مذبحة هائلة أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الضحايا ونفاد الخزانة، ثم غادر نادر المدينة وأخذ معه العديد من الكنوز من الذهب والمجوهرات، بما في ذلك عرش الطاووس كجزء من ثروته، ورفض ارتداء تيمور روبي وماسة كوه نور، وبقيت ماسة كوه نور بعيدة عن الهند لمدة 70 عاما، وتم تداولها بين حكام مختلفين في حروب ممتلئة بالدماء، وبعد عقود من الصراع، عادت الماسة إلى الهند ووصلت إلى يد حاكم رانجيت سينغ في عام 181 .
انتقال جوهرة كوه نور إلى بريطانيا
في بداية القرن التاسع عشر، قامت شركة الهند الشرقية البريطانية بتوسيع نفوذها الإقليمي من المدن الساحلية إلى المناطق الداخلية في شبه القارة الهندية. وفي تلك الفترة، كانت جوهرة كوه نور تعتبر رمزا للسلطة بالنسبة للحاكم، مما أثار اهتمام البريطانيين الذين رأوا أن امتلاكهم الجوهرة، بالإضافة إلى السيطرة على البلاد نفسها، سيعكس قوتهم وهيمنتهم الاستعمارية .
بعد وفاة رانجيت سينغ في عام 1839، عرف البريطانيون عن خطته لإعطاء الماس والمجوهرات الأخرى لطائفة من الكهنة الهندوس، واندلعت الصحافة البريطانية في غضب شديد، وحثت شركة الهند البريطانية على القيام بكل ما في وسعها للحصول على تلك الماسة .
لكن المستعمرين اضطروا في بادئ الأمر إلى الانتظار قليلاً خلال الفترة الفوضوية من تغيير الحاكم ، فبعد وفاة رانجيت سينغ في عام 1839 ، تولى العرش أربعة حكام مختلفين على مدار أربع سنوات ، في نهاية الفترة العنيفة ، كان الأشخاص الوحيدون الموجودين بالحكم هم صبي صغير يدعى دوليب سينج ، وأمه راني جندان ، وفي عام 1849 ، وبعد سجن جندان ، أجبر البريطانيون دوليب على التوقيع على وثيقة قانونية لتعديل معاهدة لاهور ، والتخلي عن كوه نور ، وقد كان عمر الطفل 10 سنوات فقط .
منذ ذلك الوقت، أصبح الماس ملكية خاصة للملكة فيكتوريا، وتم عرضه في المعرض الكبير Great Exposition في لندن عام 1851، ولكن تم عرضه فقط للجمهور البريطاني الذي كان غير راض عنه، وبسبب هذا الاستقبال المخيب للآمال، قام الأمير ألبرت، زوج الملكة فيكتوريا، بتجريد الماس وتقطيعه .
وفي نهاية المطاف صار جزءاً من جواهر التاج ، أولاً في تاج الملكة ألكسندرا (زوجة إدوارد السابع ، الابن الأكبرلفيكتوريا) ثم في تاج الملكة ماري (زوجة جورج الخامس) حفيد فيكتوريا) ، ثم صار الماس في عام 1937 بمقدمة التاج الذي ترتديه الملكة الأم ، زوجة جورج الرابع وأم إليزابيث الثانية ، وقد ظهرت الكوه نور للعامة لآخر مرة عام 2002 على نعش الملكة الأم في جنازتها .
الجدل حول ماسة كوه نور
تصر الحكومة الهندية وكذلك باكستان وأفغانستان على استعادة تلك الماسة، وتستند الدول الثلاثة في مطالباتها إلى التاريخ التقليدي للماسة، حيث تم اكتشافها في الهند في العصور القديمة وسرقت من قبل المهاجمين وتورثت عبر سلاسل مختلفة من الملوك والأمراء، ولم يتم ذكر الماسة في السجلات التاريخية حتى عام 1750، وكذلك الماسة الموجودة الآن ليست نفس الماسة الأكبر التي تحظى بالتبجيل والاهتمام من قبل أصحابها السابقين .
اعترف النائب الهندي والمؤرخ شاشي ثارور في كتابه بأنه يرجح عدم عودة كوهينور مرة أخرى إلى الهند، وعلى النقيض تقدم ثارور بطلب آخر يطالب بريطانيا بالاعتذار وتقديم ملايين الجنيهات كتعويض عن استعمار الهند .
ويعد البريطانيون هم أول من جعلوا من كوه نور علامة عالمية بعد أن حصلوا عليها من سينغ وعرضوها في لندن ، وقد قال المؤرخ دالريمبل : ” وصلت الماسة إلى لندن وفجأة حدث الأمر، شاهدها 6 ملايين شخص، أي ثُلث البريطانيين. وبدأ الناس في تسمية الأقلام والمطاعم باسمها. وأصبح اسم “كوهينور” علامةً تجارية ” .