معلومات عن اللغة السنسكريتية
تعد اللغة السنسكريتية هي اللغة الهندوسية القديمة، حيث تستخدم كلغة تواصل بين الآلهة. ثم انتشرت لتشمل الديانات اليهودية والبوذية والسيخية، ويتم استخدامها حتى اليوم كواحدة من 22 لغة أساسية في الهند، وتدرس كلغة رسمية ثانية في الهند. وقد تم استخدام اللغة السنسكريتية عند الآريين أيضا، وتعني كلمة “سنسكريت” الأمر الذي تم الكامل، حيث يشير الجزء الأول منها “سن” إلى كلمة “سنياك” وتعني “بالكامل”، والجزء الثاني من الكلمة “كريت” وتعني “تم”، أي أنها تماما، وهذا يفسر كيف يتم التواصل بالكامل بالسمع والبصر والقراءة، أي أنها تتجاوز حدود الكلام وتصل إلى ترجمة المشاعر
معلومات عن اللغة السنسكريتية
تلك اللغة المعقدة صاحبة الكثير من المفردات ، والتي تستخدم حتى الآن في الطقوس العقائدية والنصوص المقدسة والترانيم ، ولدت منذ 1500 – 500 عام قبل الميلاد ، خلال الفترة الفيدية ، وكان يطلق على هذه اللغة اسم ” dava vani ” وكلمة ” dava ” تعنى الآلهة ، وكلمة ” vani ” تعني لغة ، أي لغة الآلهة ، وكان المعتقد السائد آن ذاك أن هذه اللغة خلقها الإله ” brahma ” وأرسلها إلى الحكماء الذين يتخذون من السماء مساكن لهم ” rishis ” وبالتالي تواصل هؤلاء الحكماء مع تلاميذهم الموجودين في الأرض بتلك اللغة لكي يتم نشرها .
ظلت لغة الـ ” dava vani ” أو السنسكريتية لقرون طويلة معروفة شفهيًا فقط ولم يتم التعرف عليها إلا لفظيًا ، إلى أن كتبت بها التراتيل المقدسة ” Rig Vida ” في عام 2000 قبل الميلاد ، وبالفعل استطاعت اللغة السنسكريتية أن تعكس مدى نقائها الأول من خلال الوصف المثالي لقوى الطبيعة في هذه التراتيل .
لا تزال اللغة السنسكريتية محتفظة بنقائها الكامل حتى الآن، حيث لم يتم تغيير حروفها الـ 52 ولم يتم إضافة أي مفردات جديدة لها. فهي ثابتة منذ نشأتها الأولى سواء لفظيًا أو عندما اتخذت شكلها الكتابي، وظلت كما هي في نصوص الفيدا المقدسة، مثل “فيج فيدا”، و”بوراناس”، و”الأوبنشاد .
اللغة السنسكريتية الفيدية
كما ذكرنا في بداية المقال، استخدمت اللغة الفيدية السنسكريتية في الهندوسية واليانية والبوذية والسيخية، وأثبتت تميزها في الشعر القديم والدراما والعلوم والفلسفة والنصوص الدينية. كان الاعتقاد يقول إن هذه اللغة نشأت بعد ملاحظة المخارج الصوتية المتعددة في فم الإنسان، ولذلك يركز كثيرا في تشكيل اللغة على تلك المخارج الصوتية، مما يبرر غنى اللغة السنسكريتية بالشعر ذي التعبيرات الجمالية التي تنطق بطريقة تلطف الأذن. تحتوي اللغة الفيدية السنسكريتية أيضا على مصطلحات فلسفية غير موجودة في اللغات الأخرى
تتألف هذهاللغة من 26 حرفًا ساكنًا، ولهم مرونة خاصة تمكن الشخص من التعبير بدقة عن ما يريد، إذ تعتبر هذه اللغة شبيهة بالمحيط حيث يمكن التعبير عن معنى واحد بمئات الكلمات .
اللغة السنسكريتية الكلاسيكية
بدأت اللغة السنسكريتية الكلاسيكية من حيث انتهت اللغة السنسكريتية الفيدية التي كان آخر ما كُتب بها هو نصوص الـ ” الأوبانيشاد ” المقدسة ، حيث قام ” باني ” الباحث في القواعد اللغوية بإنشاء نسخة مكررة من هذه اللغة ، وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد ، أعد باني جدول من ثمانية فصول يحتوي على تحليل المعاني والمفردات وقواعد اللغة السنسكريتية وهي المرجع الوحيد حتى الآن لهذه اللغة ، ويسمى هذا الجدول بـ ” Ashtadhyayi panini ” فلم يتم تسجيل أي قواعد قبل هذا الجدول .
يحتوي جدول بانيني على 3959 قاعدة للغة السنسكريتية غير المختصرة، وشروحات مفصلة للمفردات واستخدامها وتشكيلها الخاص، وهو دليل على مرونة وغنى مفردات اللغة، حيث يحتوي على 250 كلمة لوصف هطول الأمطار، و67 كلمة لوصف المياه، و65 كلمة لوصف الأرض، وهذا الأمر غير موجود على الإطلاق في أي لغة، وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بين اللغة واللهجة الهندوسية الحالية، إلا أن السنسكريتية تعتبر اللغة المقدسة الوحيدة لجميع الأديان والعقائد في الهند الغنية بـ 5000 لغة ولكن .
القليل جدًا من الهنود الناطقين باللغة السنسكريتية اليوم ، لكنهم عادة مايعتبرونها مصدر فخر إذ تعد واحدة من 14 لغة أصلية في الدستور الهندي ، لكن باعتبارها لغة اعتمدت في تكوينها على الأصوات ، فهي تستخدم حتى الآن في التراتيل الدينية والأغاني وعبادة الله ، وخاصة في موسيقى الـ ” كارناتيك ” مثل ” bhajans ” ، ” shlokas ” ، ” stotras ” ، ” kirtanas ” .
تأثير السنسكريتة على اللغات الاخرى
نظرا لتاريخ اللغة السنسكريتية القديم والعريق، فقد أثرت بلا شك على اللغات الهندية الأخرى، وخاصة اللغة الرسمية الحالية في الهند، وغيرها من اللغات الهندية الآرية مثل الكانادا والمالايالامية. كما تأثرت اللغة الصينية التبتية بتأثيرها من خلال النصوص الدينية البوذية، وهناك أيضا اللغة التيلجو التي استمدت العديد من المفردات من السنسكريتية .
كذلك تشعبت اللغة السنسكريتية لتؤثر على لغة تايلاند وسريلانكا في الكثير من الكلمات، وأيضا تأثرت بها اللغة الرسمية الحالية في إندونيسيا وملايو، وتأثرت الفلبين قليلا بها مقارنة بتأثر اللغة الإسبانية، واللافت أن اللغة الإنجليزية الحديثة التي تعتبر من اللغات الأولى عالميا تأثرت بها، وجميعها في النهاية تندرج تحت قائمة اللغات الهندية الأوروبية
تلك اللغة التي تزخر بكلمات لا مثيل لها في أي لغة، وخاصة في الجانب الأدبي منها، بدأت كلغة بين الآلهة استخدمها البعض وخشي منها البعض الآخر بسبب اتساعها وتعقيد تفسيراتها وقواعدها. فهي لغة غنية جدا في التعبيرات، ولذلك تم استخدامها في الأعمال الأدبية النثرية، حيث لا يمكن التغلب عليها. وتم ترجمة العديد من نصوص اللغة السنسكريتية لأنها تقدم فهما هائلا للماضي الأدبي، مما يجسد الإنسانية في تلك الأوقات بدقة وجمال .
قال المؤرخ والمؤلف ويليام كوك تايلور عن اللغة السنسكريتية : تعلم واكتساب هذه اللغة يعتبر أمراً حيوياً، إذ إنها لغة لا ينضب أدبها .