حقائقزد معلوماتك

معلومات عن الظهير البربري

معروف عبر العصور أن كل مستعمر يغزو دولة أو يحتلها يؤثر فيها وفي ثقافتها بشكل قد يستمر طويلاً حتى بعد أن يرحل هذا المستعمر، فاستطاعت القوى الغربية الاستعمارية أن تجري تغييرات جذرية في التركيبة الشخصية والعقلية وطبيعة نقل الكلمات والحروف بشكل محدد في بعض الدول التي استعمرتها، ويكفي أن نشير هنا أن فرنسا الاستعمارية نجحت في مسخ الشخصية الثقافية واللغوية للمجتمعات الأفريقية التي استعمرتها وظلت ثقافتها راسخة لعقود طويلة.

لا يوجد مجتمع أفريقي اليوم دون أن تكون “اللغة الفرنسية” لغة وطنية فيه، وتجمع بين أفراده، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، إلا أن هذه الشعوب أصروا على الإسلام واللغة العربية التي أصبحت “لغة مقدسة” في وجدانهم؛ لارتباطها بالوحي والقرآن الكريم، ولم تتوقف اللغة العربية والإسلام عن المقاومة للإستعمار.

معنى الظهير البربري

يعد معنى كلمة “الظهير البربري”، هو ” المرسوم البربري”، وهو عبارة عن “قانون أصدره الاحتلال الفرنسي للمغرب”، وكان هذا المرسوم قد صدر في “17 من ذي الحجة 1340هـ/16 مايو 1930م”، ونصّ هذا الظهير “المرسوم”، على جعل إدارة المنطقة البربرية تحت سلطة الإدارة الاستعمارية، فيما تبقى المناطق العربية تحت سلطة “حكومة المخزن” والسلطان المغربي، وبناء على ذلك تم إنشاء محاكم على أساس العرف والعادة المحلية للبربر، مما ساعد ذلك في إحلال قانون العقوبات الفرنسي محل قانون العقوبات “الشريفي” المستند إلى الشريعة الإسلامية.

ومن ثم قام هذا القانون بنوعين من العزل تجاه المناطق البربرية؛ أولهما عزل الإدارة السلطانية عنهم، وعزل الشريعة الإسلامية عن التقاضي بينهم بمعنى لا دخل للشريعة في حل النزاعات ، على اعتبار أن العادات والأعراف البربرية كانت سابقة على الإسلام، وكان البربر يشكلون في هذا الوقت حوالي 45% من سكان المغرب في تلك الفترة، وينتشرون في بلاد الريف وجبال أطلس.

حقائق حول الظهير البربري

من خلال التجارب المتكررة للمستوطنين، نستنتج أنه في كل فترة زمنية نحتاج إلى الوعي التاريخي، ويجب أن ندرك ذلك بسرعة؛ لأن العديد من الأحداث التي نعيشها اليوم مرت بنا سابقا، ومثلها مثل ما عاشناه من قبل. فقد تم اعتبارنا في السابق مذاهب وأعراق وأقليات مما جعلنا نشعر بالضعف بينما شعروا بالقوة، وتحولوا إلى مستعمرين .

المعروف دائمًا أن الاستعمار سواءً كان قديمًا أو في عهده الحديث ينظر إلى الشعوب التي لا تتوافق مع حضارته نظرة “دونية” تعطيه “الحق” في أن يفعل بها ما يشاء؛ وهو ما يكشف عن ضمير استعماري متشابه، وما كانت تقوم به بعض الدول الكبرى من رعاية بعض حركات التحرر الوطني إنما كان يأتي في إطار التنافس والصراع بين هذه الدول، ومن ثم فنحن أمام “ضمير” واحد لا يعرف إلا لغة المصالح والمادة، ولا يطبق إلا “قانون الوحوش” مع الشعوب المنكوبة.

تأتي الأمة المسلمة في مقدمة الأمم الأكثر أهمية على الإطلاق في قائمة المستعمرين، حيث يترتب على حالتها الضعيفة وتراجعها أنها تمتلك القدرة على التجديد والانبعاث والمقاومة، لأنها أمة لا تعرف الموت، وذلك يرتبط بانتمائهاإلى دينها الخالص وفهمها الصحيح.

فرنسا والجزائر العربية

المستعمرون لم يكتفوا بغزو الأراضي ونهب الثروات واستعباد الشعوب المستعمرة، بل حاولوا كسر استقلالية هذه الشعوب وتدمير هويتها الثقافية والمعنوية، لتصبح هذه الشعوب أسهل في الاندماج في نظامهم الاستعماري. وعلى الرغم من أن فرنسا نجحت في أفريقيا في ذلك، إلا أن هذه السياسة فشلت نسبيا في بلاد المغرب العربي بسبب وجود الإسلام واللغة العربية والتمسك بها.

الظهير البربري والشريعة

استخدم الفرنسيون في “المغرب” عدة أساليب جاء في مقدمتها إصدار قانون عرف باسم “الظهير البربري” في (17 من ذي الحجة 1340هـ/16 مايو 1930م)، و المرسوم نصّ على جعل إدارة المنطقة البربرية تحت سلطة الإدارة الاستعمارية، فيما تبقى المناطق العربية تحت سلطة “حكومة المخزن” والسلطان المغربي.

تم إنشاء محاكم بناء على العادات والتقاليد المحلية للبربر، وتم استبدال قانون العقوبات الشريعي بقانون العقوبات الفرنسي؛ حيث استند القانون الشريف إلى الشريعة الإسلامية. وقد أدى هذا القانون إلى عزل المناطق البربرية بنوعين؛ فقد تم عزل الإدارة السلطانية عنهم، وعزل الشريعة الإسلامية عن القضايا القانونية بينهم، وذلك بناء على اعتبار أن العادات والتقاليد البربرية كانت موجودة قبل الإسلام. وكان البربر يشكلون حوالي 45% من سكان المغرب في تلك الفترة، وكانوا متواجدين في بلاد الريف وجبال أطل.

البربري وسياسته

عندما صدر القانون السابق ذكره كان ذلك ضمن سياسة فرنسية عرفت باسم “السياسة البربرية” التي ترتكز على أن البربر “الإسلام ظاهري ” غير متعمق في نفوسهم مجرد أقاويل يتناقلوها ليس أكثر من ذلك ؛ فهم ما زالوا محتفظين بكثير من عاداتهم القبلية، وهؤلاء يمكن “تمسيحهم وتنصيرهم” بعد خلق فجوة بينهم وبين العرب، ولهذا فمن الضروري على فرنسا أن تعطي فرصة لنمو مشاعر التمايز بين عنصري الأمة بعد إبعاد البربر عن الإسلام واللغة العربية، وكانت تلك الأحداث وراء فتح مدارس في المناطق البربرية لتشجيع النزعة الانعزالية، ومُنع الحديث فيها باللغة العربية بمعنى تضييع الهوية وصنع ثقافة جديدة ، ودُرّس التاريخ على أن العرب “غزاة”، وأن البربر هم أصحاب البلاد الأصليون، وأنهم قريبون من الحضارة الأوربية التي تنتمي إلى الحضارة اليونانية.

اللغات الأساسية

يجب أن تحل الفرنسية محل العربية كلغة مشتركة وكلغة حضارة، فالبربرية ليست عائقا بل هي عنصر متوازن مع العرب يمكننا استخدامه ضد حكومة المخزن، حيث يكمن دور السياسة البربرية في عزل البربر عن العرب بشكل اصطناعي، والسعي لتقريبهم منا من خلال التقاليد، فالمدارس البربرية يجب أن تكون مراكز للسياسة الفرنسية وأدوات للدعاية، بدلا من أن تكون مراكز تعليمية بالمعنى الصحيح.

قضية الظهير البربري

كان صدور “الظهير البربري” عاملاً هامًا في إيقاظ الروح الوطنية بين أهل المغرب بشكل محدد ، وتسليط الأضواء على “القضية المراكشية” فالمغاربة تمسكوا بما لم يستطع الاستعمار أن ينتزعه منهم”، حيث اصطدم هذا المرسوم مع جيل بأكمله، ونهض هذا الجيل لمواجهته، واستغل هذه المواجهة لإيقاظ النزعة التحررية، ولقد كان ظهور أول حزب مغربي بعد صدور “الظهير”؛ إذ ثار المغاربة على محاولات الاستعمار المسّ بوحدتهم الوطنية، واشتعلت حركة الاحتجاج في عدد من المدن، مثل “فاس”، و”سلا”، و”طنجة”، و”تطوان”.

التزمت الحركة الوطنية بشدة ذكائها، لأنها ربطت الأمر بالدين؛ وهو ما وفر لها احتشادًا جماهيريًا كبيرًا، لأنه دائمًا ربط الدين بأي شيء يجعله بالمقدمة كما أنها انطلقت من المسجد الكبير في “سلا” وبعد دعاء طويل لله ألا يفرق بين العرب والبربر؛ وبذلك حملت الهم الوطني إلى المسجد، فاشتعلت المظاهرات، وانضم التجار والصناع إلى المتعلمين.

العمل الوطني

تعد العمل الوطني أول تنظيم سياسي مغربي، وأصدرت منه جريدة ومجلة باسم “الشعب” في المغرب وباسم “المغرب” في باريس. كان لهما تأثيرا كبيرا في تحفيز الروح الوطنية والانتماء الإسلامي في المجتمع المغربي، واستخدمت حركة الوطنية أساليب جديدة في مقاومة الاستعمار.

وجمعوا الجميع للتواصل مع الرأي العام بالأسلوب المفهوم؛ مما أدى إلى تعزيز التضامن الشعبي، وشارك الشعب في النضال الوطني من خلال مقاطعة البضائع الفرنسية بناء على نصيحة الأمير شكيب أرسلان الذي قال: “المقاطعة هي السلاح الذي يخشاه الأوروبيون؛ فهم يضعون النقود فوق الله”، وبدأت حركة واسعة لمقاطعة البضائع الفرنسية شاركت فيها ربات البيوت، وامتنع الناس عن تدخين السجائر، واستخدام السكر الفرنسي، ورفضوا ارتداء المنسوجات الفرنسية، ونصحوا بتصعيد قضيتهم على المستوى الدولي.

السلطان محمد الخامس

ألغى السلطان محمد الخامس الظهير البربري في منتصف الخمسينيات، وتمكنت الحركة الوطنية من إفشال الأهداف الكبرى لهذا الظهير، ولكن لا تزال بعض الآثار السلبية لهذا الظهير قائمة حتى الآن في بعض جوانب الازدواجية الثقافية واللغوية بين النخبة المثقفة في المغرب.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى