معجزة الاستغفار بالاسحار
الاستغفار هو المأوى الذي يلجأ إليه المسلم في الأوقات الضيقة. عندما تتكاثر الهموم ويرغب في الراحة من عند الله، يكرر (أستغفر الله العظيم). إنها واحدة من أكثر العبادات التي ذكرها الله في آياته الكريمة. جاءت بشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمن الذي يستغفر في العديد من الأوقات بالخير الكثير. هناك من يضع وردة يومية للإستغفار، ويمكن أن يكون ذلك نوعا من استثمار الوقت أو تمرين النفس في الأعمال الصالحة. يمكنه مثلا وضع وردة ويستغفر 1000 مرة في اليوم، ومن الممكن أن يكون أقل حسب القدرة، وفي النهاية لا يعتبر فريضة.
معجزات الاستغفار بالاسحار
الاستغفار هو عبادة محببة في جميع الأوقات، ولكن الثناء على الله يكون لمن يستغفر في الثلث الأخير من الليل، المعروف أيضا بوقت السحر. فقد وصف الله تعالى أهل الجنة في الآية الكريمة: `الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار` [آل عمران:17]. وهذا الوقت هو وقت عظيم الشرف، حيث ينزل الله إلى السماء الدنيا. لذا، كان من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الله بكثرة في وقت السحر، وقد قال النبي في ذلك: `أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون من الذاكرين لله في تلك الساعة، فافعل ذلك`.
وذكرت فوائد الاستغفار في الثلث الأخير من الليل أو في وقت الإسحار حين أتى وصف الله في سورة الذاريات للمتقين، حيث قال تعالى: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون} [الذاريات: 17]، كما ذكر عن فضل الاستغفار بالأسحار قول رسولنا الكريم: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”، وذكر أيضا أن النبي يعقوب عليه السلام حين قال لبنيه: {سوف أستغفر لكم ربي} [يوسف: 98] أنه أخر الاستغفار إلى وقت السحر، فإن الدعاء وذكر الله في ذلك الوقت من أحب الأعمال عند الله
أفضل صيغ الاستغفار
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأذكار لكي يعلم الناس أفضل الصيغ حتى يرددونها عند الاستغفار منها قوله: “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: “أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ”، حيث فال الحبيب المصطفى أن من يقولها (غُفِرَ له وإنْ كان فرَّ من الزحفِ).
ومن أفضل الصيغ هو سيد الاستغفار فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهمَّ أنتَ ربِّي، لا إلَهَ إلاَّ أنتَ، خلَقتَنِي، وأنَا عبدُكَ، وأنَا على عهدِكَ ووَعدِكَ ما استَطَعتُ، أعُوذُ بكَ منْ شرِّ ما صنَعتُ، أبُوءُ لكَ بِنِعمتِكَ علَيَّ، وأبُوءُ لكَ بذَنبِي، فاغفِرْ لِي، فإنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلاَّ أَنتَ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “ومَن قالهَا منَ النَّهارِ موقِنًا بهَا فماتَ منْ يومِهِ قَبلَ أَن يمسِيَ، فهُوَ منْ أَهلِ الجَنَّةِ، ومنْ قالهَا منَ اللَّيلِ وهُوَ موقنٌ بهَا فمَاتَ قبلَ أن يصبِحَ، فهوَ منْ أهلِ الجنَّةِ”.
متى يبدأ الاستغفار بالاسحار
الإسحار هو الوقت الذي يسبق طلوع الفجر، وذُكر أنه ما بين الثلث الأخير من الليل إلى بداية مطلع الفجر، وليس له ساعة محددة بعينها، وجاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة قيام الليل في ذلك الوقت حين قال: (ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تُطفئ الذنوب مثلما يُطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل)، حيث قال الله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16].
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم بفضل وقت السحر، فهو أفضل وقت للعبادة والذكر، وساعات السحر تختلف طوال السنة، حيث يختلف طول النهار والليل حسب اختلاف الفصول، ونظرا لأن اليوم مقسم إلى 12 ساعة لكل من الليل والنهار، فذلك يعني أن وقت الإسحار في الصيف أقل منه في الشتاء، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في هذا الوقت، فيستجاب لمن يدعوه ويغفر لمن يستغفره، وعلى الرغم من أن الله اختص أماكن معينة للعبادة، إلا أنه أيضا اختص أوقاتا معينة تفضل فيها عبادته، ويوضح القرآن الكريم أن أفضل الأوقات للعبادة عند الله هي وقت جوف الليل والانفراد بين العبد وربه، وهناك العديد من الروايات التي تذكر أن الله رحم أهل الأرض من الشدة والعذاب، تكريما للذين يتعبدون ويستغفرون ربهم في ساعات الإسحار، وكذلك ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من الأصوات التي يحب الله سماعها هو صوت من يستغفرون بالإسحا.
عجائب الاستغفار
الاستغفار يحمل الكثير من الثمار والفوائد، فهو يحمل خير الدنيا والآخرة، فمن يستغفر يجد السعادة في الدنيا والنعيم في الآخرة، والذي يكرر الاستغفار كل يوم يجزيه الله ما يريد، ويعد من فوائد الاستغفار ما يلي:
- الرزق الواسع وهطول الامطار: يشير إلى أن القوم الذين كذبوا النبي نوح عليه السلام منع منهم المطر، وجعل الله العقم في أرحام بعض النساء منهم لمدة 40 عاما، وبسبب ذلك دمرت زراعتهم ومواشيهم. ثم ذهبوا إلى نوح عليه السلام يستغيثون به، وقال لهم الآية الكريمة: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}[نوح: 10 – 12]، فمن فوائد الاستغفار المذكورة في سورة نوح: أنه يزيد العبد من رزقه ويمنحه الأولاد، وهو ما يسعى إليه الإنسان في حياته، ويزوده بالثمار المتنوعة والأنهار التي يشرب منها.
-
نقاء وطهارة القلب: يجعل الاستغفار القلب صافيا من الذنوب والمعاصي. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إذا أخطأ العبد خطيئة، نكت في قلبه نقطة سوداء، فإذا هو تاب واستغفر، صقل قلبه، وإذا عاد زادت حتى تعلو قلبه). فالذنوب تجعل القلب يسود، وكلما زادت ذنوب العبد، زاد سواد قلبه، وعندما يلجأ إلى الاستغفار والتوبة، يقوم الله بتطهير قلبه وتنقيته.
-
وعد الله المستغفر بالغفران: قال الله في آيته الكريمة: `وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى` [طه: 82]. فقد أمرنا الله بالاستغفار حتى لا يخرج أحد من رحمة ربه بسبب ذنب أو وزر كبير اقترفه. وهذا يدل على لطف الله بعباده، حيث خلق العبد على علم بأنه سيخطئ في النهار والليل، ومع ذلك فتح لعبده باب المغفرة دائما.
-
الاستغفار يمنح العباد القوة: قال النبي هود عليه السلام لقومه في الآية الكريمة: `استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين`. كان قوم هود من أقوى الأمم، ووعدوا بزيادة قوتهم إذا آمنوا، فوعدهم بزيادة النعم والقوة الجسمية والقوة الإنجابية والقوة المالية. وهذا يعني أن الاستغفار يؤدي إلى جميع هذه أنواع القوة للمستغفرين.
-
الاستغفار يفرج الهموم ويزيل الكربات: في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب”، فمن يكثر من الاستغفار تفرج الله عما به من هموم، ويزيل عنه الكرب، ويحل محل أحزانه بالفرح، ويحل محل فقره بالغنى.