معجزات أجراها الله على أيدي رسله
قدم الله لكل نبي معجزة تشير إلى وحدانيته ووجوده، وأعطى الأنبياء السابقين قدرات خارقة لتكون معجزتهم ودليلا على صدقهم ولإثبات الحجة على قومهم. وكانت معجزة كل نبي تتناسب مع القوم الذين أرسلهم الله لهم، وهناك أيضا معجزات لرسل أولي العزم
معجزات الرسل
ويلاحظ أن معجزات الأنبياء السابقين كانت مقيدة بقيدين:
- الأول: تُعتبر معجزات حسية، مثل انقلاب العصا الحية، وإحياء الموتى وإبراء السقمى لسيدنا عيسى.
- الثاني: أنها محدودة الزمان والمكان.
النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء، قدمه الله بمعجزاته، حيث أعطاه الله تعالى نوعين من المعجزات:
- الأولى: معجزات حسية شهدها من عاصروه
- الثانية: القرآن الكريم هو معجزة معنوية عقلية، وهو كتاب خلده الله إلى الأبد، كما قال تعالى: `قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا` .
وبهذا يظهر لنا أن معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم امتازت عن معجزات إخوانه من الأنبياء بعظمتها وخلودها، ويثبت ذلك ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من الأنبياء نبي، إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة” قال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث: (أي معجزتي التي تحديت بها [هي] الوحي الذي أنزل علي، وهو القرآن.
معجزة محمد صلى الله عليه وسلم
خلص الله رسوله بالعديد من المعجزات، فمنها معجزات النبي محمد المتنوعة والمختلفة، وتتضمن ذلك انشقاق القمر والإسراء والمعراج ونبع الماء من بين أصابعه وحنين الجذع وإبراء المرضى، وتعتبر أعظم تلك المعجزات هي القرآن الكريم
معجزة انشقاق القمر
طلب المشركين من الرسول صلى الله عليه وسلم إظهار معجزة تثبت صدقه، وأشاروا إلى أنهم يرغبون في أن يشق القمر لهم، ووعدوه بالإيمان إذا حدث ذلك، وكانت الليلة التي طلبوا فيها ذلك تزامنت مع ليلة بدر، وهي الليلة الرابعة عشرة التي يكون فيها القمر في صورته الكاملة والأوضح، فطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الله أن يمنحهم طلبهم، فانشق القمر إلى نصفين: نصفه على جبل الصفا والنصف الآخر على جبل قيقعان المقابل.
وثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما. وبعد ذلك قريشا لم يصدقوا الرسول أيضا، وقالوا أن هذا سحر.
معجزة القرآن الكريم
القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم المعجزات في التاريخ وأبقاها على مر العصور حتى يرفعه الله تعالى إليه قبل قيام الساعة، وهو من أقوى معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم
الإعجاز والتحدي في القرآن لا يمكن أن ينكرهما إلا المتكبرون. فالقرآن معجزة في فصاحته وبلاغته وأسلوبه، وما يحتويه من إخبار عن الماضي والمستقبل البعيد.
وقد تحدى الله بهم الذين أنزل في عصرهم، وهم فصحاء الناس وبلغاؤهم أن يأتوا بكتاب مثله، فإن عجزوا فليأتوا بعشر سور مثله، فإن عجزوا فليأتوا بسورة مثله، فعجزوا عن ذلك كله وأفحموا، وبذلك وضح صدق النبي صلى الله عليه وسلم وقامت عليهم الحجة وعلى من بعدهم إلى يوم القيامة، وبرهن على أن القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم العظمى التي امتاز بها عن سائر الأنبياء.
يجب الإشارة إلى أن هناك معجزات حدثت للرسول قبل بعثته، من بينها ظهور نور الضياء في الشام أثناء وجوده في حجرة والدته، وغنى والدته أثناء الرضاعة عندما كانت حليمة السعدية، بعد أن كانت فقيرة، وكلما سار أو وقف، ظهر الخضرة حوله، وانشق صدره بواسطة الملائكة، عندما كان يبلغ من العمر خمس سنوات، ونظف قلبه من الأعمال السيئة
معجزة موسى عليه السلام
معجزات موسى عليه السلام كثيرة، منها:
العصا
وأصبحت الحية العظيمة التي أعطاها الله حياة، فابتلعت ما جاء به السحرة من السحر الذي صنعه فرعون.
اليد البيضاء
وكان يضع يده في جيبه ويخرجها بيضاء دون أن يحدث له أي ضرر، وتم ذكر هاتان الآيتان في قوله تعالى: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ) [الأعراف: 107-108].
- الآيات التي وردت في سورة الأعراف: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ) [الأعراف:133].
- وقوله تعالى: لقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمار، لعلهم يتذكرون.” [الأعراف: 130].
- وتشمل هذه الآيات، ضرب الحجر بالعصا وخروج الماء، والتظليل بالغيوم، والإنزال من السماء منًّا وسلوىً، وغيرها من الآيات.
معجزة عيسى عليه السلام
تظهر المعجزات التيأظهرها الله بيد عيسى (عليه السلام)، مثل إحياء الموتى وشفاء الأكمه والأبرص، بإذن الله، كدليل على صدق رسالته، وكتذكير بأن يهوداً كذبوا عليه واتهموه بالافتراء.
جاء في القرآن الكريم عند الحديث عن المعجزات التي أيد الله بها عيسى عليه السلام، قوله تعالى: {ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله} (آل عمران:49) وقال تعالى: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلاً وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني} (المائدة:110).
معجزة صالح عليه السلام
الناقة
أخرجها الله لقومه من الصخرة فكان من شأنها أن لها شرب يوم ولقومه شرب يوم، وفي يوم شربها يشربون من لبنها حتى عقرها أحدهم فعذبهم الله، وقال هذا في كتابه العزيز: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {الشعراء: 253-159} وقوله على لسان نبيه صالح لما قال لقومه: قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ {الأعراف: 73}، والسبب في إخراجها لهم هو أن قوم ثمود قالا لصالح ائتنا بآية إن كنت من الصادقين، فقال لهم صالح ، اخرجوا إلى هضبة من الأرض فخرجوا ، فإذاهي تتمخض كما تتمخض الحامل ، ثم انها تفرجت فخرجت من وسطها الناقة فقال لهم صالح : هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ إلى قوله لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ . قال ابن عباس كما عند القرطبي وغيره : قالوا لو كنت صادقاً فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء فتضع ونحن ننظر ، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبنا . فدعا الله وفعل الله ذلك.
معجزة إبراهيم عليه السلام
النار
بعدما رأى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن قومه لا يزالون يعبدون أصنامهم، قرر تكسير الأصنام وإقامة الحجة عليهم.
كانت عادة قومه أن يحتفلوا بعيدهم، فعندما حان عيدهم، دعوه للخروج معهم، ولكنهم لم يكنوا يعلمون بأنه يريد كسر أصنامهم، فأخبرهم أنه مريض للتخلص من الاحتفال معهم، وذلك بعبارة قالها تعالى: {فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم * فتولوا عنه مدبرين}
بعد أن ذهب قومه، أمسك بيده اليمنى فأسا وبدأ يهوي على الأصنام، يكسرها. وعندما عاد قومه من عيدهم وجدوا أصنامهم مهدمة واهتزت معتقداتهم. قالوا: `من فعل هذا بآلهتنا؟ إنه لظالم`. قالوا: `سمعنا عن فتى يذكر به، يدعى إبراهيم`. اتفقوا على استدعاء إبراهيم وجمع الناس لشهادته وسماع كلامه. قالوا: `أنت الذي فعلت هذا بآلهتنا، يا إبراهيم؟` سورة الأنبياء 62. ورد نبي الله عليهم قائلا: `بل هذا فعله كبيرهم، فاسألوهم إن كانوا ينطقون`. ليستهزء بمعتقداتهم وأصنامهم.
أراد قوم إبراهيم عليه السلام أن ينتقموا منه بسبب تكسيره لأصنامهم، وبعد أن تغلب عليهم بحجته، أرادوا أن ينتقموا منه بواسطة الملك الذي كان معهم، حيث أرادوا أن يحرقوه في نار عظيمة. وقال الله تعالى: “قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم” سورة الصافات، وقالوا: “قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين
فلما ألقي إبراهيم في النار لم تحرقه النار ولم تصبه بإذى ولا حتى أحرقت ثيابه، قال الله:{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}سورة الأنبياء. فكانت هذه النار العظيمة بَردًا وسلامًا على إبراهيم فلم تحرقه.