معاني حديث ” ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولاينزع من شيء إلا شانه “
معنى الرفق
الرفق في الأمور هو اللين والتيسير، ونقول الرفق بالإنسان. فالرفق من الصفات الحميدة والأخلاق الإسلامية، وهي من صفات الكمال. إن ربنا سبحانه وتعالى يحب أن يتصف عباده بالرفق، فهو الرفيق. حثنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام على التصف بالرفق، وقد نقلت السيدة عائشة هذا الحديث الشريف، وهو من مصدر صحيح مسلم، وحكم المحدث فيه صحيح. سنتطرق إلى هذا الحديث في هذه المقالة.
معني حديث ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولاينزع من شيء إلا شانه
قالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرفق يجمل كل شيء ولا ينزع شيئاً من جماله
معنى هذا الحديث أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه أي هو سبب لكل خير، فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن صفة الرفق لا يكون في شيء إلا وأن يكون قد زانه أي عمل على تزيينه وجعله حسناً جميلاً، ولا يُنزع من أي شيء إلا وقد شانه أي عمل على جعله قبيحاً وعابه، وإن الراوي زاد في الحديث فوصف وقال بأن السيدة عائشة قد ركبت بعيراً فكانت تعاني من صعوبة فيه فجعلت تردده أي تدفعه بشكل عنيف وقوي، فأمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تتحلى بالرفق فقال لها عليه الصلاة والسلام: عليكِ بالرفق، ثم ذكر الحديث الشريف، فكانت مناسبة هذا الحديث هو الموقف الذي رآه سيدنا محمد من السيدة عائشة عند ركوبها البعير.
إن الله رفيق يحب الرفق صحيح مسلم
فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله“، وقد نقلت السيدة عائشة عن رسولنا الكريم أنه قال: “إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه“.
شرح ابن القيم رحمه الله الحديث الشريف وأوضح أن الرفيق هو من أسماء الله سبحانه وتعالى، فهو يحب أهل الرفق ويمنحهم الأمان بالرفق، وكما ذكر سابقا، فإن معنى الرفق يتمثل في التأني في الأمور والتدرج بها، وكلمة الرفق تعكس اللين والرقة وتعني الاهتمام وعدم العنف، وهناك قصص عن الرفق بالإنسان.
الله تعالى هو رفيق في أفعاله، إذ خلق المخلوقات تدريجيا وبترتيب. وهذا يعود لحكمته العظيمة، رغم أنه يملك القدرة على خلقها جميعا في لحظة واحدة. فهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه. فهو يرحمنا ولا يلقي على عباده أعباء صعبة دفعة واحدة، بل يعمل تدريجيا معهم من حالة إلى حالة، حتى يتعودوا عليها ويتأقلموا معها ويستقيموا عليها. وهكذا فعل الله تعالى عندما حرم الخمر والربا وغيرها.
ما حكم الرفق
إن الإنسان المتأني الذي يأتي الأمور بشيء من الرفق و السكينة، ويتصف بهذه الصفة اتباعاً لسنن الله واقتداء برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام فهنا يؤجره الله وتتسير أموره وتتذلل صعابه، وخاصة إذا كان ممن يعمل على التصدي لدعوة الناس إلى الحق فهو يعمل على استشعار اللين والرفق كما قال الله تعالى{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فإن حكم الرفق واجب يجب أن تكون هذه الصفة عند كل مسلم.
نجد الله تعالى ذكر العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تحمل روح الرفق. فقد قال تعالى: `فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى`. إن هذا الكلام يتسم باللطف والسهولة، ويبتعد تماما عن الوقاحة. إذ جاء كلام الله عز وجل بالتعبير `هل` الذي يشير إلى العرض والتشاور، ويدعو إلى تزكية النفس وتنقيتها من الشوائب التي تنشأ عن الشرك. وهذا الكلام المحمل بالرفق يقبله أي شخص عاقل وسليم العقل. فالله لم يقل `أزكيك` بل قال `تزكى`، أي أنت بنفسك. ثم دعاه الله سبحانه وتعالى إلى سبيل الله وسبيل الصراط المستقيم. فالله سبحانه وتعالى هو الذي رباه وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة، والتي يجب أن ترد بالشك.
ما صفات الشخص المصلح
وإن الرفق في الحقيقة لا يعتبر أمراً يتعلق بالإستجابة لموقف محدد بحيث أن المصلح يصبر فيه ويحتسب، بل يتجلى معنى الرفق في أنه صفة عميقة في النفس، حيث أن هذه الصفة تعمل على التأثير في أصل معاملة الشخص للناس، بالإضافة إلى أنها تؤثر في طبيعة نظرة الفرد للمواقف والنتائج، فإذا تحلى الشخص بشخصية المصلح وتميز بصفة الرفق فهذا الخُلُق يكون أساسي وليس فقط مواقف معينة يلتزم فيها بالرفق، فإن الشخص المصلح يقوم بما يلي:
- يجب أن يكون خطابه مع الآخرين لطيفاً، ويختار أجمل وأحسن الكلمات والعبارات.
- يعمل على التحليبالصبر في مواجهة إيذاء الناس ويتميز بصفات العفو والصفح.
- يعمل على احترام احتياجات الناس ويحاول مساعدتهم.
- يعمل على التدرج مع الناس في مجال التعليم، ويسعى بالتالي إلى تحقيق الإصلاح الدائم بين الناس.
- تجنب كل الأمور التي قد تؤدي إلى خلافات وانقسامات بين الأشخاص.
- هو يحاول تقريب النفوس بين الناس وجمع الكلمة.
- يتجاوز المصالح الشخصية والحظوظ التي تعود بالنفع عليه، فهي في نظره أمور ضيقة.
- يعمل على تحقيق التوازن بين المصالح والمفاسد، فإذا رأى الشخص نفسه أن دعوته لها أثر فاعل في الإصلاح ولها تأثير بين الناس، فلا يتردد في ذلك، فإن الله يعطي بالرفق ما لا يعطي بالغلظة.
الرفق بالحيوان في الإسلام
لقد تميز ديننا الإسلامي في الاتصاف بالرحمة، فقد جاء بأحكام عديدة توضح حدود التعامل مع الحيوان، وإن المسلمين عرفوا الرفق بالحيوان وعملوا على تطبيقه في حياتهم كان هذا التطبيق في زمان كانت حقوق الإنسان فيه منتهكة حيث أن كان هناك الاستعباد والقهر بالإضافة إلى الوأد وغير ذلك.
يشمل الدين الإسلامي جميع الحيوانات الغير ضارة، ولم يقتصر على الوصية بحيوان معين دون غيره، وقد ورد عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديث نبوية تدل على الرفق بالحيوان، وسنذكر بعض الأمثلة التي تدل على هذا المبدأ الهام في الإسلام
- يجب أن يتعامل الإنسان مع الحيوان بما يفيده، وقد ذكر في الحديث الشريف قول سهل بن الحنظلية: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمل كان ظهره يلحق ببطنه، فقال: `اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها واستخدموها بطريقة صالحة، واطعموها بطعام صالح`. ويعني قوله `يلحق ظهره ببطنه` أنها تعاني من الجوع. ويتضح من هذا الحديث أهمية تقدير الله تعالى في التعامل مع هذه الحيوانات والبهائم التي لا تنطق بالكلام، لذلك نسأل إذا مرت بحالة جوع أو عطش أو تعب.
- يجب أن ينفق المالك على حيوانه فهنا ورد الحديث الشريف عن رسولنا الكريم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (( عُذِّبت امرأةٌ في هرَّة ربطَتْها حتى ماتت، فدخلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطعمَتْها ولا سقَتْها إذ حبسَتْها، ولا هي تركَتْها تأكل من خَشَاش الأرض )) رواه البخاري ومسلم.
- من الواجب أن نحسن المعاملة مع الحيوانات عن طريق إطعامها وإسقاطها، فهذا الأمر يساعد على مغفرة الذنوب.