مظاهر تلوث البيئة المادي والمعنوي
ما هو التلوث المادي
تمثل البيئة البيئة المحيطة التي يعيش فيها الإنسان والكائنات الحية وجميع المخلوقات. يتأثر كل منهم بالبيئة ويؤثرون فيها. بشكل عام، تتكون البيئة من عدة عناصر، بما في ذلك الماء والهواء والتربة. يشير تلوث البيئة المادي إلى التغيرات السلبية التي تحدث في أحد مكونات البيئة وتجعلها غير قابلة للتجويد والاستفادة الصحيحة. يحدث هذا التلوث نتيجة لأفعال الإنسان وسلوكياته الخاطئة أو نتيجة التغيرات الطبيعية مثل اتساع ثقب الأوزون وتأثير الأشعة فوق البنفسجية. وهناك العديد من أشكال التلوث المادي مثل تلوث الهواء والماء والتربة.
ما هو التلوث المعنوي
يتعين أولا فهم ما هو المقصود بالتلوث المعنوي الذي لا يمكن اللمس أو الشعور به ويترتب عليه آثار غير مباشرة على صحة الإنسان من الناحية الجسدية والنفسية. ومن أمثلة هذا النوع من التلوث هو التلوث الأخلاقي الذي أصبح واضحا في المجتمعات العربية والأجنبية المختلفة، وخصوصا بين فئات الشباب والأشخاص في مرحلة الشباب.
مظاهر التلوث المادي
تنقسم مظاهر التلوث البيئي المادي إلى ثلاثة مجالات رئيسية، وهي تلوث الهواء والماء والتربة، على النحو التالي:
تلوث الهواء
- يترتب على بعضاً من الأنشطة الطبيعية ارتفاع نسبة تلوث الهواء، ومن أمثلة تلك الأنشطة: حبوب اللقاح، الغبار، البراكين، وحرائق الغابات، وغيرها من الأنماط والتقلبات الجوية المختلفة مثل انقلاب انعكاس أو انقلاب درجة الحرارة (Temperature Inversion) الذي ينتج عنه تثبيت التلوث بالمنطقة نفسها.
- لا يقتصر التلوث المتعلق بالهواء على المسؤولية الطبيعية فقط، بل يتسبب التلوث الناتج عن أفعال الإنسان في تلويث البيئة أيضا ويعد مصدرا رئيسيا للتلوث.
- تعتبر استخدام المعادن الثقيلة والوقود الأحفوري من الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى تلوث الهواء نتيجة لفعل الإنسان، حيث يعتمد الصناعات وتشغيل الآلات بشكل كبير على هذه الأشياء.
- يتم الاعتماد على الفحم والوقود الأحفوري في الأفران ومحطات توليد الطاقة وأجهزة التكييف، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان.
- تؤدي تراكم النفايات وعدم التخلص منها بالطرق الصحيحة إلى إطلاق أبخرة وغازات سامة، وأحد هذه الغازات هو ثاني أكسيد الكربون.
- أظهر التقييم الخامس للجنة الدولية للتغييرات المناخية (IPCC Fifth Assessment Report) عام 2014م، أنّ قطاع الصناعة يساهم بنسبة 21% في انبعاث الغازات الدفئية.
- يُسهم قطاع إنتاج الكهرباء والحرارة بنسبة 25٪ في الانبعاثات، في حين يُسهم النقل بانبعاثات تقدر قيمتها بنسبة 14٪.
تلوث الماء
يمثل الماء المصدر الهام والرئيسي لعيش جميع من يسكن كوكب الأرض من كائنات حية، بل تعد بمثابة جزءٌ لا يتجزّأ من النظام العالمي البيئي، ولذلك يعتبر جميع ما قد يطرأ على جودة المياه أو كميتها من مشكلات سبب بالغ في قلق كافة البلدان بالعالم، ، ذلك التلوث الذي قد يلحق بالماء تعود أسبابه إلى أمرين رئيسيين وهما:
- التلوث النقطي: يحدث التلوث المحدود المصدر عندما تتداخل المواد الضارة مباشرة من مصدرها مع جزيئات الماء، ومن بين المصادر التي تسبب ذلك هي الملوثات التي يطلقها أنابيب تصريف النفايات الخاصة بأحد المصانع في مياه الأنهار.
- تلوث غير نقطي: : “يتم ترتيب مصادر التلوث غير المتمركزة (Non-Point Source) عند اختلاطها مع جزيئات الماء بطريقة غير مباشرة، مما يشير إلى أن السبب يعود إلى التغيرات البيئية أو نتيجة نقلها بطريقة ما إلى جزيئات الماء.
- تعتبر الأنشطة الحياتية المختلفة التي يقوم بها الإنسان، مثل الصناعة والزراعة، السبب الرئيسي والأكبر لتلوث المياه.
- يتم إلقاء النفايات والمواد البلاستيكية في مياه الأنهار والبحار والبحيرات، وهذا ما يسمى بتلوث التربة
يوجد ارتباط وثيق ما بين تلوّث التربة و تلوّث كلاً من الماء والهواء، ويتم تحديد ما ينجم عنها من ضرر في حالة تعرّض الإنسان للمواد السامّة الكيميائية والنفايات الخطيرة وغيرها من الملوّثات وهو ما قد يصيبه من خلال العديد من الطرق حيث قد تدخل تلك المواد إلى جسمه عن طريق (الابتلاع، الاستنشاق، والامتصاص من خلال الجلد).
نتيجة للأمور المذكورة أعلاه، يتعرض الإنسان للإصابة بأمراض متفاوتة في خطورتها، من الأمراض الجلدية والتنفسية إلى أنواع مختلفة من السرطان، بما في ذلك سرطان الجلد. ومن بين الأسباب الرئيسية لتلوث التربة الأسباب الفيزيائية
- تشمل مواد الكيميائية والمبيدات التي يستخدمها الإنسان خلال عمليات الزراعة.
- إلقاء النفايات والمخلفات بها.
- على الرغم من استخدامنا للمنتجات المشتقة من النفط، إلا أن المواد النفطية لا تصل إلى التربة عن طريق الإنسان بشكل مباشر، بل تتسرب إليها عن طريق مياه الري التي تحتوي على تلك المواد والتي نصدرها من البحيرات والأنهار الملوثة.
- قد تتلوث المياه بسبب استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة.
مظاهر التلوث المعنوي
يوجد للتلوث المعنوي العديد من المظاهر ومن أمثلتها:
- التلوّث البصري يشبه انعدام الذوق الفني واختفاء المظاهر الجميلة.
- يشمل التلوث السمعي الضوضاء واستخدام منبهات المركبات والموسيقى العالية الصوت.
- انتشار الكلام البذيء والرذائل.
- انتشار السلوكيات الخاطئة والأخلاق السيئة مثل قلة الاحترام والعري.
عواقب التلوث المادي
وبالنسبة لأخطار التلوث المادي التي تؤثر على التربة والماء والهواء، فإن تأثيرها ليس محصورًا على الإنسان فقط، بل يمتد أيضًا إلى الحيوانات والنباتات
- تشير الإحصائيات إلى أن عدد الوفيات الناجمة عنه يصل سنويًا إلى حوالي 40% من جميع أنحاء العالم.
- وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية ودراسات جامعة كورنيل، فإن زيادة عدد السكان والتدهور البيئي قد تؤدي إلى زيادة الأمراض والأضرار الصحية للإنسان.
- انتشار مرض سوء التغذية.
- يتزايد عدد الأشخاص الذين يمكنهم الإصابة بالعديد من الأمراض حول العالم، ويبلغ حوالي 4 مليارات شخص.
- تصحر الأراضي الزراعية.
- تحدث نقص الكمية المتاحة من المياه الصالحة للشرب والاستهلاك، ويؤدي هذا إلى اختلال التوازن البيئي الذي يتسبب في وفاة العديد من الكائنات الحية، سواء كانت حيوانات أو نباتات.
عواقب التلوث المعنوي
من خلال النظر إلى آثار التلوث الأخلاقي، يتضح مدى الآثارالضارة لها، وتشمل هذه الآثار على سبيل المثال لا الحصر:
- ضياع الأخلاق المجتمعية.
- انتشار الفساد والجريمة.
- ضياع المبادئ القويمة.
- التعود على السلوكيات الخاطئة في الحياة مثل التدخين وتعاطي المخدرات.
- ينبغي لنا احترام الكبار وتجنب إيذاء الآخرين بالأفعال التي تنتهك الحياء، وذلك لتجنب الابتعاد عن الدين واتباع تعاليمه.
- تؤثر الضوضاء التي تسبب إزعاجًا على الطلاب والمرضى وأولئك الذين يحتاجون إلى الراحة.
- الإصابة بالأمراض العصبية والنفسية.
كيف نحمي البيئة من التلوث المادي والمعنوي
إلى جانب دور الدولة في الحد من التلوث، يعد دور الإنسان مهما أيضا، حيث يعد أحد الأسباب والمصادر الرئيسية للتلوث في البيئة، ويمكن حماية البيئة من التلوث المادي والمعنوي من خلال العديد من الطرق
- يتم تشجيع العاملين في المصانع على الحفاظ على النظافة والبيئة من خلال تقديم حوافز مادية ومعنوية.
- تُعد القوانين والتشريعات البيئية مهمة للحفاظ على البيئة من التلوث وضمان تطبيقها بشكل صحيح.
- ينبغي تجنب إلقاء النفايات في التربة وريها بالماء النظيف غير الملوث.
- تشجع المشاركة الفردية والجماعية في نشر الوعي حول أهمية المحافظة على نظافة البيئة وتوعية الناس بمخاطر التلوث وأضراره.
- يتم الحد من انبعاث العوادم الناتجة عن استخدام الوقود.
- يجب التقليل من استخدام المواد الكيميائية الضارة في البيئة، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر المنظفات والمبيدات.
- يجب الحفاظ على نظافة الماء وكميته وتجنب إهداره.
- يجب تفادي إلقاء النفايات والمخلفات في المياه الصالحة للشرب أو الري بشكل كامل.
موقف الإسلام من التلوث المادي والمعنوي
وضع الدين الإسلامي العديد من التوجيهات والسبل التي يمكن اتباعها للحد من انتشار تلوث البيئة المادي والمعنوي ومقاومته، ومن أهم هذه التوجيهات:
- يحث على إزالة الأذى من الطريق، وذلك بناءً على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).
- من الممنوع الاغتسال بالمياه الراكدة والتبول فيها، وذلك بناءً على قول جابر رضي الله عنه: “نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البَلْل في الماء الراكد.
- يتم النهي عن إساءة استخدام الأماكن العامة، مثل رمي القمامة والنفايات في الشوارع والأماكن التي يستخدمها الناس للاستراحة.
- يتحمل الإنسان مسؤولية حماية البيئة، حيث يعتبر مستخلفًا لله تعالى في الأرض، ويجب عليه حماية مواردها من جميع أنواع التلوث والتدمير.