اقتصاد العالممال واعمال

مظاهر الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19

ما هي الرأسمالية

تعد الرأسمالية نظامًا اقتصاديًا واجتماعيًا يتميز بحرية الملكية سواء في وسائل الإنتاج أو في المبادرة والتنافس، وهي مجموعة من الآثار الخاصة التي أثرت على المجتمع والدول الأوروبية، وتعتبر واحدة من الأنظمة المرتبطة بالنظم الاقتصادية والاجتماعية.

مظاهر ازدهار الرأسمالية الأوربية

شهدت الرأسمالية الأوروبية في القرن التاسع عشر فترة ازدهار واسعة، وكانت هناك عدة عوامل أدت إلى حدوث هذا الازدهار، وتجلى ذلك بشكل واضح في انتشار أشكال التركيز الرأسمالي .

أدى هذا الازدهار إلى مجموعة من التأثيرات المتعددة التي لعبت دورًا فاعلًا في تشكيل أوروبا خلال الفترة الماضية. وهناك العديد من العوامل التي ساهمت بشكل كبير في ازدهار الرأسمالية الأوروبية، بما في ذلك:

-المظاهر التقنية : شهدت البلاد الأوروبية الغربية الثورات التقنية والصناعية، ساهم التطور الذي نتج عنها في رفع عمليات الإنتاج، وظهرت العديد من الاختراعات التي تعززت على الاتصال، مثل السفن البخارية والقاطرات والتلغرافات، وكانت هذه الاختراعات شائعة في البلدان الغربية الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا

المظاهر الكمية: نتيجة للطلبات المتكررة والملحة من جهات المقاولات الصناعية على المواد الأولية، حدث تطور في عمليات الإنتاج مع زيادة واضحة في الأسعار .

  • شهدت المؤسسات الصناعية تطورا وتجديدا، حيث كانت الصناعات في البداية محصورة في ورش العمل المنزلية قبل القرن التاسع عشر. ومن ثم، انتقلت الصناعات إلى المؤسسات العائلية في فترة تسبق وجود مصادر التمويل الخارجية. كانت هذه بداية لظهور بعض الشركات ذات الهوية المجهولة.
  •  تم تحسين عمليات البنوك حيث كانت تعمل الأبناك العائلية في الماضي على إيداع وحفظ الأموال وصرفها فقط، ولكن مع بداية القرن التاسع ظهرت المؤسسات البنكية التي تتولى مهام الاستثمار والإبداع للعملاء، وتقدم القروض للصناعيين لإكمال مشاريعهم .

التركيز الرأسمالي

يعد التركيز الرأسمالي أحد أهم جوانب النمو الاقتصادي في أوروبا، حيث يتم التركيز والتجمع والسيطرة على الأنشطة الاقتصادية بيد عدد محدود من الشركات الكبرى. يتنوع هذا التركيز وفقا لطبيعته وأهدافه، ويجب التفرقة بين الأنواع الأساسية الرئيسية لهذا التركيز

  1. التركيز الأفقي: يتمثل هذا المفهوم في دمج وتجميع المؤسسات المختلفة التي تنتج وتقدم نفس المنتج، لتصبح جميعها تحت إدارة واحدة.
  2. التركيز العمودي: هو عملية دمج عدة مؤسسات، حيث تشكل كل منها جزءًا من العملية الإنتاجية لصنع منتج معين، لتصبح بذلك سلسلة متكاملة من المؤسسات التي تنتج منتجًا واحدًا
    أدت ظاهرة التركيز الرأسمالي إلى ظهور العديد من المؤسسات الكبيرة والضخمة، ومن بينها:
  3.  الكارتيل: هو اتفاق يتم عقده بين مجموعة من المؤسسات التي تنتج مادة ما، بهدف تقليل أو وقف المنافسة بينها، مع الحفاظ على شخصية كل مؤسسة قانونيًا وماليًا.
  4.  التروست: تعد هذه المؤسسة بنيتها أو إنشائها نتيجة اندماج عدد غير محدد من المؤسسات التي تكون تحت إدارة واحدة، وبالتالي فإن كل شركة تفقد استقلاليتها الخاصة بالإضافة إلى هويتها القانونية والمالية أيضا
  5. الهولدينغ وفي معناها شركات التملك: هي مجموعة من الشركات الكبيرة والهائلة التي تقوم بشراء أسهم خاصة بشركات أخرى، سواء كانت مشابهة لها في طبيعة النشاط الاقتصادي أو غير مشابهة لها، بغض النظر عن ذلك.

تأثير الازدهار على الحياة الأوروبية

أدى ازدهار الرأسمالية الأوروبية إلى وقوع نتائج وتحولات على السكان الأوروبيين، وذلك بشكل كبير

  • أن عدد السكان في أوروبا مع بداية القرن التاسع عشر حدث لهم زيادة وارتفاع بشكل سريع جدا، وذلك بسبب زيادة معدلات الإنتاج الفلاحي والزراعي الذي بدوره قام بالقضاء على المجاعات وساعد في تحسين عمليات التغذية وتوفير المحاصيل الغذائية بالاضافة الى ان اساليب الوقاية والعلاج قد تطورت .
  • شهد سكان المدن زيادة كبيرة جدا على حساب سكان القرى، وذلك لأن المدن تستطيع استيعاب المهاجرين الذين يبحثون عن فرص عيش أفضل في ظروف مناسبة لهم، ولأن المصانع تتواجد في المدن بكثرة، فتتاح لهم فرص عمل أكثر بسهولة مما يتاح في الريف. ومن هذا السبب، ظهرت المدن المليونية في أوروبا، مثل برلين ولندن وباريس. عانت أوروبا في فترة ما من التفاوت الطبقي الواضح والظاهر الذي عانت منه طبقة ما .
  • شهدت المجتمع الأوروبي تباينا اجتماعيا واضحا بين الطبقة البرجوازية الثرية والمسيطرة والطموحة، وتتألف هذه الطبقة من رجال الصناعة الذين يمتلكون المشاريع والثروات. وتوجد طبقة أخرى تسمى البروليتاريا، وهي الطبقة العاملة التي تضم جميع أفراد الشعب. تم استغلال هذه الطبقة من قبل الطبقة البرجوازية في ظروف عمل صعبة وظروف معيشية قاسية ومزرية. تم استخدامهم دون احترام حقوقهم الإنسانية والكرامة، حيث يعملون لساعات طويلة بجهد ومعاناة وتعب مقابل أجور ضئيلة لا تعادل الجهود التي يبذلونها .
    ونتيجة لتلك المعاناة الشديدة والقحط الذي سيطر على الطبقه تواجد السبب الواضح والأكبر لدفع وتحفيز الطبقة البروليتاريا لكي يقومو بتنظيم نفسه لكي يكونو النقابات التي ترعاهم وتحفظ حقوقهم ، وبعد سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات المستمرة والمتتالية، قد أُجبرت الدول الأوربية على التدخل لكي يقومو بتحسين الأوضاع المتعلقة بهذه الطبقة المهدور حقها من خلال إصدار وتشريع مجموعة من القوانين الاجتماعية التي تتمثل في حق الإضراب، وإلزامية التعليم، وتحديد ساعات العمل التي يعملونها .

ومع ذلك، قد أحدث التطور الحادث في الرأسمالية الأوروبية خلال القرن التاسع عشر مجموعة من المشاكل إلى جانب المشاكل الاجتماعية التي كانت موجودة، فعلى سبيل المثال، هناك مجموعة أخرى من المشاكل تتعلق أساسا بكيفية التخلص من فائض الإنتاج والرأسمال، وقد يؤدي ذلك إلى تفكير أوروبا في التوسع خارج حدودها والاستيلاء على المناطق المجاورة من خلال حركات توسعية تعرف بالإمبريالية الأوروبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى