مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
العصر الجاهلي هو الفترة التي سبقت ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وكانت مميزة بالعديد من الثقافات والعادات والتقاليد المختلفة، وبعضها بقي مع الإسلام وبعضها الآخر حذف لعدم توافقه مع الدين الإسلامي، كما كانت تضم العصر الجاهلي العديد من الحضارات المختلفة .
هكذا تميزت العديد من المعتقدات في حياة الجاهلية آنذاك بالحياة البدوية والترحال المتكرر من مكان إلى آخر بحثا عن العشب والغذاء والماء. تلك الحياة خلقت شعورا بعدم الاستقرار وعدم الأمان. في عصر الجاهلية، كان هناك شعراء مهمون يتركون وراءهم ثروة من الشعر والقصائد التي تعتبر مرجعا هاما لمحبي الشعر والمتعلمين، بفضل لغتهم الفصيحة ودقة تعبيرهم عن مشاعرهم الداخلية. كان الشعر من بين المصادر الرئيسية التي يعرف من خلالها الجميع تفاصيل حياة الجاهلية، بما في ذلك وصف الشعراء للحياة آنذاك وفخرهم وأنسابهم وأصولهم .
العصر الجاهلي
هو تلك الحقبة التي كانت مسيطرة عليها الحروب، وكذلك الكفر والجهل كانت حياة الجاهليين تتشابه كثيرا مع الصراعات التي لا تنتهي مع القبائل الأخرى، وكانت العصبية القبلية هي المحرك والوقود الذي يهيمن على الموقف في ذلك الوقت، واستمرت الحروب لسنوات طويلة في دوائر لا تنتهي، وكان أصل كلمة الجاهلية من الجهالة، أي التصرف دون وعي وتفكير، واحتوى تلك الحقبة على العديد من السمات التي جعلتها من العصور الهامة التي لا يزال الجميع يلجأ إليها لمعرفة الكثير عنها ولمعرفة أيضا أهم ما يجري في تلك الحقبة
على الرغم من الاعتقادات السائدة حول العصر الجاهلي وانتشار بعض الأفكار الخاطئة مثل اشتهار البنات والزنا وغيرها من السلوكيات المخالفة، إلا أن هناك العديد من المزايا التي كان العصر الجاهلي مشهورا بها. من أهم هذه المزايا، أن العصر الجاهلي ترك أثرا واضحا في الحياة الأدبية من خلال الشعراء البارزين الذين كانوا موجودين في ذلك الوقت. كما أن الملاحم البطولية التي وقعت في العصر الجاهلي ساهمت في ظهور الشجاعة والفروسية التي لم تشهدها العصور الأخرى. على الرغم من الجهل الذي كان يميز العرب في تلك الفترة، كانوا يتمسكون بالفضائل الأخلاقية وكان يعرف عنهم أن الكرم والجود كانا من أبرز الصفات التي تميزوا بها آنذاك
مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
تركز الحياة العقلية في الغالب على المظاهر المحيطة بالعصر ذاته، والتي تساعد على إنشاء ملامح العصر من مظاهر طبيعية أو ثقافات ومعتقدات مختلفة، والتي تساهم في تطور الحضارة أو تراجعها. وتميزت الحضارة في العصر الجاهلي بالميل إلى الحياة البدوية وعدم مواكبة التطورات التي سبقتهم بها أهل الحضر. وظلت الجزيرة العربية متشبثة بعادات وتقاليد المجتمع البدوي من التفكير ونهج الحياة المتعارف عليها آنذاك، والاعتماد على بعض المعتقدات الخاطئة، مثل الاعتقاد بأن سبب مرض أحدهم هي الأرواح الشريرة التي تلتصق بجسده
في العصر الجاهلي كانت الحياة متنقلة وغير مستقرة، وكان الناس يعانون من القلق والتوتر بسبب عدم الاستقرار في أماكن معينة، ولذلك كانت الصراعات والحروب شائعة بينهم من أجل الحصول على المياه. كما كانت الأساطير والخرافات منتشرة في ذلك العصر، حيث كان الجاهليون يعتقدون أن لكل شاعر جن يلهمه بالقصائد التي يؤلفها، وكان هذا الجن يعود إلى وادي عبقر، وكان هذا الاعتقاد ينتشر بينهم
كان الجاهلي يتميز بشدة غضبه وعصبيته حتى في الأسباب البسيطة، خاصة فيما يتعلق بالكرامة والعائلة التي ينتمي إليها، وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي وراء انتشار الحروب والصراعات بينهم لعدة سنوات. كما كان الجاهلي ذكيا بشكل واضح في القصائد الشعرية التي كتبها، وذلك بسبب فصاحة اللغة العربية التي نشأت في الصحراء
الأدب الجاهلي
يعتبر العصر الذي بدأ من ظهور العصر الإسلامي وحتى نهاية العصر الجاهلي واحدا من الفترات الأساسية التي ساهمت في تطور الأدب العربي بشكل كبير، حيث كان يحتوي على أهم شعراء الأدب العربي، وكان هذا الأدب يتضمن النثر والشعر الذي حوته صدور الشعراء. لم يتم تدوين الأشعار من قبل الشعراء أنفسهم بل تم تدوينها عن طريق الرواة، ومن بين الرواة الشهيرين حماد الراوية وخلف الأحمر والأصمعي والمفضل الضبي. ويعتبر كتاب طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي والأصمعيات والمفضليات من أهم الكتب التي تضم أهم قصائد الشعر الجاهلي، ويمكن تقسيم الأدب الجاهلي إلى نوعين
الشعر
وهو ذلك الكلام الذي يتم وزنه على إحدى الأوزان المعروفة وكذلك لابد أن يكون متشابه القافية ، كذلك عرف العلماء الشعر بأنه ذلك الأمر أو الأسلوب الذي يستطيع الشاعر من خلالها التعبير عما يشعر من مشاعر وأحاسيس وخوالج مستخدما بذلك الموسيقى والأوزان الشعرية وكذلك كل من العاطفة والخيال الذي يحرك الشاعر ويساعده في كتابة تلك القصيدة .
كان الشعر له مكانة مرموقة بين أهل العصر الجاهلي، وذلك لأن الشعر كان الوسيلة الأولى التي يعبرون بها عن مشاعرهم وأفكارهم. وفي العصر الجاهلي، لم يقتصر الشعر على موضوع واحد، بل تناول جميع المواضيع مثل الفخر والحكمة والغزل والرثاء والمدح والوصف. لا يزال الشعر الجاهلي هو المرجع الأساسي للكثير من الشعراء وعشاق الشعر بشكل عام، بسبب بلاغة قائليه وفصاحته
النثر
النثر هو الكلام الذي لا يتبع وزنا أو قافية، والذي يسمح للأديب بالتعبير عن الأفكار والمعاني التي تختلج في صدره دون قيود الوزن والقافية
من أهم ما شملته النثر في العصر الجاهلي هي القصص والروايات التي كانت تنتقل من جيل إلى آخر، والتي قد تميل في بعض الأحيان إلى الخيال والأساطير المنتشرة في ذلك الوقت، وهناك نوعان من القصص وهما القصص الواقعية والخيالية، ويطلق على الشخص الذي يحكي القصة ويتحدث عنها بصفته القاص، ومن أهم ما يرغب فيه القاص هو إدماج القارئ في قصته وجعله يشعر وكأنه يعيش في تلك الأحداث بخياله
غالبا ما تكون القصة مسلية وممتعة وأحيانا تكون موجهة وتعليمية، وكان بعض الناس يستمتعون بالقصص التي تزيد من الحماس خلال الحروب والصراعات مع القبائل الأخرى، مثل قصة حرب البسوس وداحس والغبراء، ومن القصص الخيالية الشهيرة في ذلك الوقت قصة الغول التي استخدمها الشعراء في أشعارهم المختلفة