مظاهر التلاحم بين الراعي والرعية
وضع الإسلام جميع القواعد والقوانين التي تساعد في بناء مجتمع سليم يحافظ على حقوق الراعي والرعية. فكما للراعي حقوق على رعيته وهي الطاعة، حيث قال الله سبحانه وتعالى في الآية التاسعة والخمسون من سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فكذلك للرعية حقوق على الراعي، وذلك حتى يتم التلاحم فيما بينهم، ومن ثم ينهض المجتمع ويتقدم .
التلاحم بين الراعي والرعية
يشجع الإسلام على مبدأ التشاور المجتمعي بين الراعي والرعية، لأن ذلك يؤدي إلى تقريب وجهات النظر وتحقيق التلاحم بينهم، وقد ظهر ذلك في شكل نقاش عام في المسجد أثناء الخلافة، إذ تعتبر الشورى من أهم المبادئ الدستورية في الشريعة الإسلامية. وتم ذكرها في العديد من المواضع في القرآن الكريم، وعلاوة على ذلك، تم تسمية سورة في القرآن الكريم بهذا المبدأ، وهي تسمى “الشورى”، مما يدل على أهمية هذا المبدأ في كل شؤون المسلمين. يجب أن تقود الشورى النظام الكامل للدولة الإسلامية من بدايته إلى اختيار خليفة للدولة وجميع مناصبها الرئيسية، بالإضافة إلى اتصالاتها. ولذلك، يجب تنفيذه بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق المجالس المختارة أو المرشحة.
كما إن المساواة تعتبر واحدة من أسس الإسلام الأساسية ، والتي تدعو إلى عدم التفرقة بين الناس على أي أساس ، حيث قال الله سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
فالأساس الديني للحكم الإسلامي يعتمد على الشرعية القرآنية حيث تكمن العدالة كمقياس حاسم. يحتوي القرآن على العديد من الآيات التي تأمر بالعدل وتحرم الظلم، مما يشير إلى الطبيعة القضائية للحكم الإسلامي. وهذا هو السبب أيضا في تساوي الجميع أمام الشريعة الإسلامية، حيث لا توجد امتيازات لفئات اجتماعية محددة أو استثناءات لبعض المهن. حتى الحاكم في الإسلام يخضع للقانون وفقا لما يحكم به.
لتحقيق التلاحم بين الراعي والراعية، يجب عليهما العودة إلى أن السيادة تعود إلى الله وحده، وأن القانون هو مرسوم وقيادة الله. فالقانون الإسلامي له سلطة مطلقة على جميع الأفراد والحكومة الإسلامية، حيث كشفه الله تعالى وشرحه للناس عبر لسان القرآن والرسول .
حقوق الراعي والرعية في الإسلام
يهدف الإسلام إلى تحقيق علاقة متوازنة بين الراعي والرعية، وأن تكون هذه العلاقة مبنية على التعاون وتبادل الخير بينهما. ولذلك، يجب على الراعي والرعية العمل على تحقيق مصالح بعضهما البعض، والعمل معا لتحقيق هذا الهدف. وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من لم يجتهد لأمر المسلمين وينصحهم”، وكذلك قال: “لا يؤمر أحد على رجل فوق عشرة إلا سلط الله عليه يوم القيامة، فإن أوجبه أو أوثقه إثمه، فإن كان فيه خير أداءه، وإن كان فيه شر تركه
لذلك، الإسلام هو أفضل نظام اجتماعي وسياسي يمكن أن يقدم، وذلك بالمقارنة مع الأنظمة الأخرى التي تستباح وتضطهد شعوبها، والحكومات الأنانية وغير الصحية التي لا تتواصل مع شعبها على الإطلاق. لذلك، الإسلام يمثل الفكرة السياسية الأوسع والأكثر عدالة التي تدخل العالم بأسرها، ويوفر شروطا أفضل من أي شيء آخر لجميع البشر.