نعلم جميعا أن تركيا تحتضن العديد من المساجد التي تعود إلى العصور العثمانية والسلجوقية، وتتميز بأبهى عمارتها وزخارفها ودقة بنائها وجمال زخارفها والزخارف العثمانية المعقدة والدقيقة للغاية. تعتبر تركيا واحدة من أهم المواقع السياحية التاريخية في العالم، حيث تمت تلك الأرض بتعاقب الحضارات الضخمة بدءا من الحضارات القديمة قبل الميلاد وصولا إلى الحضارات الأولى، من بينها الحضارات القديمة مثل الحيثية والهلنستية والرومانية والإغريقية والبيزنطية التي اشتهرت بالتماثيل وأديرة المسيحية، وصولا إلى دخول الإسلام في مناطق تركيا الجانبية في مدينة الأنبياء يوفا التي تتميز بالتصميم المعماري المفتوح، ثم الحضارة السلجوقية التي تتميز بالجمال الفريد، وأخيرا الحضارة العثمانية الرائعة .
يتميز الطراز المعماري التركي بالفخامة والروعة، وتتميز جميع مساجد الدولة العثمانية بطراز معماري مختلف عن غيرها من المساجد، حيث يشتهر بضخامة البناء وتعقيد البناء والزخارف، بالإضافة إلى إغلاق المبنى بشكل كامل بدلا من أن تكون عبارة عن مجموعة من الأروقة المفتوحة حول ساحة مركزية. ويرجع ذلك إلى البرودة والأمطار الغزيرة المستمرة في تركيا. ومع ذلك، فإن مسجد قليج على باشا يجمع بين شكلين أو طرازين مختلفين من المعمار، حيث يجمع بين المعمار المفتوح والمغلق. بالفعل، يعتبر مسجد قليج على باشا Kılıç Ali Paşa Camii واحدا من أبرز وأهم المساجد المشهورة جدا في تركيا .
تم إقامة المسجد في القرن السادس عشر الميلادي عام 1581 في ساحة طوب هانة من قبل المعماري الشهير سنان، الذي يتميز بمهارته وفنه الفريد. يوجد في ساحة المسجد كلية تابعة للمدرسة وضريح وحمام، والمسجد يشكل الجزء الرئيسي للكلية ويقع في وسط الفناء المحاط به. بعد الحفريات التي تمت خلال أعمال الترميم في عام 1956، أصبح المسجد واحدا من النماذج المطورة لعمارة آيا صوفيا من الناحية المعمارية. يتألف المسجد من خمسة أروقة رئيسية، ويتم تشكيل سقفه من خلال سقيفة الأروقة المغطاة من ثلاثة جهات.
يأخذ المسجد شكل مستطيل. المكانة الرئيسية مغطاة بقبة قطرها 12.7 متر فقط. تم تثبيت وزن القبة على أربع درجات وتزيين المسجد بالخزف الأزرق الذي كان رائجا في القرن السادس عشر. يتألف المسجد من 147 نافذة أنيقة، بينها 24 بشكل قبة. يتواجد في المسجد المصباح البحري التاريخي الذي كان موجودا في القرن السادس عشر وتم نقله إلى المتحف البحري في عام 1948 ميلادية. أما المئذنة فهي مكونة من شرفة واحدة وتم تجديدها في بداية القرن التاسع عشر، واستخدمت فيها زخارف الباروك التي كانت مميزة للعمارة في القرن التاسع عشر. يتواجد في المسجد ضريح يتبع الكلية، ويقع في الجانب المطل على البحر. تم بناء الضريح من الحجارة بشكل مثمن. المبنى الآخر هو مدرسة تحتوي على 18 حجرة للطلاب. يوجد على الجانب الأيمن من المسجد حمام للطلاب بشكل قبة، وأيضا يوجد مصادر مياه على جدران الفناء، مما يدل على أن الفناء داخل الكلية .
من بين الديكورات الجميلة التي تزين الأقواس الجانبية والجدران الداعمة مثل مسجد آيا صوفيا والكسوة الخزفية الفاخرة، تمت عملية ترميم المسجد في عام 2011 وتحويله إلى معلم سياحي تراثي هام يتبع وزارة السياحة والآثار. يحتوي المسجد على نافورة على الطراز العثماني، وكان في الماضي يحتوي على ساحة لمخزن الأسلحة للأدميرال قليج على باشا، لكنه تم إزالته في القرن التاسع عشر. يعتبر المسجد واحدا من أجمل المساجد التي يقصدها عدد كبير من السياح والمهتمين بالآثار والباحثين والعلماء لمشاهدة الديكورات والكسوة الخزفية وتجانس التصميم المعماري الداخلي والخارجي المستوحى من القرن السادس عشر والقرن التاسع عشر.
العنوان: استانبول، كيمانكيش كاراموستافا باشا، ٣٤٤٢٥ بيوغلو/استانبول، تركيا