العالم

مستويات التحضر في العالم

يشير مصطلح التحضر إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية والنمو المادي الذي يحدث فيها. وقد توقعت الأمم المتحدة أن نسبة التحضر ستصل إلى 64.1٪ في الدول النامية و 85.9٪ في الدول المتقدمة بحلول عام 2050. يرتبط التحضر بشكل وثيق بالتحديث والصناعة والعملية الاجتماعية، ويمكن أن يصف حالة محددة في وقت معين، مثل نسبة السكان الإجمالية في المدن أو البلدات. كما يمكن أن يصف مصطلح التحضر زيادة هذه النسبة مع مرور الوقت. لذلك، فإنه من الطبيعي أن يرتبط مصطلح التحضر بمستوى التنمية الحضرية المرتبطة بنسبة السكان الإجمالية، أو يمكن أن يعبر عن معدل زيادة النسبة الحضرية .

نبذة عن ظاهرة التحضر

إن التحضر ليس مجرد ظاهرة جديدة، بل هو تحول سريع وتاريخي في الجذور الاجتماعية البشرية على نطاق عالمي. يتم استبدال الثقافة الريفية بثقافة حضرية أخرى، حيث تتميز الثقافة الريفية بالعلاقات الحميمة المشتركة والسلوك الجماعي، بينما تتميز الثقافة الحضرية بالعلاقات البعيدة والسلوك التنافسي غير المألوف. من المتوقع أن تستمر هذه الحركة غير المسبوقة للناس وتتزايد خلال العقود القليلة القادمة، مما يؤدي إلى انتشار المدن الجديدة بأحجام لم تكن موجودة قبل قرن فقط .

تشير الدراسات أن اليوم توجد الكثير من التجمعات الحضرية  في آسيا مثل التجمعات الحضرية في دكا وكراتشي ومومباي ودلهي ومانيلا وسيول وبكين حيث أنها بالفعل موطن لأكثر من 20 مليون شخص ، في حين من أنه المتوقع أن تتجاوز دلتا نهر اللؤلؤ وشنغهاي وطوكيو 40 مليون شخص خلال العقد القادم ، أما خارج آسيا فتشير الدراسات أن مكسيكو سيتي وساو باولو ونيويورك ولاجوس والقاهرة تقترب بسرعة من أكثر من 25 مليون شخص .

أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في المناطق الحضرية، وبسبب التحضر والزيادة المستمرة في عدد سكان العالم، سيتم إضافة حوالي 2.5 مليار شخص إلى سكان الحضر بحلول عام 2050، وذلك بشكل رئيسي في قارة إفريقيا وآسيا، حيث تتنوع المناطق الحضرية بشكل كبير. ومع ذلك، تواجه العديد من المدن والبلدات مشكلات مثل نقص الوظائف والتشرد وتوسع المستوطنات العشوائية وعدم كفاية الخدمات والبنية التحتية وضعف الصحة والخدمات التعليمية ومستويات التلوث العالية .

تعريف مصطلح التحضر

إن التحضر هو عملية ينتقل فيها السكان من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية مما يتيح النمو للمدن والبلدات ، كما يمكن تعريف التحضر أن أيضًا بأنه الزيادة التدريجية في عدد الأشخاص الذين يعيشون في المدن والبلدات ، ويتأثر التحضر بشدة بفكرة أن المدن والبلدات حققت إنجازات اقتصادية وسياسية واجتماعية أفضل مقارنة بالمناطق الريفية .

بناءً على ذلك يكون التحضر شائع جدًا في العالمين المتقدم والنامي حيث يميل المزيد والمزيد من الناس إلى الاقتراب من المدن والبلدات للحصول على خدمات اجتماعية واقتصادية مميزة بالإضافة إلى العديد من المزايا الاجتماعية والاقتصادية مثل التعليم الأفضل والرعاية الصحية والصرف الصحي والإسكان وفرص العمل والنقل .

ينتقل غالبية الناس إلى المدن والبلدات لأنهم ينظرون إلى المناطق الريفية على أنها أماكن تعاني من المشقة وأسلوب الحياة المتخلف البدائي ، لذلك مع انتقال السكان إلى المناطق الأكثر تقدمًا فإن النتيجة المباشرة هي التحضر ، ويساهم التحضر عادة في تطوير الأراضي لاستخدامها في العقارات التجارية ومؤسسات العمل الاجتماعي والاقتصادي والنقل والمباني السكنية .

الأسباب الرئيسية للتحضر

التصنيع

يعتبر التصنيع تحولا من الاقتصاد الزراعي التقليدي إلى اقتصاد غير زراعي جديد، ويساهم في بناء مجتمع حديث، ومن خلال الثورة الصناعية جذب المزيد من الأشخاص للانتقال من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية بسبب تحسن فرص العمل، وبالتالي زاد التصنيع من فرص العمل من خلال توفير فرص عمل في القطاعات الحديثة وتعزيز التطورات الاقتصادية .

تسويق السلع والخدمات

تلعب التجارة دورا رئيسيا في التحضر، حيث نجد أن توزيع السلع والخدمات والمعاملات التجارية في العصر الحديث أدى إلى تطوير مؤسسات تسويق حديثة وأساليب تبادل أدت بشكل كبير إلى نمو المدن والبلدات. ويأتي التسويق والتجارة مع الاعتقاد العام بأن المدن والبلدات توفر فرصا وعوائد تجارية أفضل مقارنة بالمناطق الريفية .

المزايا والخدمات الاجتماعية

هناك العديد من الفوائد الاجتماعية المرتبطة بالعيش في المدن والبلدات، وتشمل أمثلة على ذلك توفر مرافق تعليمية متفوقة ومستويات معيشية أعلى، وتحسينات في مجال الصرف الصحي والإسكان والرعاية الصحية، وتوفر مرافق ترفيهية متميزة، وتحسين في الحياة الاجتماعية بشكل عام. وبالتالي، يتزايد الطلب على الهجرة إلى المدن والبلدات من قبل المزيد والمزيد من الأشخاص الذين يسعون للاستفادة من مجموعة واسعة من المزايا والخدمات الاجتماعية التي لا تتوفر في المناطق الريفية .

زيادة فرص التوظيف

في الأماكن الحضرية والقرى، هناك فرص عمل كافية تستمر في جذب الناس من المناطق الريفية بحثا عن حياة أفضل. وبالتالي، يهاجر الناس غالبا إلى المناطق الحضرية للحصول على وظائف مدفوعة بأجور جيدة، حيث تتوفر في المناطق الحضرية فرص عمل لا تحصى في جميع قطاعات التنمية مثل الصحة العامة والتعليم والنقل والرياضة والترفيه والصناعة والتجارة. وتسهم هذه الخدمات والصناعات في زيادة الوظائف ذات القيمة المضافة العالية، مما يؤدي إلى المزيد من فرص العمل .

التغيرات في نمط المعيشة

يلعب التغيير في أنماط المعيشة دورًا مهمًا جدًا في عملية التحضر ، ونظرًا لأن المناطق الحضرية أصبحت أكثر ذكاءً في مجال التكنولوجيا جنبًا إلى جنب مع الاتصالات المتطورة للغاية والبنية التحتية والمرافق الطبية وغيرها من توافر المرافق الاجتماعية يعتقد الناس أنه يمكنهم أن يعيشوا حياة سعيدة في المدن ، وفي المناطق الحضرية يتبنى الناس أيضًا التغييرات في أنماط المعيشة وهي العادات السكنية والمواقف وارتداء الملابس والطعام والمعتقدات ، ونتيجة لذلك يهاجر الناس إلى المدن وتنمو المدن من خلال استيعاب العدد المتزايد من الناس يومًا بعد يوم .

مستويات التحضر العالمية

من المتوقع أن ترتفع نسبة سكان الحضر في العالم من 55٪ في 2020 أي حوالي 4.2 مليار نسمة إلى 68٪ بحلول عام 2050 مما يعني أن سكان الحضر في العالم سيتضاعف تقريبًا ، وبحلول عام 2100 سيعيش حوالي 85٪ من السكان في المدن مع زيادة سكان الحضر من أقل من مليار عام 1950 إلى 9 مليارات بحلول عام  2100 .

في عام 2018، كانت المناطق الأكثر تحضرا هي أمريكا الشمالية بنسبة 82٪ وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 81٪، وأوروبا بنسبة 74٪، بينما تمتلك آسيا حوالي 50٪ فقط من مستوى التحضر، على الرغم من أنها تضم 54٪ من سكان العالم الحضري، بينما يقدر معدل التحضر في أفريقيا بنسبة 43٪، وهذا يعد متوسطا عالميا متساويا مع أوروبا، حيث تشكل 13٪ من سكان المناطق الحضرية في العالم .

من المتوقع أن يرتفع مستوى التحضر في أوروبا من 74٪ اليوم إلى حوالي 75٪ في 2025 و 83.7٪ في 2050 ، ويزداد عدد سكان الحضر بشكل أسرع في المناطق النامية عن المناطق المتقدمة ، ومن المتوقع أن تكون إفريقيا أسرع منطقة حضرية مع زيادة نسبة سكان المناطق الحضرية من 43.5٪ في عام 2020 إلى 59٪ في عام 2050 .

ستكون معظم المدن الكبرى التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، والبالغ عددها 43 مدينة، في المناطق النامية بحلول عام 2030، وبحلول عام 2025 ستكون لدى الصين أكثر من 220 مدينة تتجاوز عدد سكانها المليون وستكون لها 8 مدن ضخمة تتجاوز عدد سكانها 10 ملايين. ومن المتوقع أن يصل معدل التحضر في الصين إلى نسبة 55٪ إلى 60٪، وفقا للخطة الوطنية الجديدة للتحضر التي تبلغ قيمتها 6.8 تريليون دولار .

يعيش نصف سكان العالم المدينين في مستوطنات يبلغ عدد سكانها أقل من 500000 نسمة، ومن المتوقع أن يزيد عدد السكان الحضريين بشكل كبير بحلول عام 2050، حيث يتوقع زيادة 416 مليون نسمة في الهند، و255 مليون نسمة في الصين، و189 مليون نسمة في نيجيريا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى