مراحل تطور الفلسفة الاسلامية
تعني الفلسفة البحث عن الحقيقة والمعرفة والحكمة، وقد عرفت في اللغة العربية خلال عصر الترجمة، وتميزت الفلسفة بذاتها عن جميع العلوم الأخرى، وتميل دائما إلى طرح التساؤلات في شتى المواضيع. اكتسب المسلمون معرفتهم بالفلسفة بعد الحركة الترجمية المزدهرة في العصر العباسي، وأصبحت من أهم التيارات الفكرية للعالم الإسلامي. ترتبط عوامل نشأة الفلسفة الإسلامية بمراحل تطورية مختلفة ومتقلبة.
تعريف الفلسفة الإسلامية
يحمل هذا المصطلح أكثر من معنى ؛ حيث يمكن أن يشير إلى الفلسفة المستمدة من النصوص الإسلامية، وذلك عن طريق التصورات التي يقدمها الإسلام حول الكون والخلق والحياة. كما يمكن أن يشير هذا المصطلح إلى مفهوم أوسع وأشمل من خلال إشارته إلى جميع الآراء الفلسفية المنبثقة تحت ثقافة العربية الإسلامية، والتي لا تكون بالضرورة مرتبطة بالنصوص الدينية المختلفة.
مراحل تطور الفلسفة الإسلامية
عرفت الفلسفة الإسلامية عدة مراحل منذ دخولها إلى العالم الإسلامي عن طريق الترجمة، حيث تطورت عبر المراحل المختلفة بدءًا من نشأتها ونموها ووصولها إلى مرحلة الخمول، وأهم هذه المراحل التطورية هي:
مرحلة النشأة
دخلت الفلسفة إلى العالم الإسلامي بشكل رسمي في العصر العباسي الأول، حيث شجع الخليفة المأمون حركة الترجمة، فكان يطلب الكتب والمخطوطات من الملوك لترجمتها إلى اللغة العربية، وخاصة في المجال الفلسفي. بعد ذلك، ظهرت الفلسفة داخل الحضارة الإسلامية بعد نقلها من كتب الفلسفة اليونانية، حيث استطاع المسلمون التعرف على الفلسفة اليونانية والرومانية القديمة. ظهر علم الكلام كتعبير مبدئي عن الفلسفة واستند بشكل أساسي إلى النصوص الشرعية. وكانت آراء المسلمين تختلف فيما يتعلق بهذه الفلسفة؛ حيث رفضها المتشددون، بينما اعتدل البعض منهم من خلال اعتماد ما هو صحيح ومتوافق معهم، مثل المعتزلة. وهناك أيضا أولئك الذين شغفوا بها وبدأوا في الكتابة وفقا لمنهجها، مثل الكند.
مرحلة النمو والازدهار
بدأت الفلسفة في مرحلة التطور والتعمق؛ حيث اتجهت من القضايا التي تثبت فقط بالعبادة والنقل إلى القضايا التي يمكن إثباتها بواسطة الأدلة العقلية والبراهين؛ وكانت مسألة إثبات وجود الخالق ومعرفة الله هي الحلقة التي تربط بين المرحلتين. ظهر العديد من الفلاسفة الكبار في هذه المرحلة، مثل الكندي المعروف بالمعلم الأول، والفارابي الذي أسس مدرسة فلسفية، وابن رشد الذي اعتمد في فلسفته على تحكيم العقل من خلال التجربة والمشاهدة. وقد جاء أيضا أبو حامد الغزالي ليحاول التوفيق بين العلوم الإسلامية والمنطق؛ حيث استخدم هذا المنطق في علم أصول الفقه.
مرحلة الخمول
عانت الفلسفة من الكسل بعد انتهاء العصر الذهبي للدولة الإسلامية، حيث ظهر مذهب يرفض التعمق في المسائل الدينية. اعتمد أتباع هذا المذهب على الاكتفاء بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومن بينهم أهل الحديث والعديد من الفقهاء. لا يعترفون بوجود فلاسفة إسلاميين، وينظرون إلى العلماء والفقهاء فقط. نسبوا البدعة والضلالة لكل من يشتغل بالفلسفة. ومن هنا بدأت حركة الفلسفة في التراجع، خاصة بتوسع النقد عند كبار العلماء، بما فيهم ابن تيمية، أحد أشهر علماء أهل الحديث، الذي رفض كل الأعمال الفلسفية.